الجهوية طغت على الساحة الفنية الوطنية
انتقد الممثل الجزائري جمال بوناب ما يجري حاليا في الساحة الفنية الجزائرية و حالة الفوضى التي تطغى على الإنتاج الوطني ، مشيرا إلى أن هناك وجوها فنية كبيرة وممثلين حقيقيون همشوا بسبب الجهوية التي أرقت قامات الفن الجزائري، رغم أن الجمهور يطالب بها، موجها أصابع الاتهام في عدم ظهورهم إلى المنتجين والمخرجين بالدرجة الأولى. وقال خلال الحوار الذي جمعه بالنصر،بأنّ الرداءة تميز الأعمال الفنية ،ليس كلّها، ولكن الغالبية منها ، حسبه، هي أعمال لا ترقى إلى المستوى المطلوب ، كما تحسر بوناب على وضعية الفنان الجزائري، وإحالة العمالقة منهم إلى التقاعد المسبق وتعويضهم بمن لا علاقة لهم بالتمثيل.
جمال بوناب : صحيح أنني غائب عن جمهوري في التلفزيون رغم أنه يطلبني دائما ،الأمر ليس بيدي هناك جهات تسعى لتغييبي مثلما غيبت ممثلين كبار عن المشهد الفني، و للأسف الشديد هناك تهميش كبير لنا، آخر عمل قمت به كان من نوع سيت كوم العام الفارط في قناة الشروق، الجمهور الذي يريد مشاهدتي ومشاهدة الممثلين الذين أحبوهم في مختلف الأدوار التي يؤدونها، فهم في المقام الأول يريدون رؤية أعمالنا ولكن لم يتم طلبنا من قبل المخرجين، خلال السنتين الأخيرتين عملت كثيرا المسرح، و اعترف أني أشعر بالراحة في هذا الميدان الذي انطلقت فيه منذ سنة 1974، ما يُغضبني الآن في الميدان الفني هو النسيان الذي يطال الفنان، هذا الأخير حساس حتى النخاع وعندما يشعر بأنّه همّش و الجميع نسيه فان ذلك سيؤثر على نفسيته ومعنوياته كثيرا، «المعريفة» التي يعتمد عليها المنتجون والمخرجون لجلب معارفهم وأقاربهم ممن لا علاقة لهم بالفن وبالتمثيل على وجه الخصوص أثرت سلبا على الإنتاج الجزائري الذي يعرف تقهقرا وتراجعا كبيرين، هناك وجوه فنية هي دائما نفسها التي يشاهدها الجمهور الجزائري على التلفزيون رغم الكفاءات والخبرة التي يتميز بها الجيل القديم من الممثلين الذين يتواجدون الآن في طي النسيان وآخرون أحيلو على التقاعد المسبق وهو ما لا أتحمله، لأن الفنان مهما تقدم به السن فهو قادر على العطاء، أنا ضد تقاعد الفنان ، لان الفنان يمكنه التمثيل في أي مرحلة من عمره.
ـ هناك دخلاء على الساحة الفنية تسببوا في تراجع مستوى الانتاج التلفزيوني والدراما الاجتماعية، فكل من هب ودب يصبح منتجا، لا يوجد منتج حقيقي، المادة طغت على الميدان الفني الذي تحول إلى فضاء للاستثمار في الماديات بدل الكفاءات، المنتجون من رجال الأعمال يبحثون عن ممثلين لا يتمتعون بالخبرة وآخرين ليس لهم علاقة بالفن، يستغلونهم ليدفعوا لهم أجورا زهيدة لأن هدفهم ليس الرقي بالثقافة الجزائرية، وإنما بغرض إبراز مكانتهم ووجودهم المادي فقط، ولا يبحثون عن فنان محترف لأنهم يعرفون قيمته خاصة وانه لا يقبل أن يساوم في راتبه، فالآن كل شخص يأتي هكذا من العدم يمنحون له أدوارا مهمة رغم رداءة العمل الذي يقوم به، الفن في الجزائر اليوم أصبح تجاري بحت والانتهازيين شوهوه لما قبضوا زمام الثقافة الجزائرية ، وهو ما ساهم أيضا في اختفاء كبار الممثلين الجزائريين المميزين والمحترفين عن الساحة الفنية وقلة ظهورهم في الأعمال السينمائية أو الوثائقية أو التلفزيونية.
ـ لقد سبق وأن عرض علي أحدهم المشاركة في إحدى الأعمال، ولكنني اعتذرت له لأنني لا أتقن اللهجة القبائلية، وأمنيتي الكبيرة أن أتعلمها حتى أتمكن من التمثيل في الأفلام الامازيغية خاصة وأنني من متتبعي برامج القناة التلفزيونية الرابعة.
ـ هناك طاقات شابة تقوم بعمل كبير أحسن مما يقدمه المحترفون، ولكن غياب الإمكانيات يمنعهم من الظهور، وبالنسبة لي شخصيا المسرح هو حبي الأول، واعتبره المدرسة، أول صعودي على الركح كان في سنة 1974 ، تعلمت على يد كبار المسرحيين الجزائريين أمثال حسان الحساني المعروف باسم بوبقرة،رغم أن بدايتي الفنية كانت مع المسرح إلا أن الجمهور عرفني في التسعينيات أكثر من خلال التلفزيون.
هذه السنة لم يتصل بي أي مخرج «راني نستنى» ، أتمنى أن اعمل، أرغب أن أكون دائما موجودا في المسرح والتلفزيون والسينما هذا هو الممثل الحقيقي، كنت أتمنى الظهور عبر شاشة التلفزيون هذا العام لكن غياب العروض حال دون ذلك ورغم ذلك فأنا لا ازال أنتظر إلتفاتة إلي.
أقول له أنني موجود بالمسرح الذي لم أطلقه لغاية اليوم بل زاد تعلقي به أكثر، أما التلفزيون فأنا لا أزال انتظر عروضا جادة من المخرجين، فمن كان بحاجتي سيتصل بي لأنني مادمت موجودا وأستطيع التمثيل فلن أبخل على جمهوري ، الممثل بصفة خاصة لا يغيب فنحن هنا في كل الأوقات دائما موجودون من اجل الجمهور.