أحمل مشعل طابع صحراوي أصيل مهدد بالانقراض  
قال الشيخ عمران مطرب البدوي الصحراوي ، بأن هذا الطابع الأصيل الذي ارتبط طويلا باسم الفنان خليفي أحمد، مهمش و مهدد بالاندثار و الزوال في عقر داره، و لم يعد يؤديه سوى بضعة فنانين لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة عبر الوطن، مشيرا إلى عزوف الشباب عنه و إقبالهم على الطبوع العصرية، ما جعله يقرر منذ 27 عاما ، حمل المشعل و الذود عن طابع الأجداد .
ابن مدينة الأغواط، بن قسمية الحاج علي، الذي اختار اسم جده الشاعر الشعبي الشيخ عمران، اسما فنيا له، أكد للنصر بأن الطابع البدوي الصحراوي يفتقد للترويج و الإشهار، عكس بقية الطبوع الجزائرية، ما جعله يكاد يفقد مكانته القديمة كواجهة للجنوب و لسان حال أهله، بالرغم من أن كلماته نظيفة و راقية و ألحانه الشجية تخترق الروح قبل الأذن، حسبه، مشيرا إلى أنه تمكن من طرح خلال مساره الفني الطويل ستة  ألبومات فقط ضمن هذا الطابع ، في حين لم يتمكن من طرح ألبومين آخرين في السوق لحد اليوم، و ذلك لأن المنتجين رفضوا إصدارهما و برروا ذلك بعزوف الجمهور عن هذا اللون .
المنتجون يرفضون إصدار ألبوماتي
و أضاف صاحب «بالله نسالكم يا فرسان»، « قمري الحمام» ، «راني مريض» و « عيطت لسيدي نايل» و غيرها من الأغاني التي لا يزال يحرص على أدائها باستعمال الآلات التقليدية، بمعية فرقته المتكونة من عازفين على القصبة و ضاربين على البندير، بأنه قام بإحياء العديد من الحفلات العمومية و الأعراس في الأغواط و العديد من ولايات الوطن، كما شارك في بعض الأسابيع الثقافية من بينها الأسبوع الثقافي الجزائري في الكويت في 2010، و بث التليفزيون الجزائري باقة من أغنياته ، أما إذاعة ورقلة ، كما أكد، فترسل له دعوة أو دعوتين في السنة لحضور حصة فنية، لكنه يشعر دائما بأنه مهمش في الساحة الفنية، فلم يحدث و أن تلقى دعوة للمشاركة في المهرجانات الكبرى كمهرجاني جميلة و تيمقاد، و يرفض المنتجون طرح أغانيه.
عن بداياته، قال الشيخ عمران بأنه بدأ يؤدي الأغاني الوطنية و الأناشيد الدينية في 1985 من باب الهواية، و أصبح فنانا محترفا في 1990 و كان يؤدي الطابع البدوي طيلة سنتين باستخدام آلات موسيقية عصرية و تقليدية، لكنه سرعان ما ترك الآلات العصرية جانبا، و قرر  الاعتماد فقط على التقليدية، لأنها تضفي المزيد من الأصالة و الوفاء و العذوبة، على حد تعبيره، على الأغاني التي يؤديها، كما أن الغالبية العظمى من الفنانين تخلوا عنها و عوضوها بأخرى عصرية، ما جعلها  تكاد تنقرض.
الطابع البدوي غائب في المهرجانات
بخصوص كلمات أغانيه،  المليئة بالحكم و الأمثال الشعبية و المواعظ و تحاكي الخصائص الطبيعية للصحراء و عادات و تقاليد المنطقة، كما تسلط الضوء على مواضيع اجتماعية و أخرى عاطفية، قال لنا الفنان بأنه يعتمد أساسا على تراث منطقة الأغواط و الصحراء عموما، خاصة أشعار الشيخ تخي عبد الله بن كريو و سيدي أحمد بن حرمة و غيرهما، مشيرا إلى أنه يلحن بعض الأغاني بنفسه و يعتمد أحيانا على الألحان التراثية البدوية مع بعض اللمسات النايلية أحيانا.
محدثنا أعرب عن أسفه الشديد لأن الطابع البدوي الصحراوي الأصيل لم يعد يؤدى سوى من  فنانين لا يتجاوز، حسبه، عددهم عدد أصابع اليد الواحدة عبر الوطن، على غرار الشيخ المرنيزي من المسيلة و فرقة الشيخ سلمان من البيض. و لخص المشاكل التي يصادفها كفنان في التسويق و الإشهار و الترويج، فمعظم الحفلات في التليفزيون و الإذاعة و المهرجانات و مختلف التظاهرات الثقافية لا تقدم هذا الطابع و يتجاهلها منظموها، كما قال.
نداء لإنقاذ موروث مهمش
و وجه ، عبر النصر، نداء إلى وزير الثقافة لينظر بعين الاعتبار إلى هذا الفن العريق المهدد، حسبه، بالاندثار،لأنه جزء لا يتجزأ من التراث الجزائري، مشيرا إلى تخصيص وزارة الثقافة مهرجانات لكل الطبوع الجزائرية، باستثناء البدوي الصحراوي ذي الكلمات النقية و الألحان الراقية، كما أكد.
و عن سؤالنا حول وضعية الفنان الجزائري، رد بتأثر بأنه ليس له أية أهمية ببلادنا حتى الآن و وصفه بالشمعة التي تضيء و لا أحد يهتم بها ، و لا تشد الانتباه إلا عندما ينطفئ نورها، و الأمثلة كثيرة حولنا، على حد تعبيره.
و أضاف بأنه حصل على بطاقة فنان محترف، لكنه لا يعتمد على الغناء كمصدر رزق، و يحمد الله لأنه موظف لديه راتب يعيل به أسرته، لكنه أكد بأنه سيواصل الصمود و الكفاح من أجل الحفاظ على موروث الأجداد و إخراجه من الظل الذي يهيمن عليه، و يكمل الرسالة التي كتب أولى حروفها منذ ثلاثة عقود تقريبا.
إلهام.ط

الرجوع إلى الأعلى