أكد خبير الغابات بمحافظة الغابات لولاية قسنطينة، عيسى فيلالي، أن التغيرات المناخية التي شهدتها الولاية في السنوات الأخيرة، أثرت بشكل سلبي على عملية نمو وانتشار أشجار الفلين بمنطقة "القطوشة" بأعالي زيغود يوسف، ما استدعى بحسبه، الاعتماد على مخططات تنموية ترمي إلى المحافظة على الثروة الغابية، وتأهيل وتثمين أشجار الفلين التي تعد أحد أهم المصادر الاقتصادية والسياحية والبيئية بالولاية.

يرجع انتشار أشجار الفلين بين بلديتي زيغود يوسف وابن باديس، إلى رطوبة الجو في أعالي المنطقتين، ما ساعد على نمو  هذا النوع من النباتات شكل كبير، إذ تلعب دورا هاما في حماية التنوع البيولوجي وتوفير بيئة مناسبة لعيش وتطور بعض الكائنات الحية، كما تحافظ على التربة من التصحر والانجراف، فضلا عن دورها في تلطيف الجو.
وتعتبر غابة بلوط الفلين موروثا طبيعيا مهما بقسنطينة منذ عقود، لما توفره من جدوى اقتصادية وبيئية بحسب عيسى فيلالي،  لكنها الآن تواجه تحديات كبيرة جراء  التغيرات المناخية التي شهدتها الولاية في العشر سنوات الأخيرة، بفعل تذبذب تساقط الأمطار والارتفاع القياسي في درجات الحرارة، موضحا الخبير بأنه وفي إطار حماية الثروة الغابية والمحافظة على الأملاك الغابية الوطنية، لاحظت محافظة الغابات من خلال تقارير خرجات تفقدية قام بها أعوانها إلى غابة بلوط الفلين بأعالي زيغود يوسف، بأن حالة الإجهاد الفيسلوجي بدأت تظهر جليا على عدد كبير من أشجار الفلين، ناهيك عن موت بعض الأشجار وذبول وتآكل البعض الآخر،  بعدما أصيبت نسبة معتبرة بعدوى فطرية وتغذت عليها الطفيليات.
وقال المتحدث، بأن ظاهرة إجهاد أشجار الفلين، لم تسجل فقط على المستوى المحلي، بل حتى  في العديد من غابات الوطن، وذلك لأنها تعتمد على ظروف مناخية معينة لنموها وازدهارها، بما في ذلك درجات الحرارة  المنخفضة وكميات الأمطار المعتدلة، وأي تغير فيهما يؤثر سلبا على إنتاجية الفلين.
وأوضح فيلالي، أنه من المتوقع حسب عمليات محاكاة الانعكاسات المناخية بهذه الغابات، فقدان عدد كبير من أشجار  الفلين  خلال السنوات المقبلة في ظل استمرار وجود عوامل تدهورها.
وأضاف المتحدث، أنه في إطار تطوير وحماية الفضاءات الغابية، قامت محافظة الغابات بإجراءات احترازية لحماية أشجار الفلين من الموت الحتمي، وذلك من خلال تطهيرها من الفطريات والطفيليات، وكذا إزالة بعض الأشجار التي تأكدت وفاتها، في حين ترك البعض منها خوفا من انجراف التربة، موضحا بأن الحالة غير مقلقة كثيرا ولكنها تستلزم الحذر والمتابعة المستمرة.
وأشار عيسى، إلى أن غابة قطوشة بأعالي زيغود يوسف، تعد إرثا غابيا هائلا، له أهميته البالغة على كافة الأصعدة الاقتصادية والبيئية والجمالية فهي موطن للعديد من الأنواع الحيوانية والنباتية، وتتطلب تكاتف جهود الفاعلين على كافة المستويات وصولا إلى المواطن للحفاظ عليها.
ومن الطرق الاحترازية لحماية أشجار الفلين من التغيرات المناخية يضيف الخبير، استخدام أنظمة الري الذكية وتقنيات الري الفعالة لضمان توفير كميات كافية من الماء لأشجار الفلين، وتعزيز التنوع الوراثي لأشجار الفلين الذي يمكن أن يجعلها أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات المناخية، ومراقبة الأمراض والآفات التي تؤثر سلبا على صحة أشجار الفلين واتخاذ الإجراءات العلاجية والوقائية المناسبة، ناهيك عن تثقيف المزارعين والمجتمعات المحلية حول أهمية حماية أشجار الفلين وتأثيرات التغيرات المناخية عليها.
وأكد الخبير، على الأهمية البيئية لأشجار الفلين، لأن جذورها تساهم في تثبيت التربة ومنعها من التعرية والتآكل، كما توفر موئلا للكثير من الكائنات الحية بما في ذلك الحيوانات والطيور واللافقاريات، ما يعزز التنوع البيولوجي بحسبه، كما تساهم في تصفية وتنقية المياه الجوفية ومنع تسرب الملوثات إليها.
كما أن لأشجار الفلين دور مهم في التقليل من تأثيرات الاحتباس الحراري، حيث تعمل على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو وتخزنه في أنجستها الخشبية.
لينة دلول

 

غطت أمس الثلاثاء  سحب كثيفة من الرمال القادمة من الصحراء سماء العاصمة اليونانية أثينا  ومدن أخرى ، مع تسجيل  ارتفاع درجات الحرارة  فوق ثلاثين درجة مئوية.
وقال مسؤول في مرصد الأحوال الجوية إن الظاهرة هي الأكثف من نوعها منذ سنة 2018 ، و نجمت عن رياح رملية حولت سماء اليونان مساء أمس إلى اللون الأصفر البرتقالي وتوقع خبراء الإرصاد الجوية أن تزحف السحب الرملية على شمال وغرب البلاد اليوم الأربعاء.
وتسببت العواصف الرملية التي هبت على اليونان الأسبوع الماضي وبلغت كذلك سويسرا وجنوب فرنسا، في صعوبة في الرؤية و التنفس.
وحذر أطباء  من أن الغبار يمكن أن يختلط مع حبوب اللقاح والبكتيريا والفطريات، وهو ما يشكل خطورة على جسم الإنسان". وتمت دعوة المواطنين الذين يعانون من أمراض تنفسية أو يوجدون في وضعية صحية هشة إلى تجنب الخروج من المنازل، كما نصح الأطباء بارتداء الأقنعة.
للإشارة فإن هذه الظاهرة بدأت شهر مارس الماضي ومست عدة مناطق في أوروبا، وصاحبها ارتفاع محسوس في درجة الحرارة.

