حملة مكثفة لمواجهة ظاهرة الكلام الفاحش و العنف اللفظي بقالمة
لم يعد بإمكان الأخ أن يسير مع أخيه، و الأب مع ابنه بشوارع مدينة قالمة و مدن و قرى أخرى ساءت أحوالها و تمرد بعض من أهلها على التقاليد و القيم الأخلاقية و الاجتماعية، و أصبح العنف اللفظي و الجسدي سائدا فيها بلا رادع أو ضمير حي يوقف الإنهيار الأخلاقي و يعيد بعض الاحترام و الكرامة لبشر فقدوا كل شيء و لم يعودوا يتحكمون في ألسنتهم و أيديهم، و صاروا خطرا حقيقيا و مصدر قلق كبير ،دفع ببعض الغيورين على سمعة المدينة التاريخية المحافظة، إلى إطلاق حملة مكثفة تستهدف رواد المقاهي و الشوارع و الأسواق و الساحات العامة و محطات الحافلات و المؤسسات التربوية، في محاولة للتصدي للظاهرة المدمرة التي وصلت إلى حد سب الذات الإلهية و التفاخر بكلام بذيء جهارا و بدون حياء. و يرى أصحاب المبادرة التي بدأت منذ أيام قليلة، بأن المساجد و المؤسسات التربوية و الأسرة لم تعد قادرة على وقف الانحراف الأخلاقي، و أصبح من الضروري الانتقال إلى أساليب أخرى ربما قد تساعد على وقف الانهيار الأخلاقي الفظيع ، أو على الأقل إخطار المجتمع الصامت و تحسيسه بخطورة الوضع و انعكاسه على الجماعات و الأفراد.
و قد تم الاستنجاد بشبكات التواصل الاجتماعي في بداية الحملة ، حيث وجه أصحاب المبادرة نداءات لسكان الولاية و طالبوهم بالتحرك لوقف الكلام الفاحش في الأماكن العمومية من خلال النهي و إبداء النصح و الملاحظة للأشخاص الذين يستعملون الألفاظ البذيئة كلغة يومية عادية في المقاهي و المتاجر و وسائل النقل العمومي للأشخاص و حتى داخل المنازل و المؤسسات التربوية و الشوارع و الساحات العامة. و يتخوف الناشطون في حملة «لا للكلام الفاحش بقالمة» من الانتقال إلى العمل الميداني المباشر، نظرا لخطورة مواجهة الأشخاص الذين يتداولون لغة بذيئة و مقززة ، حيث تبين أن هؤلاء ميالون للعنف الجسدي و لا يترددون في الاعتداء على كل من يتجرأ على نصحهم أو حتى النظر إليهم و توجيه الملاحظة لهم.
في السوق الشعبي شارع التطوع وسط مدينة قالمة ترى و تسمع كل شيء النفايات، سب الأصول و الذات الإلهية و الكلام الفاحش، و أصبح من الصعب أن يلتقي الابن مع أبيه و الأخ مع أخيه في شارع التطوع، حيث تختلط الخضر و الفواكه مع اللحوم الحمراء و البيضاء و الألبسة الصينية و تختلط سلالات من البشر القادمين من المدن و القرى يتداولون لغات مقززة و محبطة جهارا و بلا خوف أو حياء. و حسب المناهضين للكلام الفاحش بمدينة قالمة و غيرها من المدن و القرى الأخرى، فإن الظاهرة لم تعد مقتصرة على الشباب المراهق إناثا و ذكورا ، بل طالت أيضا الرجال و النساء فلم يعد غريبا أن يجتمع رجال حول طاولة «الدومينو» في مقهى شعبي بشارع التطوع أو غيره من شوارع مدينة قالمة و يتواصلون مع بعضهم بلغة بذيئة تدل على مدى الانحطاط الذي بلغه هؤلاء الرجال تماما، كما هو حال بعض التجار الذين لا يترددون في التواصل في ما بينهم و مع الزبائن بلغة مثيرة للمشاعر و الكرامة الإنسانية. و يرى سكان مدينة قالمة القدامى ، بأن ظاهرة العنف اللفظي لم تكن موجودة بهذا الشكل قبل 20 سنة تقريبا، محملين السكان النازحين الذين عمروا الضواحي الشعبية للمدينة، مسؤولية الوضع الأخلاقي المتردي، معتبرين سوق شارع التطوع وكرا خطيرا للعنف و السرقات و كل أنواع الكلام البذيء، لكن البعض يقول بأن الظاهرة عمت كل المدينة و لم يعد فيها حي أو فضاء عام في منأى عن اللغة الجديدة التي أصبحت متداولة أيضا بين تلاميذ المدارس إناثا و ذكورا أمام مرأى و مسمع الكبار الذين أصبحوا يتفرجون على الوضع دون حراك.
و يعتزم أصحاب الحملة المناهضة للكلام الفاحش، النزول إلى الشارع بعد جس النبض عبر وسائل التواصل الاجتماعي و تجنيد أكبر عدد من المساندين للمبادرة، لكنهم يخشون من ردة فعل قوية من المنحرفين قد تؤدي إلى حوادث وخيمة و تحول حملة التوعية إلى معارك دامية بشارع التطوع و محطة الحافلات و باب سكيكدة و الضواحي الشعبية بالمدينة المحافظة التي يرى أهلها بأن العدوى قد انتقلت من عنابة المجاورة مدينة المتناقضات المعروفة بالعنف اللفظي المبالغ فيه منذ سنوات طويلة، بسبب تركيبتها السكانية غير المتجانسة، فهي خليط من كل الولايات تقريبا. كما هو حال قالمة التي فقدت هي الأخرى تركيبتها السكانية المتجانسة بالمدن الكبرى و صارت مزيجا من السكان غير المنسجمين مع بعضهم البعض، و قد تعرضت أغلب مدن ولاية قالمة لموجة نزوح كبيرة من المناطق الجبلية و الولايات المجاورة خلال مرحلة الأزمة الأمنية التي انجرت عنها ظواهر اجتماعية مدمرة من بينها العنف اللفظي و الجسدي كما يقول أصحاب المبادرة.
فريد.غ