نجحت طالبتان من كلية التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال بجامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 02، في ابتكار نظارات ذكية موجهة لتحسين وتطوير خدمات المستشفيات والمصحات العقلية المختصة في علاج الإدمان، وهو مشروع توج بجائز وطنية للابتكار. يقدم النموذج المبتكر حلا لمشكلة صحية تتعلق بكيفية قياس درجة جذب أدوات التعاطي، ويعتبر بديلا لطريقة المحاكاة التقليدية، ويمكن من وضع استراتيجية علاج ناجعة، كما يسمح بمتابعة الحالة بعد التشخيص.

أسماء بوقرن

الفكرة للطالبتين هاجر بوقزية ولينة بن عباس، وقد تم العمل عليها في إطار مشروع تخرج سنة ثانية ماستر، تخصص إعلام آلي، باقتراح من البروفيسور عبد الكريم بورامول، ومساهمة طالب الدكتوراه سيد أحمد حضري، ومن شأن النموذج المبتكر أن يقدم إضافة حقيقية في قطاع الصحة، بفضل ما يمكن إحرازه من تقدم هام في علاج تعاطي وإدمان المخدرات المحقونة.
سمي النموذج  بـ « VRAddict» موضوعه «الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي لعلاج الإدمان على المخدرات بالحقن في الجزائر»، حيث يجمع بين تقنيات الواقع الافتراضي المعزز، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، ويوفر بيئة افتراضية تحاكي الواقع، وتمكن المدمنين من تجاوز عاداتهم  بطريقة آمنة وتدريجية، وذلك تحت إشراف فريق طبي متخصص.
المبتكر سيحقق تقدما في علاج الإدمان
جاءت فكرة المشروع، حسب أعضاء فريق البحث، عند دراسة الإحصائيات المثيرة للقلق حول إدمان المخدرات المحقونة في الجزائر، ما يتطلب التعامل بسرعة وبطريقة مبتكرة مع هذه الظاهرة، وأوضح البروفيسور بورامول، المشرف على الفريق، أن هذا المبتكر مهم لأجل إيجاد حل لمشكلة يواجهها الأطباء في المستشفيات، وتتمثل في كيفية قياس درجة جذب الوسائل المستخدمة في تعاطي المخدرات عن طريق الحقن، وكيف يمكن القيام بمتابعة الحالة بعد التشخيص.

وعليه، قدم المشرف مقترحا للابتكار المذكور كحل ممكن، يعتمد على تقنيات الواقع الافتراضي المعزز والذكاء الاصطناعي باستخدام نظارات الواقع الافتراضي وبرنامج مطور لذات الغرض يحاكي في شكل مشاهد واقع المدمن كما وصفتها طبيبة أمراض عقلية، إذ تختلف حدة المشاهد باختلاف درجة الإدمان، موضحا بأنه تم في هذا الإطار التعاون مع مستشفى الأمراض العقلية والنفسية بعنابة، بمشاركة خبراء في علم الإدمان، لتقديم نهج علاجي فعال يتلاءم مع كل حالة حسب خصوصيتها.
خوارزميات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة واقع المدمن
ويعتمد المبتكر على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة واقع المدمن، حسب ما أوضحه ذات المتحدث، قائلا بأنه تم تطوير واقع افتراضي باستعمال برمجيات خاصة، مع إدراج المشاهد و توصيل أدوات بالمريض عن طريق اليد، تكمن أهميتها في القياسات الدقيقة التي تقدمها، مؤكدا بأن مشاهد اختبار الإدمان محاكاة للحقيقة بدرجة كبيرة.
ومن بين المشاهد التي يتم استخدامها، ذكر مشهدا ينقل المدمن في رحلة افتراضية إلى متحف مزين باللوحات الفنية يعد الإدمان من بين موضوعاتها، وذلك لاختبار ما إذا كانت تلفت انتباهه، مردفا بأن البرنامج الذي طوره فريق البحث مزود بمعادلات رياضية مبنية على الذكاء الاصطناعي، تمكن الطبيب المتابع للحالة من قياس نسبة الانتباه، ومدة النظر للأشياء ذات الصلة بالإدمان، وعدد المرات التي أعاد فيها المدمن النظر لهذه الأشياء.
كما تحدث البروفيسور، عن مشهد ينقل المدمن إلى خارج الغرفة ويسمح لمعاين بمرافقته في جولة بين أروقة فضاء تجاري، أين توجد وسائل تستخدم في تعاطي المخدرات كالحقن مثلا، ويتم تقييم وضعه بناء على تفاعل الشخص و تصرفاته.
أما المشهد الثاني، فيتمثل في زيارة مطعم والاطلاع على قائمة طعام، تتضمن بعض المأكولات المحفزة أو  التي لها علاقة بالإدمان، حيث  يمكن تكييف سيناريوهات العلاج، استنادا إلى ردود فعل المرضى المدمنين و مدى التقدم الفردي في العلاج، مما يعزز بشكل كبير فعالية الحل العلاجي المقترح في إطار هذا المشروع.
نسخة قيد التطوير
ويتم العمل حاليا حسب المتحدث، على تطوير نسخة أولى من النموذج «VRAddict»، تشمل نظارات الواقع الافتراضي، بالإضافة إلى البرنامج المدمج وأداة توضع في إصبع اليد يستعملها الأطباء المختصون في الأمراض العقلية لتشخيص الإدمان.
وتعرف العملية تقدما بالنظر إلى توفر جميع الأدوات اللازمة لإنجاز المشروع، بما في ذلك نظارات الواقع الافتراضي، وهي خطوة وصفها البروفيسور بورامول بالهامة، لأنها تقرب الفريق من هدفه المتمثل في تقديم حل مبتكر ومستدام لمشكلة صحية عامة وملحة في المجتمع الجزائري، مؤكدا أن هذا المشروع يقدم صورة عن مستقبل علاج إدمان المخدرات المحقونة، لأنه يجمع بين التكنولوجيا و الحاجة الطبية وسيساهم فعليا في تحسين خدمة المستشفيات والمصحات العقلية المختصة في معالجة الإدمان على المخدرات.
* الطالبتان هاجر بوقزية ولينة بن عباس
«VRAddict» داعم أساسي لمعالجي مدمني المخدرات