أخصائي المناخ.. حلقة مهمة في التخطيط العمراني

يؤكد باحثون وأساتذة في الهندسة المعمارية والتعمير، على أهمية فهم تحولات النمط العمراني ببلادنا، ومدى مراعاته للتغيرات المناخية وحفاظه على البيئة، مبرزين دور أخصائي المناخ في عملية التعمير بوصفه حلقة مهمة جدا في الدراسات البحثية المعمقة، وأوضحوا في ندوة للنصر،على هامش أيام دراسية دولية حول "قراءة وفهم الفضاء الجزائري"، نظمت مؤخرا بجامعة قسنطينة 03، أنه رغم فعالية دور أخصائي المناخ، إلا أنه عادة ما يغيب خلال إعداد مختلف جوانب المشاريع في مكاتب الدراسات.

ندوة: أسماء بوقرن

 

آسيا سامعي بوعجاجة باحثة في مخبر السكن والبيئة

الدراسات المعمقة تبرز الهوية وتحمي الغطاء الإيكولوجي

قالت البروفيسور آسيا سامعي بوعجاجة، أستاذة في الهندسة المعمارية، بمعهد الهندسة المعمارية وعلوم الأرض بجامعة سطيف، وباحثة في مخبر السكن والبيئة، بأن  الدراسات الهندسية المعمقة حتمية لإبراز الهوية وحماية الغطاء الإيكولوجي، مؤكدة توفر كفاءات علمية قادرة على تقديم  قراءات معمقة للفضاء والعمران الجزائري، إن منح لها الوقت الكافي.
وأوضحت، بأن الحديث عن الهوية العمرانية يرتبط بالحديث عن الرموز التي نجدها في الواجهة العمرانية، لكن النظرة للهوية يجب أن تكون أعمق من ذلك وتمتد لنمط البناء والفضاء السكني، معتبرة الواجهة العمرانية جانبا من الجوانب التي تحظى بالاهتمام وتدخل في تعريف الهوية، والأهم حسبها هو الفضاء الذي يحتضن الفرد، لكونه عاملا أساسيا ومهما في توفير شروط الراحة للسكان، إن صمم وفق طبيعة البنية الاجتماعية، فالعلاقة حسبها بين الهندسة المعمارية والخصوصية المجتمعية، تستدعي دراسات معمقة تراعي عدة جوانب وتشترك فيها عدة عناصر،  بدءا بأخصائي المناخ والبيئة وحتى المواطن الذي يجب أن يبدى رأيه، مع ضرورة احترام خصوصية الفرد قبل نقله للعيش في بيئة مغايرة وتخصيص الوقت الكافي للدراسة، وانخراط المجتمع المدني والجامعة في العملية، لإدخال تعديلات على المخطط قبل تجسيده على أرضع الواقع.        
أما بخصوص البناءات الحديثة وما إذا كانت تراعي الخصوصية المناخية، فقد بينت بأن هناك خللا فيما يتعلق بالهندسة المعمارية في بعض المدن الجديدة، سببه عدم مراعاة شروط اختيار مواقع البناء والتعمير، ومخطط السير فيها، وكيفية تصميم التجمعات السكنية، مع غياب أو محدودية الفضاءات الخارجية في ظل استغلال كل مساحة شاغرة لإقامة مشروع سكني دون التنبه لخصوصية السكان  رغم ما لذلك من أهمية كبيرة في توفير بيئة عيش صحية للمواطن، مشيرة إلى أنه لا يصح أن نطلق تسمية مدينة على المنطقة التي تفتقر للفضاءات الخارجية، مرجعة سبب الإخفاق إلى نقص الدراسات العلمية.

 

البروفيسور سميرة دباش

يجب استغلال وتطوير النمط العمراني القديم في البناءات الجديدة

قالت البروفيسور سميرة دباش، أستاذة في الهندسة المعمارية بجامعة قسنطينة 03، صالح بوبنيدر، إن العمران شاهد على كرونولوجيا المدينة، وبطاقة تقنية تلخص ما تعاقب على المنطقة من حضارات وتبرز تأثيرات العصر التي طمست هويتنا العمرانية وقدمت معمارا نمطيا بدون هوية، لا يراعي حسبها الخصوصية المجتمعية ولا المناخية، على خلاف ما تجلى في العمران القديم الموجود بحي سويقة العتيق على سبيل المثال.  
وأشارت، إلى أن تغير النمط العمراني وفقدان جمالية المعمار المحلي في البنايات الجديدة الفردية والجماعية، هو نتاج أزمة سكن ظهرت جليا بداية سنوات السبعينات، وحتمت الإسراع لإيجاد حلول ووضع  إستراتيجية إسكان في أقل مدة وبأقل التكاليف، وبالتالي تبني نموذج عمراني موحد دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل منطقة وطبيعة المناخ السائد بها، ودون مراعاة  الخصوصية العمرانية للبناءات القديمة وطبيعة العيش فيها، ما قدم نمطا عمرانيا موحدا عبر مختلف ولايات الوطن.
وقالت محدثتنا، بأن النمط السكني القديم الذي نجده في أحياء قسنطينة، طمس بشكل كلي ولم يعد قائما في العمران الحديث، بحجة أنه لا يستجيب لمتطلبات العصر، في وقت كان ينبغي تطويره بما يستجيب للمتطلبات الحالية و تحديدا البيئية مع الحفاظ على ميزاته والاستفادة منها، والمتعلقة أساسا بملاءمة البيئة ودرجة حرارة البيت وعزل الصوت الخارجي، فالبناية أو النسق العمراني القديم كان يتوافق مع احتياجات المرحلة.
مردفة، أنها قامت بدراسة بحثية معمقة حول خصوصية عزل الصوت في البنايات القديمة، وقارنت بين منازل السويقة والبنايات الجماعية الجديدة، وتوصلت إلى أن معايير البناء الضرورية تتجلى في البيوت القديمة "دار عرب"، حيث صممت واستخدمت مواد بناء كالحجارة والطين، لعزل الصوت الخارجي، على خلاف البنايات الجماعية التي تفتقر لهذه الخاصية، لأن معيار عزل الصوت في البناء لم يؤخذ بعين الاعتبار، مضيفة أنه لا ينبغي إلقاء اللوم على جهة معينة، لأن أكبر نسبة من السكنات المنجزة في السنوات الماضية كانت سكنات اجتماعية أنجزت في وقت ضيق استجابة للطلب.
محدثتنا أكدت، بأن هناك إرادة لتدارك هذه الهفوات، من خلال مراجعة النمط العمراني المعتمد في البنايات الجديدة، و تحديدا في المشاريع السكنية الحديثة، حيث ستظهر النتائج بوضوح عند تسليم السكنات للمستفيدين، مشيرة إلى أن هناك ترقيات عقارية أخذت بعين الاعتبار هذا الجانب وراعت خصوصية وطبيعة الفرد والشروط التي تحقق له الأريحية، مردفة بخصوص تأثير ذلك على المناخ، أن النمط الحديث للبناء رفع معدل استعمال وسائل النقل وجعلها على مقربة من البنايات، خلافا لما كان شائعا في المدن القديمة التي فرضت هندستها وتقسيمات أزقتها ركن السيارات في نقاط بعيدة، لتقليص انتشار الدخان والتلوث الذي بات يهدد المدن الجديدة والغطاء الإيكولوجي عموما.
وقالت أيضا، إن المراجعة يجب أن تشمل إعادة النظر في تصميم النوافذ بما يتلاءم والخصوصية المجتمعية والمناخية، فالنوافذ الصغيرة المعتمدة في البناءات المورسكية القديمة، لها رمزية تكمن في حفظ وحماية الحياة الخاصة كما تعزل الصوت وتمنع تسرب الغبار، على خلاف تصميم النوافذ الحديثة المستلهمة من تصاميم العمران الغربي، والتي تتخذ فتحة أكبر بحجة أنها تساعد على إضاءة المكان وتهويته، في وقت تؤثر سلبا على نفسية الفرد، فيلجأ في الغالب إلى غلق شرفة البيت والنوافذ، وهو ما نراه حسبها، في الأحياء الجديدة وحتى في البنايات الفردية، أين يتم ادخال تعديلات لتصغير حجم النافدة وترك فتحة صغيرة للتهوية ما يشوه الجانب الجمالي.
وتقترح المهندسة، عرض التصميم السكني على المستفيدين منه قبل انطلاق الأشغال لأجل الوصول إلى نموذج جيد يتناول أيضا طرق استغلال المساحات الشاغرة بما يعود بالفائدة على المواطن، بعدها يأتي دور المهندسين لتقديم تصورات ومخططات هندسية تستجيب لحاجة السكان، لتجنب تشويه منظر العمارة وإلحاق الضرر بالمحيط.

مريم صغيري باحثة في مخبر تهيئة الإقليم

إهمال الدراسة المناخية أثر على طبيعة العمران  

أفادت الدكتورة مريم صغيري، مهندسة باحثة في مركز البحث في تهيئة الإقليم بقسنطينة، في حديثها للنصر، بأن إهمال الدراسة المناخية في التخطيط العمراني وتقييد مكتب الدراسات والمهندس بدفتر شروط وميزانية محدودة، حال دون تعميق الدراسة لتشمل مختلف الجوانب خاصة المتعلقة بحماية الغطاء الإيكولوجي وإبراز هوية كل منطقة، كما أفرز سكنات نموذجية موحدة.        
وتطرقت صغيري، إلى عدم مراعاة عامل المناخ في ظل التغيرات التي تعصف بالعالم، وقالت إن ذلك دليل على سطحية الدراسات، التي تهتم بجوانب ضبط الواجهة الخارجية دون التغلغل في التفاصيل الضرورية، مشددة على الدور المحوري للمختصين في الحرارة والمناخ، فيما يخص وضع لبنات المخطط العمراني، و اختيار مواد بناء صديقة للبيئة والإنسان، خصوصا وأن هذا الجانب مغيب اليوم في عملية إنجاز البنايات الجديدة، التي تستخدم فيها مواد غير مقاومة للحرارة والبرودة، ما يتسبب في استعمال أجهزة التدفئة بكثرة شتاء والاستهلاك المفرط للطاقة صيفا، رغم أن هذه الشروط كانت متوفرة بطريقة آلية في المعمار القديم، بفضل استعمال الحجارة المقاومة للبرودة والحرارة، إلى جانب بعض المواد العازلة للصوت كذلك.
نواجه أيضا كما أضافت، مشكلة عدم مراعاة الجوانب المتعلقة بالبيئة والمناخ في البناءات الفردية الحديثة، موضحة أن التصميم العصري المستلهم من العمران الغربي قد لا يتلاءم بالضرورة مع مناخ المنطقة والهوية العمرانية، وهي ملاحظة تنسحب على البنايات الخدماتية المفتوحة على الفضاء الخارجي بجدران ونوافذ زجاجية، لا تحمي من أشعة الشمس.
وقالت صغيري، إن هذا النمط غير مناسب خصوصا ولا يتماشى مع طبيعة المناخ، داعية إلى ضرورة الاستفادة في هذا الجانب من الكفاءات المتخصصة وإجراء دراسات مناخية معمقة قبل تحديد النموذج النهائي، مع الاهتمام بالفضاءات الخضراء الخارجية التي تعد رئة المدينة ووسيلة لتقليص خطر الانبعاث.  

