تميزت السنة التي تسقط الآن من شجرة الوقت  باكتشاف موجات الجاذبية البدائية في النسيج الكوني التي تفسر فيزيائيا ميلاد الكون قبل أكثر من 13 مليار سنة، وباكتشاف الأنهار التي تجري على الكوكب الأحمر مفصحة عن حياة محتملة هناك بعد أن أصبحت الحياة لا تحتمل هنا!
و تزامن الاكتشافان مع إعلان عودة الخلافة إلى أرض العروبة والإسلام على يد أبي بكر صاحب الساعة التي شغلت الناس تماما كما شغلهم فشل وصول الثورات العربية إلى مستقرها.
لم يكن العرب في حاجة إلى اكتشاف سر نشأة الكون ، وربما كانوا في حاجة إلى إعادة اكتشاف أنفسهم فامتحنوها  في ثورات مكنت مرة أخرى الأصوليات والعسكريات من التمركز في مواقع قيادية في تعبير مؤلم على فشل تحديث وتمدين المجتمعات العربية.
هذا الوضع دفع النخب التي ركبت موجة التفاؤل إلى غربة جديدة في أوطان لم تعد أوطانا أو في المنافي  التي توفر الحلول الفردية للخارجين من الأحلام الجمعية، وسيخدم ذلك قطعا “القائمين عليها” لكنه سيحرم  المجتمعات الأصلية من ثروة العقل التي ينهبها الناهبون تماما كما ينهبون الثروات الأخرى.
وبالطبع سينمو بنيان خاطئ وينبت إنسان خاطئ  وتزهر أفكار خاطئة على هذه الأرضية التي تداولت فلحها القوى الاستعمارية والأنظمة والكيانات التي انجباها، ما يغلق الأبواب لسنوات أخرى قد تطول أمام أيتام الأمل وأيتام الحروب الذين قد يجتهدون في إحصاء الفرص الضائعة بين كل حرب وأخواتها. تشاؤم لا يمكن توقع سواه عند أي فحص للحالة العربية الآن سواء برصد مستوى المعيشة  والصحة والتعليم أو بالوقوف على “مشاريع” التنمية البشرية  أو بتأمل الأنظمة السياسية وتحليل محتوى الخطاب الإعلامي!
نعم، تقدم النخب السياسية وامتداداتها الإعلامية صورة بائسة  ومخيفة عن عن الإنسان العربي في هذا الوقت المتأخر من عمر الكون، أي بعد أكثر من 13 مليار سنة على نشأته.
ملاحظة
لولا  سخاء مؤشرات السعادة التي أنصفتنا لما وجدنا شيئا نفخر به هذا العام.

سليم بوفنداسة

 

    • قطارُ الباطل

      سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على الجامعات ومراكز البحث، سواء من حيث الاستثمارات والشراكات أو التمويل والتبرّعات التي تهدف إلى الهيمنة والسيطرة على القرار، وهو ما...

    • صعلكة

        أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي بالقوانين ولا بالمبادئ التي راكمتها الإنسانيّة في خروجها الفاشل من الصّراعات الدموية. بل إن "التصعلك" تحوّل إلى ما يشبه العرف في العلاقات الدولية،...

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى