الصحــافــة الوطـنيــة انتقلــت من الفـوضـى خــلال الـتسعيـنيـــات إلى النظــام اليـوم
الأزمة المالية حوّلت الصحافة المستقلة إلى صحافة خاصة و لو توقف "لاناب" الإشهار فالكثير من الصحف ستتوقف
يرى بشير شريف حسان، صحفي ومدير نشر يومية «لاتريبين» بأن الصحافة الوطنية مرت بثلاث مراحل، وبخاصة منها الصحافة المستقلة، وهي مرحلة التأسيس، ثم مرحلة الفوضى، ومنذ سنة 1999 إلى اليوم مرحلة العودة إلى النظام والمآل الأخلاقي، وقال إن الأزمة المالية الحادة التي تعيشها الصحافة الوطنية اليوم حوّلتها من صحافة مستقلة إلى صحافة خاصة تدافع عن طرف معين في المجال السياسي، محذرا من أنه في حال توقفت الوكالة الوطنية للنشر والإشهار عن منح الإشهار فإن الكثير من الجرائد ستتوقف.
حاول الصحفي بشير شريف حسان مدير نشر يومية «لاتربين» أمس في الندوة التكوينية الثامنة عشر التي نظمتها وزارة الاتصال بولاية بومرداس تقديم تشريح للتجربة التعددية الإعلامية في الجزائر، وقال في المداخلة التي حملت عنوان» الصحافة الجزائرية.. التعددية-قصة ميلاد، من مرحلة الفوضى إلى مرحلة المآل الأخلاقي» أن الصحافة الوطنية الحديثة نشأت عن طريق الكفاح خلال الحرب التحريرية.
ووصولا إلى فترة ثمانينيات القرن الماضي وفي ظل الغليان الذي ميز الساحة الوطنية سنوات 1986، 87 و88 تم في البداية إنشاء «حركة الصحفيين الجزائريين»، ومع التغيير الذي عرفته البلاد في سنة 1988 تم اعتماد التعددية الإعلامية في عهد رئيس الحكومة مولود حمروش، لكنه قال إن خلايا عدة كانت تعمل على مستوى رئاسة الجمهورية في ذلك الوقت قبل هذا الميلاد.ويشير في هذا الصدد أن الصحافة المستقلة نشأت عبر كفاح سياسي وبتوافق من السلطات العمومية التي دعمت بعد ذلك المؤسسات الإعلامية التي ظهرت إلى الوجود بداية التسعينيات عبر البنوك، والإعفاء من الضرائب لمدة خمس سنوات، و الإشهار، لكن للأسف الصحفيين الذين أتوا بعد ذلك بسنوات قليلة لم يستفيدوا من هذا الدعم، وخلال هذه الفترة ظهرت الصحف المستقلة الأولى مثل «لوسوار دالجيري»، و»الوطن» و»الجزائر الجمهورية».
 وبداية من سنة 1994 جاءت الدفعة الثانية من المؤسسات الإعلامية المستقلة لكنها لم تستفد من الدعم الذي استفادت منه سابقتها، ويقول أنه في الفترة بين 1990 و 1999 انشطرت الصحافة المستقلة إلى قسمين، «استئصالية» و»مصالحاتية» ، وقد دفع هذا الانقسام إلى تفاعل بعض الصحف مع منظمات دولية غير حكومية مثل «مراسلون بلا حدود»، و»أمنيستي الدولية» وغيرها بكل ما حمله من أبعاد سياسية، وخلال هذه الفترة حاول جزء من الصحافة فرض نفسه كصانع رأي عام.
مرحلة أخرى ميزت الصحافة المستقلة هي بداية من سنة 1999 مع عودة السلم والمصالحة الوطنية، وفيها شرعت السلطات العمومية في فرض النظام داخل الصحافة بعد مرحلة فوضى خلال التسعينيات كما يعتقد المتحدث، وفي هذه المرحلة بدأت الدولة في فرض قوانين الجمهورية على الصحافة من خلال دفع الضرائب واشتراكات الضمان الاجتماعي وغيرها.
ثم مع مجيء الوزير الحالي للاتصال استكمل هذا المسار عبر تنصيب اللجنة المؤقتة لبطاقة الصحفي المحترف وسلطة ضبط السمعي البصري وغيرها وخصوصا فرض القانون في مجال الإشهار.  
ويخلص بشير شريف حسان الذي عمل في الصحافة العمومية قبل الانفتاح ثم انتقل للصحافة المستقلة إلى القول أن الصحافة وصلت اليوم إلى أزمة مالية حادة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، ونفى أن تكون الدولة قد عاقبت أي جريدة عبر منع الإشهار كما يدعي البعض، كما لم يتم منذ سنة 1999 سجن أي صحفي سوى حالة واحدة بسبب أن صحيفة انحرفت عن حدودها بالنسبة لرئيس الجمهورية والحقل السياسي عموما، معتبرا في ذات الوقت أن صفقة جريدة «الخبر» المبطلة كانت خرقا للقانون.
واستنتج المحاضر أن الأزمة الاقتصادية حولت الصحافة «المستقلة» إلى صحافة «خاصة» حيث أصبحت تدافع عن طرف معين بالمعنى السياسي، وحذر من أنه لو تتوقف الشركة الوطنية للنشر والإشهار عن منح الإشهار فإن الكثير من الصحف ستتوقف، داعيا الوزير إلى ضرورة مساعدة الصحف، كما تحدث أيضا عن صعوبة الوصول إلى مصدر المعلومة.
إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى