جرت دماءُ الأقباط في البحر المتوسط، وبعدها بساعات جرت ترتيبات لتسليح مصر بأسلحة فرنسية في صفقة تجاوزت خمسة ملايير دولار.
وفي الوقت الذي كانت فيه الطائرات المصرية تقصف مواقع “الدولة الاسلامية» على الأراضي الليبية، كان وزير الدفاع الفرنسي قد وصل إلى القاهرة ليبيع طائرات رافال  وفرقاطة وصواريخ للجيش المصري، وتم اختيار يوم 5 أوت موعد تدشين مشروع توسيع قناة السويس لتسليم أولى الطائرات الفرنسية لتختلط تجارة السلاح بالرموز التاريخية. وكشفت صحيفة لوموند أمس أن مصر ستتدبر نصف الصفقة على أن تدفع نصف مليار دولار في ظرف لا يتجاوز ثلاثة أسابيع، في حين تتولى بنوك فرنسية تمويل النصف الباقي، لتعميم الفائدة على صناع السلاح والمصارف الفرنسية، لأن الصفقة، وفق ما تكشفه الصحيفة لا تتضمن نقل التكنولوجيا، أي أن فرنسا ضمنت خدمات ما بعد البيع إلى جانب جني بنوكها لفوائد قرض بمليارين ونصف المليار دولار.
 قد تكون الصدفة وحدها المسؤولة عن تزامن  جريان الدم  مع تجسيد الصفقة وقصف ليبيا كما تتمنى فرنسا، لكن الملاحظ أن فرنسا حققت مكاسب بالجملة، مباشرة بعد عملية الذبح الوحشية، في حين كانت مصر الخاسر الأكبر.
ويطرح تكرّر الصدف التساؤلات حول ما يريده "شياطين الجيوبوليتيك" بالعالم العربي، خصوصا بعد اهتدائهم إلى طريقة إشعال الحروب الدينية والمذهبية. ومن الطرافة التي نلتقطها في خطاب قتلة الدولة الإسلامية أنهم خصوا روما الصليبية بالتهديد وهم يذبحون مواطنين مصريين أبرياء. وقد يزول العجب حين نعرف أن إيطاليا التي عارضت مساعي التدخل العسكري في ليبيا تراجعت أمس عن موقفها.
نعم، ثمة ترتيبات لوضع العالم العربي تحت احتلال جديد، وقد نجحت الآلة الاستخباراتية الغربية في إشعال الحروب الدينية والطائفية في بعض الدول  ووضع دول أخرى في حالة خوف دائم من الحروب الأهلية مستفيدة من افتقاد أنظمتها للشرعية،  ومراهنة على وكيلها المعتمد الجديد "داعش" وريث القاعدة و شبيهها في توفير الحجج للغزاة.
ملاحظة
برع مخرجو داعش في تصوير المشاهد الصادمة، لكنهم افتقدوا إلى عنصر رئيسي لا يقوم  أي فن بدونه. برعوا في الإثارة وخانهم الإقناع.

سليم بوفنداسة

 

 
    • الخروج من حُجرة الكتابة

      خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو الذي فضّل أن يختتم الرحلة في الحجرة ذاتها التي شهدت ميلاد أبطاله، تمامًا كبطله  العجوز "بلانك" المحتجز في غرفةٍ ليُحاسب على ما...

    • قطارُ الباطل

      سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على الجامعات ومراكز البحث، سواء من حيث الاستثمارات والشراكات أو التمويل والتبرّعات التي تهدف إلى الهيمنة والسيطرة على القرار، وهو ما...

    • صعلكة

        أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي بالقوانين ولا بالمبادئ التي راكمتها الإنسانيّة في خروجها الفاشل من الصّراعات الدموية. بل إن "التصعلك" تحوّل إلى ما يشبه العرف في العلاقات الدولية،...

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى