مظاهر صادمة لدورات مياه بجامعة قسنطينة
لا تزال مظاهر انعدام النظافة تطبع بعض دورات المياه الموجودة بالفضاءات العمومية بقسنطينة، خاصة بالجامعات و غيرها من التجمعات، كما وقفت عليه النصر في زيارات ميدانية ، رغم أنها تعرض مستعمليها لعديد الأمراض ، كما أكد لنا أطباء مختصون ، على غرار الكوليرا و التيفوييد و إلتهاب الكبد الفيروسي.
مشكل انعدام النظافة في مختلف الفضاءات، تحول إلى هاجس لدى المواطنين و السلطات، عقب ظهور داء الكوليرا في الأشهر القليلة الماضية ببلادنا، و أصبح الجميع يطلق شعارات تحسيسية للحد من الظاهرة ، فيما أصدرت الوزارة المعنية تعليمات للمسؤولين التنفيذيين على مستوى الولايات لتنظيم حملات نظافة ، فنجد أن مكان تواجد المراحيض العمومية أصبح يتحكم بمرور الوقت في مدى الالتزام بشروط النظافة ، فتلك الموزعة بوسط المدينة أو على مستوى بعض الهيئات العمومية، أخذ مسيروها و مستعملوها التعليمات بعين الاعتبار ، و لا تزال تحافظ على نظافتها ، فيما تفتقر تلك الموجودة على مستوى بعض الكليات ، لأدنى شروط النظافة، مما يساعد على انتقال عدوى عديد الأمراض.
دورات المياه العمومية أنظف من المخصصة للطالبات بالجامعات!
ما وقفنا عليه بدورة المياه الموجودة بكلية الآداب بجامعة منتوري قسنطينة، مؤسف للغاية، و يشوه صورة هذا الصرح العلمي الذي يضم نخبة المجتمع، فالمرور فقط بجانب هذه المراحيض، يشعرك بالقرف و الغثيان من الرائحة الكريهة التي تنبعث منها، أما الدخول إليها فيتطلب استعمال قناع طبي واق، لتجنب التقيؤ ، بالرغم من ذلك دخلنا لنصطدم بحجم الكارثة، اذ يغرق رواقها في المياه و الأوحال الناجمة عن مخلفات الأحذية ، كما تمتلئ أحواض المياه بالأوراق و المناديل و بقايا مساحيق التجميل، و قارورات المياه و الجوارب، فيما تغص المراحيض من الداخل بالأوساخ و علب السجائر و جلها معطل، كما أن معظم الحنفيات بها أعطاب، و تتدفق منها المياه بغزارة على الأرض، ما حول الرواق إلى مستنقع.
و الملفت أنه و بالرغم من الوضع الكارثي لدورة مياه كلية الآداب التي لم نتمكن من البقاء داخلها خمس دقائق، إلا أنها مكتظة بالفتيات اللائي وجدنا أغلبهن منهمكات بوضع مساحيق التجميل، كما يبدو هندامهن مرتب و مظهرهن أنيق، غير أن سلوكاتهن اللاحضارية و تصرفهن اللامسؤول لا يعكس ذلك بتاتا، و يدل على جهلهن بخطورة الوضع على صحتهن.
و قد تحدثنا إلى إحدى عاملات النظافة التي وجدناه بالرواق، فقالت لنا بأنها تقوم بتنظيف المراحيض بشكل شبه يومي، غير أن الطالبات لا يلتزمن بنظافتها ، موضحة بأن بعضهن يدخن السجائر بالداخل و يأكلن و يتركن بقايا الطعام على الأرض، مؤكدة بأنها تخشى حتى من توجيه الملاحظات لهن ، كما حملت الطالبات مسؤولية الأعطاب الموجودة بالحنفيات و بأحواض المياه لأنهن يجلسن فوقها، حسبها، مشيرة إلى أنه يتم تصليحها بحلول كل موسم جامعي، غير أنها و بعد فترة قصيرة تخرب.
معاهد تحث على النظافة بوضع ملصقات
غير أن هذه الصورة السوداوية لا يمكن تعميمها على كل الكليات الموجودة بجامعات قسنطينة، فقد لاحظنا بأن الوضع جد مختلف بمعهد تسيير التقنيات الحضارية بجامعة صالح بوبنيدر، حيث وقفنا على دورات مياه أقل ما يقال عنها أنها نموذجية من حيث النظافة، و تدل على المجهودات التي تقوم بها العاملات و كذا التزام الطالبات بالتعليمات التي وجدناها مكتوبة في أوراق معلقة على جدران بهو المعهد و كذا عند مدخل المراحيض، و من بين العبارات المنشورة « النظافة مظهر حضاري راق» .
كما زرنا الإقامة الجامعية علي منجلي 03 و لاحظنا بعض التحسن في مستوى نظافة دورات المياه ، عكس ما كان عليه في سنوات ماضية .
انتقلنا بعد ذلك إلى بعض المراحيض الموجودة بالفضاءات العمومية بوسط مدينة قسنطينة و التي يقصدها المواطنون من مختلف الفئات العمرية، و توقعنا الوقوف على وضع أكثر سوءا من كلية الآداب ، لكونها مقصدا لمختلف فئات المجتمع و بمستويات و سلوكات مختلفة، غير أننا رصدنا عكس ذلك تماما، اذ تتوفر في بعضها كل شروط النظافة مع توفر المياه في الحنفيات و كل مستلزمات التنظيف، و يحرص على ذلك القائمون عليها.