ياسر بن زقوطة باحث في الهندسة

المشاريع الأخيرة راعت الجوانب المناخية

من جهته، أرجع الدكتور ياسر بن زقوطة، باحث في الهندسة المعمارية بمركز البحث في تهيئة الإقليم، غياب هوية عمرانية تراعي المناخ والبيئة، إلى أزمة السكن التي حتمت الإسراع في توفير سكنات بشكل استعجالي، لهذا لا يمكن حسبه، الحديث عن وجود خلل مقصود، لكون العملية تمت في ظروف استثنائية، ومكنت من التكفل بقاطني البيوت الهشة في المدينة القديمة و البيوت القصديرية، إضافة إلى حالات اجتماعية متعددة في مناطق الانزلاق و غيرها.  
وقال محدثنا، بأن التحول العمراني فرض نمطا موحدا، وحال دون دراسة الاحتياجات البيئية والخصوصية الاجتماعية للمستفيدين، الذين يلجأون لإدخال تعديلات على الشقق أحيانا و التوسع إلى الفضاءات  الخارجية، وأضاف بأن الأمر يشمل كذلك قطاعا هاما من البناءات الفردية أين نلاحظ تأثرا كبيرا بالعمران الغربي الذي لا يتناسب مع المناخ المحلي، وهنا يبرز  حسبه، دور المهندس في تقديم تصور هندسي يستجيب لرغبة صاحب المشروع ويتلاءم والمناخ المحلي والبيئة الجزائرية، لتقديم تصميم صديق للبيئة مقتصد للطاقة باعتماد مواد بناء عازلة للصوت، ومقاومة للبرودة والحرارة.   
واعتبر، بأن السلطات أدركت أهمية مراعاة التغيرات المناخية ووضع اللمسة الإبداعية للمهندس لإبراز هوية كل منطقة، وهو ما يظهر من خلال التحول في استراتيجية المشاريع المسطرة مؤخرا، حسب الباحث والتي ردت الاعتبار للمهندس وجعلته حلقة مهمة في وضع اللبنات الأولى للمشاريع خاصة السكنية، مؤكدا بأن هناك تطورا كبيرا في مجال العمران الصديق للبيئة تعكسه الدراسات العلمية التي يقوم بها الباحثون الجزائريون.
أ ب

دعا علماء إلى تكثيف الجهود فيما يتعلق بالأبحاث الخاصة بالتغيرات المناخية، وذلك بسبب القلق الذي تثيره الزيادة الكبيرة في درجات حرارة المحيطات وآثارها المدمرة على المناخ.
وقال الأمين التنفيذي للجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، فيدار هيلغيسين، إن التغييرات تحدث بسرعة كبيرة لدرجة أننا أصبحنا عاجزين عن مراقبة تأثيرها. وأضاف هيلغيسين في تصريح صحفي خلال مؤتمر "عَقد المحيطات" المنظم مؤخرا في برشلونة، بأنه من الضروري بذل جهد أكبر بكثير فيما يتعلق بالمراقبة والبحوث في الوقت الفعلي، معتبراً أن معالجة ارتفاع درجة حرارة المحيطات مسألة طارئة.
وسجلت درجة حرارة المحيطات التي تغطي 70 بالمئة من مساحة الكوكب وتؤدي دورا رئيسيا في تنظيم المناخ العالمي، رقما قياسيا جديدا في مارس الماضي، حيث بلغ متوسطها 21.07 درجة مئوية على سطح المياه، باستثناء المناطق القريبة من القطبين، بحسب مرصد كوبرنيكوس الأوروبي.
ويهدد الارتفاع في درجات الحرارة والذي يتفاقم كل شهر منذ عام، الحياة البحرية، كما تؤدي هذه الظاهرة إلى زيادة الرطوبة في الغلاف الجوي، مما يتسبب بحدوث مزيد من التقلبات المناخية كالرياح العنيفة والأمطار الغزيرة.

 

 

نجحت مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني للنفايات بأم البواقي، في كسب الرّهان الذي عُلّق عليها، وتمكنت في ظرف وجيز من خلال سلسلة تعاقداتها مع عديد المؤسسات الناشئة المختصة في تشتيل وبيع الأشجار، من تغيير وجه المدينة وإضفاء جمالية أكبر عليها، على الرغم من الصعوبات العديدة التي تواجهها وأبرزها غياب الطاقم البشري المؤهل في مجال التشجير لمتابعة العملية ميدانيا ونقص الإمكانيات.

مدير المؤسسة بوخالفة خالد وفي لقائه بالنصر، أوضح أن المؤسسة باشرت خلال الأشهر القليلة الماضية عملية تشجير واسعة، أين كانت البداية بمدينة أم البواقي وبدأت في التوسع نحو عديد المدن، ومن المتوقع أن تشمل البلديات الكبرى والصغرى.
وأضاف المتحدث بأن العملية تكفلت بها مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني للنفايات وبعض النقاط المرتبطة بها، وقد شاركت فيها عديد المؤسسات، وبخصوص عملية الغراسة والتشجير التي تتواصل بشكل يومي، وكذا إمكانية تضرر الأشجار والفسائل المغروسة وعدم نجاحها على أرض الواقع، بيّن المتحدث بأن المؤسسة اتخذت جميع الاحتياطات والترتيبات المناسبة في ظل التباين الحاصل في درجات الحرارة وكذا في ظل التقلبات الجوية، أين تم تسطير برنامج لمتابعة العملية بالسقي المتواصل.


كما أن المؤسسة ولأجل إنجاح العملية اقتنت نوعية جيدة من الأشجار الملائمة لمناخ المنطقة، وتعاقدت مع عديد المؤسسات المختصة التي ستتكفل بمرافقة عملية التشجير بالسقي، كما أن التعاقد يشترط في أحد بنوده إخضاع الأشجار المغروسة لفترة سنة كضمان، بهدف إنجاح العملية، التي لا تزال متواصلة بعاصمة الولاية وستشمل بقية الأحياء.
حملة واسعة لرفع أكوام النفايات
محدثنا أضاف بأن عملية التشجير تم تسطيرها بعد إتمام حملة كبرى لتنظيف المحيط من رفع للأتربة والأوساخ وإزالة النقاط السوداء ورفع النفايات الصلبة، وشملت طرقا مزدوجة وسط مدينة أم البواقي ومساحات خضراء كانت مهملة وعادت الحياة لها حاليا بفضل مجهودات السلطات الولائية، وتم تخصيص بعضها للعائلات بمقابل مادي للحفاظ عليها وصيانتها، فيما تم تجهيز العديد منها بكراسي وتغطية مساحات منها بالعشب الطبيعي.
وأكد المتحدث بأن العملية تم تجسيدها ويتواصل ذلك من ميزانية الولاية، ويتضمن البرنامج التوجه نحو بلديات أخرى وبنفس النمط، أين تم الانتهاء قبل أيام من تهيئة عديد المساحات الخضراء والنقاط الدائرية بمدينة عين فكرون سواء على مستوى وسط المدينة أو بالمدخل الشرقي لها، كما انطلقت الأشغال بمدينة عين ببوش، أين ستتم تهيئة مساحات خضراء ونقاط دائرية بمدخلها، مع غرس أشجار على حواف الطرقات، كما تجري الإجراءات بالتنسيق مع البلدية لتهيئة مساحات خضراء حضرية بجانب ابتدائيتي شاوي محمد وعزاب لكحل.
غرس آلاف الشجيرات
 عبر 8 مواقع
وعن حجم عملية التشجير والأصناف التي تم الاعتماد عليها وكذا المواقع التي شملتها، أوضح المتحدث بأن العملية مست 8 مواقع وسط مدينة أم البواقي، وعرفت تغيرا كليا عما كانت عليه، إذ تم غرس 10398 بين شجرة وشجيرة، منها 9285 شجيرة طولها بين 30 و50 سنتمترا و1113 شجرة طولها بين 2.5 و4.5 أمتار.
وأضاف مدير مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني للنفايات بأنه تم على مستوى المدخل الغربي لمدينة أم البواقي غرس 40 شجرة نخيل من نوع «فونيكس» وألف حوض من الأزهار من أصناف «جيرانيوم» و»قازانيا» و»مارغريت» و2800 عملية غرس للعشب الطبيعي، وكذلك 1145 شجيرة من نوع «بيتوسبروم» و64 أخرى من صنف «تويا».
وعلى مستوى المساحات الخضراء بنهج زرداني حسونة الممتدة من مفترق الطرق بحي النصر وحتى مفترق الطرق بحي الألوان، تم غرس 2730 شجيرة من نوع «بتوسبروم» و211 شجرة من نوع «فيكيس» بطول 2.5 متر. وعلى طول طريق خنشلة ضمن المساحة الممتدة من النقطة الدائرية بجانب مقر وحدة البحث والتدخل وحتى مقر خزينة الولاية، تم غرس 1410 شجيرات من صنف «بيتوسبروم» و35 من نوع «فيكيس» بطول 2.5 متر و21 نخلة من نوع «واشنطونيا» بطول 2.5 متر»، وعلى مستوى الطريق المحاذي لمقر الولاية، تم غرس 224 شجرة من نوع «فيكيس» بطول 2.5 متر.
كما تم على مستوى المساحة الخضراء المتواجدة وسط الطريق المؤدي للمدينة الجديدة 3، غرس 117 شجرة «فيكيس» وألف حوض أزهار، مع 120 عملية غرس للعشب الطبيعي، وبمحاذاة دار الأشخاص المسنين على الطريق الوطني رقم 10، تم غرس ألفي حوض أزهار و53 شجرة نخيل و45 نخلة من نوع «واشنطونيا» و20 شجرة «فيكيس».
وبجانب الطريق المحاذي لمحافظة الغابات تم غرس 84 شجرة «فيكيس» و45 نخلة من نوع «واشنطونيا» و63 نخلة من صنف «فونيكس»، كما تمت تهيئة المساحات الخضراء على طول طريق الجامعة، بغرس 410 شجيرات من نوع «فوزين بول» و54 من نوع «بلاتان» و22 شجرة «ستريكوليا».
دعوة للمواطنين للحفاظ على الأشجار
وبخصوص الصعوبات التي تواجهها المؤسسة في عملية التشجير، أشار المتحدث إلى أنه ونظرا لأن العملية انطلقت مؤخرا بالمدينة ولغرس ثقافة التشجير وسط سكانها، وجه رسالة للسكان بتقديم العون للحفاظ على الأشجار، وكذا تجنب وضع بقايا النفايات الصلبة في الأحواض، إلى جانب تفادي ما تم تسجيله من تعرض الأشجار والعصي الخشبية المسندة لها للسرقة، ناهيك عن تفادي المشي على المساحات المغروسة تجنبا لكسر الأشجار والشجيرات المحيطة بها.
 كما أن المؤسسة مثلما يضيف مديرها، تعرف نقصا في المعدات نظرا لكون العملية حديثة، موضحا بأنه وقبل الانخراط في عملية التشجير، بادر مجلس إدارة المؤسسة إلى توسعة نشاطها وإضافة نشاط ثانوي يتمثل في تصميم وتسيير وتهيئة المساحات الخضراء، وقبله تمت توسعة نشاط المؤسسة إلى البناء والأشغال العمومية والتسلية.
وبتعديل نشاط المؤسسة تم كذلك تعديل برنامج العمل بالنسبة للموظفين، أين تم استحداث فرقتين للسقي ليلا وفرق أخرى للبستنة والحدائق داخل مراكز المؤسسة وعددها 8 مراكز بالولاية، وكذا على مستوى غابة الاستجمام «الصنوبر»، وحاليا يخضع العمال لعمليات تكوين غير مباشر من خلال الاحتكاك بالمؤسسات المتعاقد معها في مجال الغراسة والتشجير والسقي.
                     أحمد ذيب

ينتشر في غابتي جبل الوحش وشطابة: الصيـد الجائـر يهدّد الذئـب الذهبي بقسنطينــة

 

يعتبر الذئب الذهبي الإفريقي، من بين الحيوانات النادرة والمحمية، يعيش بشكل كبير في شمال إفريقيا وتحديدا الشمال الشرقي و منطقة الساحل كذلك، وهو معروف بتواجده الكبير بولاية قسنطينة موطنه الأكثر استقرارا وأمنا، ولكن بعض التصرفات والسلوكيات غير المسؤولة تهدد وجوده فعليا، خصوصا محاولات قتله على يد مزارعين يصطادونه بشكل جائر خوفا على الماشية و الدواجن، وهو ما أثر على تعداده وظروف عيشه.

ورغم أنه من سلالات الذئاب المسالمة، التي لم تسجل  طوال تاريخها أية حوادث عنيفة، إلا أن التعامل معه يكون حذرا من قبل الأفراد الذين لا يتوانون عن قتله بمجرد مشاهدته، مع ذلك فقد تمكنت محافظة الغابات بقسنطينة في السنوات الأخيرة، من رصد عدد معتبر من الذئاب الذهبية في غابتي جبل الوحش وشطابة، وهو ما يوجب حسب ممثلين عنها، الاهتمام بهذا الحيوان للحفاظ على تواجده في المنطقة و ضمان التنوع الحيوي و توازن النظام البيئي.
سمعة أسطورية تمتد عبر الثقافات والعصور


ويصنف الذئب الذهبي من بين أكثر الكائنات البرية إثارة وجذبا للاهتمام فهو يتمتع بسمعة أسطورية تمتد عبر الثقافات والعصور، حيث يصور في الحكايات كمخلوق شجاع وحكيم، أو كرمز للقوة والشراسة، وبحسب خبير الغابات بمحافظة ولاية قسنطينة عيسى فيلالي، فإن الذئب الذهبي الإفريقي حمل في مرحلة معينة اسم ابن آوى، ويصنف من سلالة الكلاب، لكن دراسة نشرت في عام 2015 أظهرت أن حمضه النووي أقرب إلى الذئب الرمادي وينتشر في غرب وشرق وشمال إفريقيا بما في ذلك جبال الأوراس في الجزائر.
وأوضح الخبير، أن الذئب الذهبي الإفريقي، من الحيوانات التي يقتصر استيطانها على دول غرب وشمال إفريقيا والشمال الشرقي للقارة وكذلك منطقة الساحل، مشيرا إلى انتشاره بشكل ملحوظ في مختلف غابات ولاية قسنطينة خصوصا شطابة و غابة جبل الوحش و غابتي الهرية والقرزي كذلك.
وقال المتحدث، بأن الذئب الذهبي ثروة حيوانية لا يستهان بها بالنظر إلى قيمته البيئية والعلمية وحتى الاقتصادية، رغم ذلك فإن الواقع المبني على الأبحاث والدراسات يكشف بأن هذا الكائن مهدد بالانقراض، بفعل أنشطة الإنسان التي تؤثر على طبيعة عيش الحيوان، وهو ما استوجب إخضاعه للحماية القانونية حيث تمت الإشارة إليه في الجريدة الرسمية وتحديدا في القائمة الثانية التي تناولت موضوع الحيوانات والنباتات المحمية.


يتغذى على الحيوانات الصغيرة
وعلى الرغم من وجود هذه القواعد إلا أن فعالیتها تبقى نسبية في حمایة الذئب الذهبي من الانقراض، بسبب التزايد المستمر لظاهرة الصيد العشوائي مما یستدعي بحسبه اتخاذ إجراءات أخرى أكثر صرامة لحمايته من خلال القيام بحملات تحسيسية في المداشر والقرى، لتوعية الصيادين بأن الذئب الذهبي مسالم وخجول، ويتغذى بشكل أساسي على الحيوانات الصغيرة مثل الأرانب والفئران والطيور، كما يلجأ إلى تناول فاكهة الغابة في حالة شح الطرائد، وذلك من أجل البقاء على قيد الحياة.
ويواجه الذئب الإفريقي، تحديات جمة بسبب تدهور موائله الطبيعية وتدخل البشر في بيئته، وكذا تراجع المساحات الغابية ما أدى إلى تقلص مساحات عيشه وتقليل فرصه الغذائية، إلا أن أكبر التهديدات التي تواجهه تتعلق بالقرويين الذين يضعون له السم لقتله.
وحسب فيلالي، فقد لاحظ خلال خرجاته الميدانية، أن هذا النوع من الحيوانات يهرب من الإنسان ولا يهجم عليه، ولذلك لا يشكل أي خطر إلا في حال تم التعدي عليه، أو كان مريضا أو مصابا.
ولحماية الذئب الذهبي و الضبع  المخطط و ابن عرس و الرباح و النمس من القتل، قامت محافظة الغابات ببرمجة خرجات ميدانية إلى غابات قسنطينة من أجل توعية القرويين بخطورة ذلك، وبالدور الذي تلعبه هذه الحيوانات في النظام البيئي، حيث تساهم في تنظيم أعداد الحيوانات الفريسة والحفاظ على التوازن البيئي، ناهيك عن أن وجود الذئب يشير إلى صحة النظام البيئي في المنطقة.
حيوان ذكي ومسالم
أما بالنسبة إلى شكل الذئب الذهبي الإفريقي، فهو يمتلك أنفا طويلا وكذلك آذانا كبيرة نوعا ما، ذيله قصير و لا يزيد طوله عن 20 سم، أما لون الفراء فيختلف باختلاف المكان الذي تعيش فيه الفصيلة، ولكن اللون السائد هو الأصفر الذهبي أو الرمادي المائل للفضي.
وقال المتحدث، بأن نظراته حادة جدا، تماما مثل نظرات الذئب الرمادي مضيفا أن الذكاء الحاد يعد من بين الصفات التي رصدها لدى هذا الحيوان وذلك خلال خرجاته الميدانية، لأنه لا يتحرك عندما يكون بعيدا عن الخطر، وإذا اقترب منه الإنسان يهرب سريعا.
أما فيما يخص طبيعة عيش السلالة، فهي من النوع الذي يفضل أن يتنقل ويصطاد وحيدا أو في شكل ثنائيات، وليس في جماعة، عكس ابن أوى  الذي يفضل التحرك ضمن قطيع كامل.
لينة دلول

دعوة للتقليل منها و فرزها قبل رميها: النفايـــــات الإلكترونيــــــة خطــــر بيئــــي أفـــرزه فـــــرط استهـــــلاك التكنــولوجـيـــــــــا


يتعامل أفراد المجتمع مع النفايات الالكترونية بطرق عشوائية تجعلها تشترك مع عوامل أخرى في تلويث البيئة والإضرار بها، إذ تُرمى مع النفايات المنزلية دون الانتباه إلى فصلها أو عزل بعض المواد التي تحتوي على غازات سامة، ما يحولها إلى قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت مسببة حرائق تهلك المساحات الخضراء، ناهيك عن تعريض عمال النظافة لإصابات خطيرة أثناء عملية جمعها من الحاويات أو تفريغها.


ومن عادات التعامل السلبية مع الأجهزة الإلكترونية منتهية الصلاحية، تخصيص ركن لها في المنازل يحتوي على أي جهاز قديم أو متلف، بينما تُحول في أحيان أخرى إلى أصحاب مستودعات خاصة بجمع الخردوات يشترونها بأسعار رمزية لاستخراج بعض المواد منها على غرار النحاس والحديد، فضلا عن قطع الذهب ثم يرمون الأجزاء المتبقية في مساحات مفتوحة.


وتتأثر الصحة العامة جراء تلوث الهواء بسبب الغازات التي قد تنبعث أثناء عملية حرق النفايات الإلكترونية، ناهيك عن تهديدها للسلامة البيئية، باعتبارها مصدرا للنفايات الصلبة التي تتنامى في العالم بسبب تطور الصناعات الإلكترونية وانتشار التجارة في هذا المجال، ما جعل الأجهزة الإلكترونية تتوفر في كل بيت خصوصا في ظل الرغبة في استبدال الأجهزة القديمة بشكل مستمر.
«التقادم المبرمج» تضحية مباشرة بالبيئة
واعتبر الأستاذ في علم البيئة، بجامعة الإخوة منتوري بقسنطينة، عزيز ملياني، «التقادم المبرمج» المشكلة الأساسية التي تطرحها الصناعات الإلكترونية، ومقارنة بالنفايات الناجمة عن الأجهزة فإن هذا الأخير له تأثير أكبر على البيئة.
وقال ملياني، إن هذه الاستراتيجية معتمدة في مصانع الأجهزة الإلكترونية المنزلية، ومنتجات تكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات لتحديد عمر المنتج وجعل عملية إصلاحه مستحيلة، بهدف تشجيع عملية استبدال المنتجات بصورة متكررة بما يسمح للعلامة بالمحافظة على زبائنها والاستمرار، ناهيك عن احتكارها للسوق وإبعاد منافسيها من خلال ما تطرحه من تحديثات في برامج المعلوماتية في الأجهزة الجديدة، وجمالية الشكل الخارجي وعصرنته، خصوصا من ناحية الاهتمام بالشاشات وجودة «الكاميرا» مع استغلال الاحتياجات التكنولوجية للزبائن ما يدفعهم لتغيير أجهزتهم واقتناء أخرى جديدة كلما طُرح جهاز جديد في السوق. وتابع، بأن جهل المواطن بالطريقة الصحيحة للتعامل مع الجهاز المتلف ورميه مباشرة في حاويات النفايات، في ظل عدم التحلي بثقافة الرسكلة، وغياب فروع تابعة للشركات المصنعة الأصلية التي تسترجع الجهاز، عوامل أزمت الوضع، وأدت إلى ظهور عدة مشاكل بيئية، ناهيك عن تأثر التنوع البيولوجي كنتيجة للمواد السامة وانبعاث الغازات الدفيئة بسبب التعامل العشوائي مع النفايات الإلكترونية.
انفجارات واحتباس حراري
وأضاف الأستاذ في علوم البيئة، بأن عدم فصل مواطنين للنفايات الإلكترونية عن المنزلية صعب من عملية تسييرها، خصوصا أثناء حرقها حيث تنبعث من بعض موادها غازات تسمم المحيط الذي تم التخلص منها فيه وتزيد من حدة الاحتباس الحراري، ناهيك عن خطورتها على عمال النظافة أثناء التعامل معها في المفارغ، وحتى على الأطفال الذين يلعبون بجانب الحاويات، ففي حالة انفجارها يمكن أن تسبب لهم حروقا خطيرة أو التهابات، ناهيك عن جروح عميقة بفعل زجاجها المنكسر الذي يكون سميكا عكس الزجاج العادي.
من جهة أخرى، تطرق ملياني للحديث عنها كعامل مسبب للحرائق سواء بسبب الغازات الموجودة بداخلها أو الزجاج، وأوضح المتحدث بأن بعض الأجهزة الإلكترونية تحتوي على عدسات مكبرة تتسبب في انعكاس أشعة الشمس فتنتج عنها شرارة تؤدي إلى اندلاع الحرائق خصوصا خلال الأيام التي تعرف ارتفاعا في درجة الحرارة، ناهيك عن احتوائها على مواد غازية قابلة للانفجار تحت تأثير الضغط.


النفايات الإلكترونية غير قابلة للتحلل
 قال عضو جمعية حماية البيئة والطبيعة، هشام بوعيشة، إن المواد الموجودة في النفايات الإلكترونية مثل البطاريات والحديد ناهيك عن البلاستيك تكون ذات طبيعة صلبة وغير قابلة للتحلل، وبالتالي فإن التخلص منها بطرق عشوائية يؤدي إلى تراكمها في الطبيعة وتضاعف حجمها في كل مرة.وأعقب بأن تواجدها في البيئة يشكل خطرا على كل عناصرها من الكائنات الحية وصولا إلى البكتيريا النفعية الموجودة في التربة، ناهيك عن تلويثها للهواء، وقال بوعيشة بأن المتضرر الأكبر في هذه الحلقة هو الإنسان، سواء بسبب تأثر صحته أو الموارد التي ينتفع منها مياها كانت أو منتجات زراعية.ولتفادي المشاكل البيئية، نصح عضو جمعية حماية البيئة والطبيعة بتفادي الإفراط في اقتناء الأجهزة الإلكترونية ولواحقها خصوصا المنتشرة في بعض الأسواق وعلى قارعة الطريق، و التي تكون بأثمان زهيدة وجودة سيئة ما يؤدي إلى تلفها بسرعة، كما حذر من تعامل الإنسان العشوائي مع الطبيعة ناصحا بضرورة الحفاظ عليها وتجنب الرمي العشوائي للمهملات.
كل مراحل تصنيع الأجهزة الإلكترونية تخلف كما من النفايات
وحسب عزيز ملياني، الأستاذ في علم البيئة بجامعة الإخوة منتوري فإن مشكلة النفايات الإلكترونية لا تتعلق فقط بطريقة تسييرها أو خلال آخر مرحلة من عمر المنتج، بل هي عبارة عن حلقة ضمن سلسلة طويلة ناتجة عن مخلفات مراحل تصنيع هذه الأجهزة.
وأفاد، بأن المرحلة الأولى تكون متعلقة بعملية استخراج المعادن من المناجم مثل الحديد الذي يحتاج إلى طاقة كبيرة جدا، ناهيك عن تدخل آلات ضخمة تخرج منها غازات تسبب الاحتباس الحراري، مرورا بعملية التصنيع وما تخلفه من مهملات خصوصا البلاستيك والمواد الصلبة فمرحلة النقل، وكلها خطوات لها مفرزات سلبية على البيئة و يشارك التقادم المبرمج في زيادة حدتها وفقا للمتحدث، الذي قال إن هذه المواد لا تلوث سطح الأرض فحسب، فالمياه الجوفية والبحار أيضا غير محمية منها وبالتالي ينتقل تهديدها إلى الكائنات البحرية.
ثروة تتحول إلى نقمة بيئية
ويطرح الحديث عن النفايات الإلكترونية التطرق لفوائدها أيضا، خصوصا عند عملية إعادة تدوير بعض القطع والمواد، وفي هذا الصدد يقول الأستاذ في علم البيئة، بأن رسكلة هذا النوع من النفايات يُكسب الكثير من المعادن النادرة مثل «الكوبالت»، «الأليمينيوم» النحاس والحديد، فضلا عن قطع الذهب التي يمكن الاستفادة من قيمتها أو إعادة توظيفها في تشغيل أجهزة أخرى بدل دفع أموال من أجل استخراجها من المناجم أو اقتنائها بأثمان باهظة.
وعلق ملياني، بأن التسيير غير المدروس لبقايا الأجهزة، فضلا عن غياب مؤسسات أو جمعيات خاصة تتكفل بجمعها وعملية رسكلتها، يحرم من الاستفادة منها كمورد ثانوي. وبحسب عضو جمعية حماية البيئة والطبيعة، هشام بوعيشة، فإن الجزائر تعاني من ارتفاع في حجم النفايات الإلكترونية، وقال إن الهواتف التالفة ولواحقها ناهيك عن أجهزة التحكم عن بعد، تعد من البقايا الشائع انتشارها في الطبيعة، وأرجع ذلك إلى الاستهلاك المفرط لهذه المنتجات الإلكترونية.
 ناهيك عن غياب آليات لإعادة تدويرها ومؤسسات تهتم بهذا الشأن، وقال إن تسييرها لحد الساعة يتم بطرق غير منظمة إما برميها، أو دفعها إلى بائعي الخردوات الذي يأخذون منها القطع التي يستفيدون منها ويرمون الأخرى.
ودعا بوعيشة، إلى تفعيل دور الجمعيات المهتمة بالبيئة، من أجل التحسيس بالمشاكل البيئية وتوضيح أسبابها، فضلا عن تبيين أهمية الرسكلة للحد من انتشار النفايات بمختلف أنواعها في الطبيعة، وكحل مساعد على التحكم في حجمها، ناهيك عن تفادي تأثيراتها السلبية على الإنسان وباقي الكائنات الحية.    إينـاس كبير

الرجوع إلى الأعلى