باشر أعضاء الحكومة الجديدة مهامهم عشية رمضان، وعرف طاقم تبون تغييرات موسّعة شملت قطاعات استراتيجية، ما يعني أن رئيس الجمهورية يريد إعطاء نفس للجهاز التنفيذي بغرض استكمال برنامجه ومواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن اضطراب سوق المحروقات.
ولافت أن التشكيلة الجديدة للحكومة تضم «رجال ميدان» قادمين من قطاعات مختلفة تمرسوا فيها طيلة مسارهم المهني إلى جانب ولاة جمهورية خبروا الإدارة المحلية، ما يعني أنه روعي في تشكيلها جانب الخبرة والعمل الميداني بغرض تقديم الإضافة المطلوبة في كل قطاع.
وإذا كان رئيس الجمهورية قد أكد أكثر من مرة أن الدولة الجزائرية لن تتخلى عن طابعها الاجتماعي مع إصراره على ضرورة الحوكمة وعقلنة التسيير، فإن اختيار عبد المجيد تبون على رأس الحكومة يعد ترجمة لهذا التوجه، على اعتبار أن الرجل خاض معركة ضد «أم الأزمات» في الجزائر وهي أزمة السكن التي وعد بالقضاء عليها نهائيا ، وكانت صرخته الأخيرة للمطالبة بالتمويل مرحلة في هذه المعركة التي أكد وهو يستلم مهامه الجديدة ويسلم مهامه الجديدة للوزير الجديد أنه سيخوضها حتى النهاية لأن مشكل التمويل لن يطرح بعد اليوم، كما أن استقدام  إطار من التشغيل إلى قطاع العمل يحيل إلى رغبة في مواصلة العمل على امتصاص البطالة رغم صعوبة الظرف الاقتصادي، وكان الوزير الجديد يرافع وهو على رأس هيئة التشغيل من أجل انخراط أكبر للقطاع الاقتصادي في التشغيل، بعد تشبع القطاعات غير المنتجة وعلى رأسها الوظيفة العمومية.
إلى جانب ذلك ينتظر أن تعمل الحكومة على الحد من نزيف الموارد المالية سواء بمحاربة التهرب الضريبي خصوصا وأن وزير المالية الجديد قادم من قطاع الضرائب، أو بتخفيض الواردات وهو العنوان الأبرز  لعمل تبون لأشهر على رأس وزارة التجارة، قبل أن يؤكد مواصلة هذا التوجه وهو يتسلم مهامه على رأس الوزارة الأولى.
تشكيلة الحكومة وإن حفلت بالتقنوقراط إلا أنها راعت الخريطة السياسية الناجمة عن التشريعيات الأخيرة من خلال منح حقائب للأغلبية المتحالفة في البرلمان والداعمة للحكومة، وبالتالي فإن الحكومة ستعمل في أريحية من الناحية السياسية لأنها ستكون مدعومة بقاعدة سياسية وأغلبية برلمانية.
ولأن الوقت ضاغط فإنه من المنتظر أن تدخل الحكومة رأسا في الموضوع باتخاذ القرارات المناسبة للجواب على تداعيات الأزمة الاقتصادية، و بإرسال رسائل طمأنة للجبهة الاجتماعية سواء بالتحكم في الأسعار ولجم المضاربين الذين يعلنون بين الحين والآخر حربا حقيقية على المواطنين والدولة على حد سواء، من خلال افتعال ندرة بغرض رفع الأسعار، أو بالإبقاء على السياسة الاجتماعية التي تستفيد منها الفئات الهشة  مع إعادة النظر في طرق الدعم حتى تذهب مساعدات الدولة إلى مستحقيها.
ومن شأن ضخ دماء جديدة أن يعطي نفسا جديدا للجهاز التنفيذي في ظرف حساس، خصوصا وأن الجزائر صمدت في وجه الأزمة الاقتصادية تماما كما صمدت في وجه العواصف الإقليمية التي استهدفت أمنها واستقرارها.
النصر

الرجوع إلى الأعلى