قول الحقيقة للشعب .. هي من بين المهام العاجلة الموكلة لحكومة الوزير الأول عبد المجيد تبون، و هي تسابق الزمن لإعادة تمتين جسور الحوار الوطني و تجديد سبل التواصل مع مختلف الفعاليات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي أبدت مساندتها و دعمها للحكومة التي تمخّضت عن الانتخابات التشريعية التي جرت في ماي الماضي.
صحيح أن قول الحقيقة و لو كانت مرّة أمر صعب للغاية حتى في الأنظمة السياسية الأكثـر ديمقراطية، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالشأن العام الذي يترتب عن الخوض فيه بالضرورة تبعات غير محمودة العواقب عادة ما تكلف صاحبها دفع فاتورة الصراحة و الشفافية غاليا في المواعيد الانتخابية القادمة.
غير أن قول الحقيقة للشعب في الظروف العصيبة كما تقتضيه أبسط القواعد الأخلاقية المتعارف عليها، تعتبر شرطا أساسيا للممارسة السياسية النزيهة في إدارة شؤون المواطنين و إقناع الجماهير بالانخراط في البرامج الوطنية المعروضة.
كما أن هذه الخطوة التي تتطلّب من المسؤول التحلي بالشجاعة السياسية اللازمة ، تشكل العامل الرئيسي بل الوحيد لكسب الثقة و خلق الألفة بين الحاكم و المحكوم، ذلك أن المواطن البسيط في الجزائر العميقة يتألم أكثـر لمّا يحسّ أنه فقد القدرة على التواصل مع محيطه الطبيعي الذي يعجز عن توفير المعلومات الكافية و ذات المصداقية و التي هي من حقّه دستوريا.
و في كثير من الأحيان هذا ما يقلقه بالذات
و ليس الوضعية المالية و الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد منذ أربع سنوات، فهي جزء من منظومة عالمية مترابطة أصاب أوصالها الوهن بعد انهيار عام لأسعار النفط انعكس على جميع الاقتصاديات في العالم بما فيها الدول التي يعتمد اقتصادها على مصادر أخرى للدخل القومي كقطاعات الفلاحة و الصناعة و الخدمات.
و الحقيقة يجب أن تقال دون خوف في أمور الدولة المباحة حتى و لو أنها أحيانا تسبّب بعض الجروح و الآلام للغير أو السابقين دون القصد من إحداثها بالضرورة، و هي ليست بالضرورة تصفية حسابات مع أشخاص أو محاكمات تسيير لمراحل، كما تريد بعض الأوساط السياسية و الإعلامية جر الرأي العام إليها لإقناعه عبثا أن الفئة التي تأتي تلعن سابقتها و تهدم ما بنت من أجل إقامة بناء جديد.
إن التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة حول استثمار ما قيمته سبعة آلاف مليار سنتيم في مشاريع غير ذات جدوى و إعادة بعث مشاريع متوقفة و أخرى مجمدة لأسباب غير معلومة ، ثم تلتها تصريحات وزير الصناعة حول عدم فعالية مشاريع صناعة السيارات و ضرورة إعادة النظر في المستفيدين من العقار الصناعي، ما كان أن يكون لها وقعا كبيرا لولا أن الحكومة بصدد قول الحقيقة للشعب من خلال سياسة جديدة لإعادة ترتيب الأولويات الوطنية و مواجهة الأزمة بصفة جماعية و بأكبر عدد ممكن من الجزائريين الذين يريدون معرفة المزيد من الحقائق للسير وراء حكومة بلادهم عن قناعة و عن بيّنة.
و الحكومة التي مازالت تعطي السكن بالمجان
و توفر الشغل و تدعّم و تداوي و تعلّم و تدفع الأجور و .. ليس لديها منطقيا ما تخفيه من حقائق أو معلومات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية منها، و بالأحرى ليس لديها ما تخاف منه من مصارحة الشعب و قول الحقيقة بالأرقام و البيان.
و إذا ما كانت هناك بعض الحقائق التي تبدو صادمة بالنسبة للبعض الذين يترصدون العمل الحكومي في المنعرجات، فهي لا تعدو عن كونها وسيلة لإجراء التحويرات الضرورية على البرامج و السياسات الحكومية المنبثقة عن برنامج رئيس الجمهورية الذي حاز على ثقة الشعب الجزائري و هذا هو الأساس.                                                        
النصر

الرجوع إلى الأعلى