حولت صانعة المحتوى ابنة الجنوب الجزائري، نورة مهرية، حسابها على «الآنستغرام» إلى ألبوم سياحي يُعرِّف بثقافة الجنوب الجزائري، ويوثق صورا لأهم المعالم السياحية والأثرية هناك، كما تستغل مهرية تواجدها خارج الجزائر فضلا عن رحلاتها إلى بلدان مختلفة والتقائها بزوار وسياح من مختلف دول العالم، لتروج للتنوع الثقافي والتراثي بالجزائر من لهجة، عادات وتقاليد، لباس وأطباق.

إيناس كبير

وتطل نورة على متابعيها عبر «فيديوهات» أخرى قصيرة، مخضبة يديها بالحناء، ترتدي «ملحفة» وهي لباس تقليدي تشتهر به ولايات الجنوب الجزائري، مرفقة إياها بحلي فضي خاص، فتنقل المتابع إلى أجواء صحرواية خالصة، وكأنه يستمع إلى أميرة تطل عليه من بين واحات النخيل لتحكي له عن قصور الصحراء المهجورة، أو قصة عن مكان مشهور في إحدى الولايات الجنوبية، ثم تأسر عقله داخل إحدى حكايات «سيفار» المدينة الجزائرية العجيبة التي أذهلت العالم وجعلته يؤلف قصصا غريبة حول سكانها الأصليين إن كانوا بشرا أم جان، فضلا عن عمر صخورها وتاريخ تواجدها على الأرض.
مسؤولية التعريف بتراث الجنوب الجزائري تقع على عاتق أبنائه
انطلقت نورة مهرية في مهمة التعريف بالجنوب الجزائري من مبدأ أن شباب المنطقة هو المسؤول عن الترويج لها، والتعريف بها بدل انتظار الآخرين لتسليط الضوء عليها، والتحجج بعبارات من قبيل أن «الجنوب مهمش»، وعقبت قائلة «أقولها دائما لا تنتظر الآخرين أن يتحدثوا عن منطقتك، أنت الذي يجب أن تُخرجها إلى النور، وهو جزء من مهمتك لبناء بلدك باعتبار أن الجزائر كلها كتلة واحدة».
وتركز صانعة المحتوى على إبراز التنوع الثقافي والحضاري بالمنطقة، لاستقطاب الناس إليها، وقد أعلمتنا بأن تجربتها على «السوشل ميديا» كشفت لها بأن كثيرين يرغبون في إكتشاف الصحراء الجزائرية، هذه المنطقة الشاسعة التي تخلق فضولا حول عاداتها وتقاليدها، الأطباق المنتشرة بها، ومن أكثر الأمور التي يستفسرون عنها، أنواع تمورها اللذيذة، نمط العيش السائد بها، وتركيبة نسقها الاجتماعي، فضلا عن صناعة الحنة «التارقية»، ويشمل هذا أيضا طريقة احتفال أهالي الجنوب وإحياء أعراسهم التي تختلف عن مناطق الشمال وفقا لمحدثتنا.  
تنوع أثري وتـراثي كبيـرين
ويجد الزائر لهذا الجزء من الجزائر، نفسه وسط عالم تشاركت الطبيعة والإنسان في تشكيله ليضج بكل ما هو عجيب ومختلف، مفتوح للعيان أحيانا يجود عليك بحسنه، ومنغلق على أسراره في أخرى لتبقى أسيرا داخل متاهاته التي يصنعها شموخ تضاريسه متفوقا على الجغرافيا التي لم تستطع إبعاد السياح عنه.
وأوضحت الشابة للنصر، بأن هذا التنوع يرجع لشساعة الجنوب الجزائري إذ يعد من أكبر المناطق في الوطن ما خلق تنوعا وزخما في خيراته وتراثه بالإضافة إلى المعالم الأثرية والسياحية الموجودة به، وأتبعت وهو ما خلق أيضا اختلافا في عادات كل منطقة، فمثلا تقول نورة بأن التراث الموجود في واد سوف يختلف عن مدينة ورقلة، ولن يجده الزائر في تمنراست وإليزي أو منطقة أخرى.
وعبرت نورة بأن أكثر ما يثير إعجابها في الثقافة الصحراوية كرم أهلها وجودهم، وهو ما لاحظته خلال زياراتها لمختلف المناطق، حيث تجد أناسا مضيافين، يرحبون بالضيف ويرفضون أن يكون في مكان آخر بل يفتحون له أبوابهم ويتقاسمون معه بيوتهم، ويطبخون له أجود الأطباق.
كما يعرف المجتمع الصحراوي بأنه مجتمع محافظ، يتبع التعاليم الإسلامية، ومتمسك بعاداته وتقاليده، ولعل أغلب ما يتشاركون فيه أيضا حسب نورة حبهم للشاي.
فيما اعتبرت بأن التنوع الثقافي الذي تختص به الجزائر راجع إلى مساحتها الكبيرة، التي جعلتها تستعير من اسمها خصوصية ألبستها لولاياتها الثماني والخمسين فكل واحدة منها بمثابة جزيرة تستحق الغوص فيها واكتشاف ثرائها.
