«البريك دانس» يستحوذ على اهتمام شباب قسنطينة
برزت مؤخرا في أوساط الشباب القسنطيني ظاهرة تشكيل مجموعات إبداعية لتقديم عروض في الشوارع و الساحات العمومية ، تتنوّع بين رقص “البريك دانس”و العزف على الآلات الموسيقية، أمام أبناء الجيران و المارة ، صانعين بذلك مشاهد فنية على طريقتهم، غير مكترثين بآراء غيرهم.
مشاهد مأخوذة من أكثر من بلد و حضارة، يوقعها شباب هاو، اختار الشارع لتجسيد و التعبير عن مواهب لم تسنح لهم الظروف لإبرازها في فضاءات و مرافق خاصة، فجعلوا من الشارع ركحا حرا، لعرض لوحات ارتجالية يصنفها البعض ضمن رقص”بريك دانس” و يفضل البعض الآخر تسميتها بـ”قصرات الموهوبين”أو” لمات “الموهوبين، التي يعبّرون من خلالها عن تمسكهم بمواهبهم و اختياراتهم، دون الاهتمام بآراء الآخرين. فموجة “البريك دانس” التي استحوذت على اهتمام الكثير من الأطفال و الشباب، وجدت ممارسين موهوبين في أوساط عشاق هذا اللون من فنون الشارع، المتميّز بحركاته الحرة الصعبة التي يتدرّب ممارسوها كثيرا لأجل إتقانها، حيث يلتقي أبناء الحي الواحد في حلقات و يبدأون بالرقص و تبادل الخبرات و كذا التنافس في ما بينهم في تجسيد حركات متميّزة لإثارة الإعجاب و الفوز بثناء المتفرجين والفضوليين.
و رغم أن هؤلاء ليسوا منخرطين داخل جمعيات أو نواد فنية، إلا أنهم يتعاملون و كأنهم ينتمون إلى فرق محترفة ،أو هذا على الأقل ما يبدو من خلال تدريباتهم المكثفة، و كأنهم يستعدون لمنافسات وطنية أو دولية محترفة، في حين أن عروضهم لا تخرج عن إطار الترويح عن النفس فيما بينهم.
و في حي الاستقلال، يلتقي تلاميذ المتوسطات المجاورة و حتى الثانويات و يتركون العنان لخيالهم لرسم لوحات راقصة، غالبا ما يحتضنها محيط المتحف الوطني سيرتا، على أنغام مسجلة على هواتفهم الذكية، أو اللوحات الالكترونية التي باتت المرافق الأساسي لمعظم الشباب، فيما اختار آخرون الملاعب الجوارية، للتدريب على هذا النوع من الفن، مثلما هو الشأن بحي زواغي، و نفس الشيء بالنسبة لحي بوالصوف..و العديد من الأحياء الأخرى، سواء الشعبية القديمة أو الحديثة.
و بالإضافة إلى رقص البريك دانس، راج تجمع الشباب المولعين بالعزف على آلة القيثار بمختلف أنواعها الكلاسيكية و العصرية، حيث تشهد الكثير من الأحياء التقاء الموهوبين بمدخل العمارات أو في آخر الشارع ، و كذا في الساحات العمومية، و بشكل خاص في الفترة المسائية، لعزف وصلات من اختيارهم، في مختلف الألوان و الطبوع المحلية و الغربية، جاعلين من الفضاءات المفتوحة، مرافق إبداعية، و لو بمحفزات وهمية، لأن المهم بالنسبة إليهم، مثلما يقول بعضهم العثور على فضاء حر يحتضن موهبتهم.
مثل هذه المواهب التي يكثر تسجيلها بشوارع قسنطينة، في سهرات فصل الصيف، قد تخفي الكثير من بذور النجومية، التي لم تجد من يأخذ بيدها، رغم كثرة المرافق الثقافية و الشبابية التي يعزف الكثيرون عن قصدها، لتيقنهم بعدم جدوى ذلك، باعتبار هذا النوع من الفنون الحديثة و بشكل خاص الفن الاستعراضي المستوحى من الشارع، ليس معترفا به حتى الآن في الأنشطة الثقافية و الفنية الرسمية.
م/ب