فقد تحدثنا إلى رجل مسن يشرف على مراحيض بساحة الثورة بقسنطينة، فقال لنا بأنه يحرص شخصيا على تنظيفها، كما يحاول دائما تقديم إرشادات لمستعمليها ، غير انه يواجه في كثير من الأحيان بعض السلوكات غير الحضارية، بتركهم القاذورات داخلها.
«معطلة» كلمة سحرية لتجنب تدهور مراحيض البلدية
محطتنا الموالية كانت الهيئات العمومية التي تعرف إقبالا كبيرا للمواطنين، للوقوف على واقع دورات المياه بها، فقصدنا في البداية مراحيض مقر المجلس الشعبي البلدي بالجناح الخدماتي، فوجدناها مغلقة و علقت فوقها ورقة تشير إلى أنها « معطلة» ، ما دفعنا للاستفسار من إحدى الموظفات ، فأجابت « في الحقيقة ليست معطلة ، و وضعنا تلك العبارة لمنع المترددين على المجلس من استعمالها، لكونهم يتسببون في اتساخها و كذا تعطلها» . الوضع وجدناه مغايرا بدار الثقافة محمد العيد آل الخليفة، فإن كان بعض دورات المياه تفتقر للإنارة فإن جلها نظيفة ، عكس ما وقفنا عليه بذات المبنى في الأشهر القليلة الماضية ، حيث كان وضعها شبه كارثي، و هو ما برره آنذاك مسؤول القطاع، بغياب عاملة النظافة و كذا بالاستعمال المكثف لزوار المرفق الثقافي لهذه المراحيض.
كما وقفنا على نظافة دورات مياه المطار الدولي محمد بوضياف، و لاحظنا حرص عاملات النظافة على تنظيفها عند كل استعمال.
ظاهرة انعدام النظافة بدورات المياه العمومية موجودة أيضا في المؤسسات التعليمية و المستشفيات، اذ توجد بعض المراحيض على مستوى عدد من مصالح المستشفى الجامعي بقسنطينة، في وضع كارثي، حيث يضطر المرضى لاستعمالها رغم المخاطر الصحية التي قد تسببها، لكن الأمر الأكثر سوء يطرح بمدارس ابتدائية، لطالما كانت المراحيض بها موضوع تذمر لأولياء عادة ما ينصحون الأطفال بعدم استعمالها . فيما يعزف ثانويون عن دخول تلك الموجودة في مؤسساتهم بسبب وضعيتها.
فوزية مصمودي مديرة الإقامة الجامعية نحاس نبيل
الطالبات يتسببن في مشكل انعدام النظافة في الجامعات
من جهتها أرجعت السيدة فوزية مصمودي مديرة الإقامة الجامعية نحاس نبيل للإناث بقسنطينة، سبب نقص النظافة على مستوى الإقامات و كذا الجامعات، إلى عدم التزام أغلب الطالبات بشروطها، مؤكدة بأن عاملات النظافة يقمن بواجبهن على أكمل وجه، و يستعملن مختلف وسائل التنظيف ، و تقف على ذلك يوميا خلال المراقبة الدورية، غير أنه و بمرور سويعات قليلة، تغيب عن المكان كل صور النظافة.
و أوضحت المتحدثة بأن أغلب المقيمات لا يساهمن و لو بنسبة قليلة جدا في المحافظة على نظافة دورات المياه و لا حتى الأروقة، و يقمن بسلوكات غير مقبولة، مشيرة إلى أنهن لا يأبهن لكل ما هو مشترك و تابع للدولة، قائلة بأن القلة القليلة فقط، يلتزمن بذلك ، مضيفة بأن ما أثار دهشتها طوال مشوارها المهني أن مراحيض الذكور الأنظف، مقارنة بتلك المخصصة للإناث.
محدثتنا اعتبرت مشكلة انعدام النظافة بمراحيض الإقامات الجامعية ، من أكثر المشاكل المطروحة ، إذ تعاني شخصيا من هذا الأمر منذ توليها مسؤولية تسيير أقدم إقامة جامعية و هي نحاس نبيل، حيث وجدت دورات المياه في وضع أقل ما يقال عنه كارثي، و جلها معطلة ،و لا تزال الأشغال جارية لحد الآن بعد أن تم تهديم بعضها بالكامل ، لتتم تهيئتها.
الدكتور أمين خوجة
هذا ما يحدث عند استعمال مراحيض متسخة
عن الأخطار الصحية الناجمة عن استعمال دورات المياه غير النظيفة الموجودة في الفضاءات العمومية و التجمعات الكبيرة ، قال الدكتور أمين خوجة محمد ياسين طبيب عام و رئيس قسم الاستعجالات بمستشفى البير في قسنطينة ، بأنها تتسبب في الإصابة بعديد الأمراض المتنقلة عبر المياه و البراز، كالكوليرا و التيفويد و التهاب الكبد الفيروسي ، بالإضافة إلى أمراض أخرى كالتهاب المسالك البولية و الذي يشكل خطرا أكبر على الأشخاص المصابين بالسكري و البروستات .
و لتفادي الإصابة بالعدوى ينصح الطبيب المواطنين بسكب كمية كبيرة من المياه بمقدار بين 7 و 11 لترا قبل و بعد استعمال هذه المراحيض ، داعيا القائمين عليها إلى تنظيفها دوريا بالمطهرات كماء جافيل و توفير صهاريج المياه لضمان التوفر الدائم للمياه ، بالإضافة إلى الصابون، مع تهيئة المراحيض من الداخل لتجنب التصاق الميكروبات بالجدران و انتشارها .
روبورتـــاج: أسماء بوقرن