ثورة التحرير شهدت أقسى شتاء في التاريخ و 2019 سيكون الأبرد منذ سنوات
زكريا العابد، أو “زكي أرمادا”، كما يعرفه متابعوه على موقع فايسبوك، شاب قسنطيني عمره 25 سنة، يعد أشهر دليل “مستقل” للأرصاد الجوية في الجزائر، فصفحته الخاصة تعتبر مرجعية للطقس يزورها آلاف المتابعين يوميا ، كما يلجأ إليه الكثيرون قبل برمجة أسفارهم ورحلاتهم و يحتكمون إلى رأيه قبل ضبط تواريخ أعراسهم و أفراحهم.
يحدثنا زكريا في هذا الحوار، عن قصته مع عالم الرصد، و يكشف لنا السر وراء صدق 90 بالمئة من توقعاته الجوية، كما يحدثنا عن علاقة الجزائريين بالأحوال الجوية و نشراتها.
. النصر: كيف حول زكريا العابد صفحته على فايسبوك إلى دليل جوي رائد وطنيا، و كيف كانت البداية؟
• زكريا العابد: هي محض صدفة، فأنا في الأصل خريج كلية الحقوق و حامل لشهادة ماستر في القانون الجنائي، اهتمامي بالأحوال الجوية سببه عشقي للظواهر الطبيعية عموما، وقد بدأت في القراءة عن الجو و تقلباته منذ الصغر، لكنني طورت هوايتي بمرور السنوات، فلم أعد أعتمد فقط على الإنترنت، بل استعنت بصديق مختص لتعلم كيفية قراءة النماذج الجوية و الخرائط الطوبوغرافية و الإلمام بكل ما له علاقة بعناصر الطقس، و تخصصت في دراسة النموذج الأمريكي، ثم بدأت في ممارسة نشاط الرصد عبر صفحة خاصة على فايسبوك أنشأتها سنة 2017 ،وهي صفحتي القديمة “ الطقس و الفصول الأربعة في الجزائر”، ثم أنشأت صفحتي الحالية “ زكي أرمادا” التي عدلتها مؤخرا، لتحمل اسمي و هي صفحة حققت من خلالها الشهرة، بفضل مصداقية معطياتها و صحة توقعاتي عبرها.
ـ تحديدا كيف تستطيع التنبؤ بأحوال الطقس بدقة رغم عدم تخصصك في هذا المجال، و ما هي الأساليب التي تعتمدها في قراءة الأحوال الجوية؟
ـ بكل تواضع يمكنني القول أن 90 بالمئة من توقعاتي اليومية صحيحة، مع أنني لست متخصصا، و السبب هو أنني أتحرى الدقة في كل عملية حساب أقوم بها، كما أنني متمكن جدا من النماذج الجوية، و أجيد قراءة الخرائط الطبوغرافية، التي أعتمد عليها في ضبط حالة الطقس، كما أعتمد على الخرائط السماوية و الأرضية، و أركز على دراسة معدلات الرطوبة و الارتفاع و التموقع الجغرافي، بالاستعانة بتطبيقات رقمية متخصصة و بالعودة إلى مواقع عالمية ، تقدم لنا يوميا دلالات رمزية و تفاصيل تسمح لنا بضبط حساباتنا التي نحدد على أساسها محتوى أية نشرية جوية.
ـ متى تخطئ إذا، ولماذا نتفاجأ كثيرا بجو مغاير لما تعلن عنه النشرات الجوية التلفزيونية؟
ـ صحيح أن علم الأرصاد الجوية يعتمد على حسابات دقيقة، لكن النسبية قاعدة شاملة تمس كل مجالات الحياة و الأحوال الجوية، تخضع لمتغيرات خارجة عن نطاق الإنسان، فدرجات الحرارة غير ثابتة و الرطوبة متغيرة و قابلة للتفكك، الخطأ يشكل نسبة 10 بالمئة فقط من توقعاتي الجوية، و سببه عادة هو المنخفضات الجوية الضعيفة و نسب الرطوبة المنعدمة، فالاستبيان في هذه الحالات يكون صعبا، كما أن الرصد الجوي يكون صعب أيضا، خلال فترات الانتقالات الفصلية، من الربيع إلى الصيف و تحديدا في شهري مارس و أفريل، و خلال الخريف كذلك، بسبب تصارع المنخفضات الجوية الشمالية الأوروبية و المرتفعات الصحراوية الحارة.