وذكرت صانعة المحتوى بأن رحلتها إلى منطقة «جانت» جعلتها توثق لطبيعة خلابة وساحرة، فضلا عن اكتشافها لمتحفها المفتوح على الهواء الطلق الذي مازالت صخوره تحفظ منذ قرون مضت كتاب التاريخ للإنسان البدائي، الذي رصد الوجه المخفي للصحراء الجزائرية فأبى إلا أن يتركه مخلدا من خلال رسومات عابرة إلى الأجيال، فقد أخبرتنا نورة بأنهم تعرفوا على نمط عيش سكان المنطقة آنذاك والكائنات التي تقاسم معها هذه المساحة العجيبة، أما أكثر ما أثار انتباهها فإن تضاريس «جانت» كانت تستعرض أمامهم اختلافها، وعلقت محدثتنا حول الأمر «في مدة أسبوع رأينا الكثير من المعالم، فقد كنا نتناول وجبة الغذاء في مكان، لنجد أنفسنا بعدها في مكان آخر»، وقد اعتبرت بأن هذا يشكل واحدا بالمائة فقط مما تزخر به المنطقة.
هكذا يتفاعل الأجانب مع المحتوى الذي أقدمه
وتستغل مهرية تواجدها خارج الجزائر والتقائها بأصدقاء وشخصيات من جنسيات مختلفة لتعرفهم على الجزائر، تقول إنها وظفت «السوشل ميديا» في إبراز جمال البلد الذي تنتمي إليه والتنوع الثقافي الذي تزخر به، فضلا عن أنها تركز على إبراز هوية الجزائر وانتمائها إلى العالم الإسلامي، كونها امرأة مسلمة، وفي هذا السياق عبرت قائلة «أفتخر كثيرا لأن السفر لم ينسني مبادئي ومرجعيتي»، ومن التجارب المميزة التي عاشتها كانت أثناء زيارتها للشيشان خلال رمضان وعيشها أجواء الصيام هناك واكتشاف مساجد المنطقة.
كما أفادت بأن متابعيها من خارج الجزائر يتفاعلون بطريقة إيجابية مع ما تنشره من «فيديوهات»، فيما تصلها رسائل يخبرونها فيها بأنها «حمستهم لزيارة الجزائر»، ويعبرون لها فيها عن جمال البلد متفاجئين بثرائه التراثي، وهو ما دفع نورة لتخصيص محتوى لكل قطعة من الوطن.
وأتبعت بأنها تتحدث عنه أيضا في لقاءاتها مع أصدقائها، بالمقابل تكتشف ثقافاتهم وتتعرف عليهم في تبادل ثقافي معرفي ينقل تجارب وخبرات للشعوب، فيتباحثون في نقاط قوة كل بلد ليستفيد منها.
تضيف نورة بأن التبادل السياحي مهم جدا، ويمكن أن يستقطب مستثمرين ورواد أعمال ليتعرفوا على الجزائر ويؤسسوا مشاريعهم بها فينتعش بذلك الاقتصاد، فمشاهدتهم للمحتوى الذي تقدمه يجعل الصورة عن البلد وشعبه تتوضح لديهم.
«الزغاريد» صنعت أجواء بهيجة في مهرجان روسيا
تصف مهرية صانع المحتوى السياحي بأنه رحال على مستوى «السوشل ميديا»، فبينما كانوا في عصور سابقة يسافرون من بلد إلى بلد ثم يكتبون عنه، أصبحوا في زمن التكنولوجيا ينقلون السائح من خلال عدسات الكاميرا ليكتشفوا تجارب مختلفة.  مضيفة بأن صانع المحتوى السياحي يجب أن يتحلى بمجموعة من الصفات التي تجعله سفيرا لبلده مثل تمسكه بمبادئه، عاداته وتقاليده، وعقبت في هذا السياق «صانع المحتوى السياحي يجب أن يبدي فخره ببلده، يكتشف ثقافة الآخر دون الانصهار فيها ونسيان أصله وهويته».
وفي حدثيها عن تجربة مشاركتها في مهرجان شباب العالم الذي أُقيم في روسيا، قالت إنها كانت جميلة جدا حيث اجتمعت 150 دولة منها التي تعرفوا عنها أول مرة، واردفت بأنها تعرفت هناك على الكثير من الشباب الذين كان بينهم تبادل ثقافي.
 وعن تمثيلهم للجزائر أفادت نورة بأنهم استعرضوا مختلف الأزياء التقليدية التي تتميز بها الجزائر، وبالنسبة لها فقد ارتدت القفطان الجزائري، بينما ارتدت فتيات من الجنوب لباس «تاسغنانت»، وأخريات ارتدين الزي القبائلي.
كما جعلوا الأجانب أيضا يرتدون أزياء جزائرية على غرار «القشابية» والبرنوس»، وأضافت بأنهم جعلوهم يعيشون تجربة التراث الجزائري، خصوصا وأن كثير من الأزياء كانت حاضرة في المهرجان على غرار «الكاراكو» والحايك، وأتبعت بأن تمثيل الجزائر شمل كل قطر فيها من أقصى نقطة في الشمال إلى أقصى نقطة في الجنوب.
وأخبرتنا صانعة المحتوى بأنهم لاحظوا في هذا المحفل إعجابا كبيرا بالثقافة الجزائرية، ورغبة في التعرف عليها، ومن أبرز ما أثار انتباههم «الزغاريد» حيث كانوا يستفسرون عن مصدر هذا الصوت، خصوصا «الزغرودة» الصحرواية التي تكون مختلفة نوعا ما بحسب ما شرحته، فكانوا يخبرونهم بأن هذا الصوت هو تعبير عن الفرح كما ربطوها أيضا برمزيتها في الثورة.
إ ك

الرجوع إلى الأعلى