قدمت الطالبتان هاجر بوقزية ولينة بن عباس، للنصر فكرة عن المبتكر وتحدثتا عن فاعليته والمرحلة المهمة التي توصلتا إليها في مسار العمل عليه، كما فصلتا في كيفية استخدام تقنيات  الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي لعلاج متعاطي المخدرات المحقونة في الجزائر.
 وأوضحت الطالبة هاجر بوقزية، بأن المبتكر عبارة عن أداة مساعدة في علاج المدمنين على المخدرات، موجهة أساسا للطبيب العقلي والأخصائي النفساني، لاستخدامها في مرحلة العلاج بـ « المواجهة «، وهي مرحلة أولى مهمة في عملية التشخيص والعلاج معا، إذ يحاول الأخصائي تشخيص حالته بالضبط بعد تحليل تصرفاته و ردود الفعل لديه، مشيرة إلى أنه يصعب على أخصائي علاج الإدمان تشخيص الحالة بدقة حاليا، غير أن استعمال المبتكر يسهل الأمر بفضل النظارات التي تمكن المتعاطي من تكرار مشهد التعاطي وبالتالي عيش نفس التجربة العاطفة.
وتجري الطالبتان في الوقت الراهن، اختبارات على الفكرة كما تتمان إنجاز النموذج الأولي للمبتكر في مخبر بحث بكلية التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال بجامعة عبد الحميد مهري، قسنطينة 02، بتأطير من البروفيسور عبد الكريم بورامول ورفقة طالب الدكتوراه سيد أحمد حضري، صاحب الخبرة الطويلة في مجال الحلول الرقمية في القطاع الصحي، ناهيك عن التنسيق مع نفسانيين وأطباء من مستشفى للأمراض العقلية.
جائزة أحسن فكرة مشروع مبتكر وطنيا

شاركت الطالبتان بفكرة مشروع المبتكر في مسابقة وطنية بجامعة قالمة، حول المشاريع المتعلقة بالتكنولوجيات الحديثة، و حقق المشروع النجاح ولقي إشادة من لجنة التحكيم، حيث بلغتا مرحلة النهائيات وتنافستا مع عشرة طلبة آخرين، لتفتكا في النهاية الجائزة الأولى و يتوج مشروعهما بلقب أفضل فكرة مبتكر. وأوضح الأستاذ بورامول، بأن الطالبتين قدمتا بجدارة فكرة المشروع وكيفية تسويقه مستقبلا، حيث ثمنت أعضاء لجنة التحكيم المبتكر الفريد من نوعه وطنيا، ووصفوه بالإبداع العلمي، الذي يشكل إضافة حقيقية في لتحسين الخدمات في قطاع الصحة، كما يشارك العمل  حاليا في مسابقة نظمتها الوزارة بجامعة قسنطينة 02، تضم 400 مشروع من مختلف الجامعات، وقد تمكنت صاحبتاه من التأهل ضمن قائمة 20 متنافسا، لتنتقلا إلى مرحلة ثانية من التنافس لاحقا.
ويعد هذا المبتكر جزءا من مشروع تخرج الطالبتين وأطروحة تخرج زميلهما، الذي قدم لهما دعما كبيرا كما أكدتا عليه، خصوصا وأنه متخصص في المجال ويقوم حاليا بأبحاث دقيقة في مجال استعمال تقنيات الواقع الافتراضي المعزز بالذكاء الاصطناعي في مجال الصحة العقلية، المتعلقة بمرض التوحد و اضطراب الفوبيا، والإدمان على الألعاب الإلكترونية.
أ ب

الرجوع إلى الأعلى