أما بخصوص النشرات الجوية، فأنا شخصيا لا أتابعها منذ حوالي سنة، مع ذلك يمكنني القول بأن ما تقدمه ليس خاطئا، بل هو خاضع للنظرة الاحتمالية للطقس، فعندما يعلنون عن تساقط الثلوج في الإقليم الشرقي، لا يعنون بذلك قسنطينة تحديدا، بل قد تكون الثلوج حاضرة فعلا في سطيف مثلا أو خنشلة.
ـ تقصد أن متابعي النشرات هم من يخطئون في فهم البيانات الجوية؟
ـ تحديدا غالبية الجزائريين يفتقرون لمعرفة شاملة في ما يخص الرصد الجوي، وكثيرا ما يخلطون بين المناطق و خصوصيتاها الجوية، فعندما يعلن مثلا عن قدوم الثلوج إلى الشرق الجزائري ، لابد أن ندرك أن الأمر يخضع لارتفاع المنطقة و قربها من البحر وغيرها من الدلالات، و بالتالي فالموجة لا تشمل كل الولايات، لذا فمن غير المنطقي أن نهاجم النشرة الجوية، لأنها أنذرتنا بتساقط الثلوج، رغم أننا نعيش في منطقة لا يزيد علوها عن 200 متر، وكذلك الأمر بالنسبة للأمطار و الرطوبة.
ـ ماذا عن صفحتك ؟من هم متابعوها،وهل يهتم الجزائري بأحوال الطقس يوميا أم أن اهتمامه مناسباتي فقط ؟
ـ يمكنني أن أصنف متابعي الصفحة إلى صنفين، هناك مثقفون مهتمون بالطقس و يعتمدون على نشراتي يوميا لتحديد تحركاتهم، وربما اختيار ملابسهم ، هناك أيضا من يتواصلون معي بشكل دائم لمعرفة أحوال الجو، تحسبا للسفر و منهم من يطلبون نشريات خاصة، قبل أن يضبطوا مواعيد حفلاتهم و أعراسهم، وهناك فئة أخرى أسميها فئة “ الثلجيين” لا يتفاعلون إلا خلال فصل الشتاء، و همهم الوحيد هو حركة التيارات الثلجية.
كما يوجد صنف آخر ممن يهوون النقد الهدام، و يخلطون بين علم الرصد الجوي و التنجيم.
ـ تشير بعض التنبؤات إلى أن شتاء 2019 سيكون أبرد شتاء عرفه الكون ، بدليل الأمطار الطوفانية الأخيرة ما رأيك في هذا الطرح؟
ـ لا .. لن يكون أبرد شتاء في الكون، لأن العالم عرف فصول شتاء أبرد منذ سنوات، مثلا في الجزائر كان أقسى شتاء في سنة 1954 إبان الثورة التحريرية، وقد عرف عواصف قوية، أيضا هناك شتاء سنة 1999 و الذي شهد تساقطا مستمرا للثلوج طيلة أيام على مرتفعات تقل عن 300 متر، ثم نذكر شتاء سنة 2005 الذي تساقطت فيه الثلوج عدة أيام بسبب منخفض سيبيري حاد تمركز في غرين لاند.
المميز هذه المرة هو أن شتاء 2019 سيكون الأبرد منذ 2005، حسبما أكده باحثون فرنسيون و إيطاليون، لأن هناك ما يعرف بالدورة الشمسية التي تتكرر كل 13سنة، و تؤثر على طبقات الجو العليا و توزيع الكتل الباردة و نشاط الدوامة القطبية، و بالتالي فهذا الشتاء سيكون قارسا و ممطرا، و قد يعرف تساقط الثلوج على ارتفاع 200 متر.
أما بخصوص الأمطار الطوفانية الأخيرة، فيتعلق الأمر بمنخفض جوي أطلسي مر عبر بوابة البرتغال، فشكل عاصفة مطرية بسبب مروره بمحاذاة البحر الأبيض المتوسط و تشبعه بالرطوبة، وجاء إلينا على شكل اضطراب جوي، لا أظن أنه كان سيتسبب في خسائر مادية، لو أن البالوعات و الوديان كانت مهيأة، خصوصا أنه لم يتجاوز 80 ميليمتر.
ـ هل تفكر في امتهان تنشيط النشرات الجوية التلفزيونية مستقبلا؟
ـ لما لا، إذا وجدت فرصة سانحة، و لم يكن تخصصي في القانون، عائقا أمام ذلك.
حاورته: هدى طابي