اشتكى رؤساء جامعات من رفض الطلبة الالتحاق بالمدرجات. اشتكت وزيرة التربية من رفض الأساتذة الجدد الالتحاق بمناصب عملهم ومن التحاق الأساتذة القدامى بالحج عوض المدارس.
يفضل طلبة الجامعات إطالة عطلة الصيف إلى آخر الخريف. يفضل الأساتذة  الجدد وظائف أخرى ويدخلون إلى مسابقات التوظيف في قطاع التربية مضطرين لذلك يرجئون الذهاب إلى المدارس إلى غاية استنفاد فرص الذهاب إلى أماكن أخرى. و يفضل الأساتذة الذين التحقوا بمناصبهم ولم يذهبوا إلى الحج بيع الكباش وتقديم الدروس الخصوصية في المستودعات.
هدّد رؤساء الجامعات الطلبة بالترسيب وهدّدت الوزيرة الأساتذة بالفصل.
لم يسأل أحد لماذا لا يريد الطلبة العودة إلى الجامعة ولماذا يرفض الأساتذة الذهاب إلى المدارس ولماذا يحب آخرون المستودعات فيسخرونها تارة لعلف الكباش وأخرى لبيع المعرفة.
و لو شئنا تبسيط الإشكال سنصل إلى نتيجة مؤداها  أن فئة من الطلبة لا تحب الذهاب إلى الجامعة وفئة من الأساتذة لا ترغب في الذهاب إلى المدارس، بمعنى أننا أمام حالة رفض للعلم تحصيلا وتلقينا.
كان يمكن ألا تكون أخبار من هذا النوع مجرد عناوين في جرائد، لكن مرورها  بلا أثر يحيل، بدوره، إلى أن الأمر يتعلّق بظاهرة يجب فتح ورشات تفكير بشأنها: ظاهرة ازدراء العلم. وهي نتيجة تحولات اجتماعية أعادت ترتيب سلم القيّم على نحو مشؤوم يتيح الصعود السريع لفئات معفاة من المعرفة ومدجّجة بالحيّل البدائية وضليعة في الزور والبهتان.
 فحين تقف فئات من هذا النوع في مقدمة المشهد فإنها تتيح نموذجا سيئا للتقمص و التماهي  للفئات "الهشة" من ضعاف القلوب وذوي الاحتياجات.
هذا الوضع يفرز نوعين من ردود الفعل: الاحتجاج  مترجما في العنف بكل أشكاله والذي أصبح سلوكا عاديا في مجتمعنا أو الانسياق الذي تترجمه اللهفة والانتهازية وشقيقاتهما البارزات في الطبعة الجديدة المنقحة من قاموس الأمجاد.
ملاحظة
اشتكى المشتكون السابقون من عدم ذهاب من سبق ذكرهم إلى حيث كان يجب أن يذهبوا، والحق الحق أنه لا أحد في هذا البلد يذهب إلى حيث يجب!

سليم بوفنداسة

    • الخروج من حُجرة الكتابة

      خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو الذي فضّل أن يختتم الرحلة في الحجرة ذاتها التي شهدت ميلاد أبطاله، تمامًا كبطله  العجوز "بلانك" المحتجز في غرفةٍ ليُحاسب على ما...

    • قطارُ الباطل

      سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على الجامعات ومراكز البحث، سواء من حيث الاستثمارات والشراكات أو التمويل والتبرّعات التي تهدف إلى الهيمنة والسيطرة على القرار، وهو ما...

    • صعلكة

        أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي بالقوانين ولا بالمبادئ التي راكمتها الإنسانيّة في خروجها الفاشل من الصّراعات الدموية. بل إن "التصعلك" تحوّل إلى ما يشبه العرف في العلاقات الدولية،...

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى