قضت مساء أمس المحكمة الرياضة الدولية بشرعية الشكوى التي تقدم بها الاتحاد الجزائري لكرة القدم في شكل طعن، في القرار الذي كان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم قد أصدره، فأصدر «تاس لوزان» قرارا يلزم فريق نهضة بركان المغربي بشطب «الخريطة الوهمية» التي تضم أراضي الجمهورية العربية الصحراوية إلى المغرب من على قميصه، في انتظار إصدار عقوبات أخرى في الجلسة المقررة يوم 13 مارس القادم، لتكون بذلك الجزائر من خلال قرار «التاس» قد صفعت نظام «المخزن» والعصابة التابعة له، والتي كانت تحكم قبضتها على «الكاف»، في وجود «البارون» فوزي لقجع، لأن القضية كانت في شكلها بطابع «رياضي»، لكنها في الأساس بجوهر «دبلوماسي»، وإدارة اتحاد الجزائر كانت قد رفضت إجراء لقاءي نصف النهائي لمنافسة كأس الاتحاد الإفريقي بسبب تعمد المنافس «المخزني» الإصرار على ارتداء قمصان عليها «خريطة» مزيفة.
«التاس» تقضي بعدم شرعية الخريطة الوهمية
قرار "تاس" لوزان، والذي كان في شكل بيان إعلامي أصدرته المحكمة الرياضية الدولية حمل في طياته انتصارا كبيرا و"مزدوجا" للجزائر على نظام "المخزن" و"الكاف" على حد سواء، كما أن هذا الانتصار جاء ليجسد قوة الدبلوماسية الجزائرية، وتفوقها الكبير على كل من خولت له نفسه بالسعي لمحاولة التشويش على الجزائر في مواقفها الثابتة إزاء قضايا النضال التحرري في الصحراء الغربية وفلسطين، وقرار أبناء "سوسطارة" في أفريل 2024 عند رفض مواجهة نهضة بركان بقمصان عليها "خريطة مزعومة" كان لتأكيد المواقف السيادية الثابتة للجزائر، رغم أن هيئة "الكاف" كانت منذ الوهلة الأولى لطفو القضية قد أبانت عن تحيزها "المفضوح" للطرف المغربي، لتكون الضربة الموجعة التي وجهتها الجزائر أمس بمفعول "مضاعف"، لأن دراسة الملف على مستوى المحكمة الرياضية الدولية أبطل "المسرحية" التي كان يعتزم نظام "المخزن" عبر بارونه لقجع بصدد تنشيط فصولها بالتواطؤ مع "الدمى" التي كانت تابعة له على مستوى الاتحاد الإفريقي، لأن هذا "المخطط" كان يهدف في جوهره إلى استهداف الجزائر، من خلال قضية كانت في شكلها "رياضية"، لكنها في الحقيقة بأبعاد سياسية تمس بالمبادئ الثابتة للجزائر إزاء قضية الصحراء الغربية، والدليل على ذلك أن رئيس الكاف موتسيبي كان قد عقد جلسة استعجالية لمكتبه التنفيذي من أجل دراسة الطعن الذي قدمته الفاف قبل موقعة لقاء الذهاب بالجزائر، فلم يستح من اختيار مكتب لقجع في الرباط كمكان لدراسة ملف مهم، والجناح المغربي كطرف مباشر في هذه القضية، لتنكشف أمور التواطؤ بين "الكاف" ونظام "المخزن" من خلال القرارات المتتالية التي تم إصدارها من الهيئة المسؤولة عن المنظومة الكروية في القارة السمراء، والتي كانت كلها لصالح نهضة بركان، وضد اتحاد الجزائر والفاف.
المحكمة أقرت بعدم التزام الكاف الحياد السياسي
النجاح الكبير للدبلوماسية الجزائرية عبر بوابة قضية رياضية جسد إصرار الطرف الجزائري على التمسك بحقوقه، والدفاع عنها إلى أبعد محطة ممكنة، لأن قضية "الخريطة المزيفة" كانت عواقبها إقصاء اتحاد الجزائر رياضيا من النسخة السابقة لمنافسة كأس الكاف، لكن الفريق شارك بصورة عادية في الطبعة الحالية، بينما واصلت الفاف الدفاع عن حق الجزائر على مستوى المحكمة الرياضية الدولية، فكان القرار عبارة عن ضربة "معلم" وجهتها الجزائر لكل من خولت له نفسه القيام بمناورة لضرب سيادتها، كيف لا ومخطط "الخريطة المزعومة" كان الورقة التي وظفها نظام المخزن، بعد تلقي الضوء الأخضر من "الدمى" البشرية التابعة له من عملاء البارون لقجع في الكاف، والمسعى من هذا المخطط إجراء فريق مغربي مباراة كروية بالأراضي الجزائرية، ولاعبوه يرتدون أقمصة عليها خريطة تضم الصحراء الغربية إلى الحدود المغربية "المزيفة"، وهو "السيناريو" الذي كان في شكل قالب "رياضي"، إلا أنه في جوهره بأبعاد سياسية، الأمر الذي جعل الطرف الجزائري يعرب عن رفضه القاطع والصريح لأي مناورة، ويقطع الطريق أمام نظام "المخزن" وأتباعه الذين شاركوا في نسج خيوط هذه المسرحية، فامتد قرار المقاطعة إلى رفض إجراء لقاء العودة بالأراضي المغربية، بعدما تنقل وفد اتحاد الجزائر إلى بركان، إلا أنه جسد التمسك بالمواقف السيادية الثابتة للجزائر، فلم يجر المقابلة بسبب قضية "الخريطة المزعومة".
انتصار الجزائر بسريان قرار المحكمة على كل الرياضات
قرار محكمة "لوزان" الرياضية وجه ضربة موجعة لكل من بادر إلى المشاركة في مخطط استهداف الجزائر "دبلوماسيا"، لأن الكاف كانت الحلقة الأضعف في هذا الملف، لما أبانت عن تحيزها المفضوح وغير المبرر للطرف المغربي، فكان مصيرها الاندثار مع "المزاعم" التي كان يفتعلها "البارون" لقجع، حامل راية تمثيل نظام "المخزن" في أعلى هيئة كروية قارية، وهو الذي كان قد أحكم قبضته عليها، لما جعل من موتيسيبي "دمية" في يده، لكن هذه العصابة تم تفكيكها، بعدما أبطلت المحكمة الرياضية الدولية مفعول كل مخططات "الفساد" التي كانت تحاك لخدمة مصلحة الطرف المغربي، بحسابات سياسية، على اعتبار أن المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم كان يتخذ من الأراضي المغربية مرتعا له لعقد جلسات "شكلية"، بصورة دورية، لكنها في الحقيقة تمنح موتيسيبي وجماعته امتيازات وإغراءات، وهي جوانب كان رئيس الكاف قد أبان عنها بشكل مفضوح من خلال زياراته الكثيرة والمتكررة للمغرب، ولو كان ذلك على حساب مصلحة المنظومة الكروية في القارة السمراء، ليكون رد الطرف الجزائري على هذه الأساليب قويا، بالتفوق على نظام المخزن والكاف في قضية واحدة، أسقط من خلالها كل "المزاعم" التي كانت للطرف المغربي بتواطؤ مع مسؤولي الكاف، لأن قرار "تاس" لوزان كان واضحا وصريحا، وأعتبر صورة "الخريطة المزعومة" التي كانت على أقمصة فريق نهضة بركان رسالة سياسية، ومظاهرة، وتشويش بأبعاد سياسية، كما أن الخريطة، وباعتراف المحكمة الرياضية الدولية لم تكن مطابقة لما هو معتمد من حدود جغرافية بين المغرب والصحراء الغربية من طرف هيئة الأمم المتحدة، كما أن القرار في شقه الرياضي مس بنص الفقرة 1.03 من لوائح الكاف، وكذا القانون 4 من القوانين المعتمدة من طرف هيئة "بووارد"، لأن القميص الرياضي لا يجب أن يحمل أي شعار بأبعاد سياسية، ولو أن المحكمة الدولية لم تستثن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم من قرارها، وأكدت بأن الكاف لم تلتزم الحياد السياسي في هذه القضية.
ترشح صادي لعضوية الكاف خطوة أولى للعودة إلى الواجهة
انتصار الجزائر دبلوماسيا في قضية رياضية جاء بعد مسلسل امتدت فصوله على العديد من الحلقات ابتداء من موقعة الذهاب لنصف نهائي النسخة الماضية من كأس الكاف في أفريل 2024، لكن الطرف الجزائري أصر على الذهاب بعيدا في هذه القضية، فكانت الفاف الطرف الوحيد الذي استوفى إجراءات الطعن لدى "تاس" لوزان، لتكون جلسة السماع عبر نظام التحاضر عن بعد في نوفمبر 2024، ليخرج في نهاية المطاف الطرف الجزائري بانتصار كبير، وجه ضربة قاضية للبارون لقجع، وأتباعه على مستوى الاتحاد الإفريقي، ولو أن معالم تغيير الخارطة في الكاف ارتسمت مسبقا، بدخول رئيس الفاف، وزير الرياضة، وليد صادي سباق عضوية الهيئة التنفيذية كمترشح وحيد عن منطقة شمال إفريقيا، والانتخابات مقررة يوم 12 مارس القادم، وستكون محطة لتمكين الجزائر من استعادة تمثيلها في الهيئة الكروية القارية،
مكاسب الجزائر تعبد الطريق لتغيير جذري في خارطة الكاف
في ضربة كانت الأولى التي تلقاها الطرف المغربي، بعدما سقطت كل مخططاته ومناوراته في الماء، جراء "الاستراتيجية" الذكية التي انتهجتها الجزائر لضمان التواجد بقوة في المكتب التنفيذي للكاف خلال العهدة القادمة، فكانت قرارات "تاس" لوزان أمس مواكبة للطرح القاضي بانتصار الجزائر "دبلوماسيا" ورياضيا على المغرب وكل أتباع لقجع في الكاف، وهي مؤشرات أن موازين القوى في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ستتغير مباشرة بعد انتخابات مارس المقبل، باندثار "العصابة" التي كانت قد أحكمت قبضتها على هذه الهيئة طيلة العهدة المنقضية، والتي كانت قد استهدفت الجزائر في الكثير من القضايا، إلا أن المشهد الختامي كان بتفوق جزائري "صريح"، مقابل سقوط مدو لنظام المخزن وكل من تواطأ معه في قضية "الخريطة المزعومة".
صالح فرطاس