"العقـلية الإداريـة" تحـرم زوار عاصمـة الثقـافـة من زيــارة معـالمهــا
• مدير الثقافة:على المواطنين التحضر أولا وتعلم أصول النظافة
بعد شهرين من انطلاق تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية ، لا يزال زوار المدينة يواجهون صعوبة في الاستمتاع بمقوماتها السياحية، بسبب عقلية الإدارة التي تطغى على نظام تسيير مختلف المرافق الثقافية و التراثية المتواجدة بقلبها، و التي لم تتماش مع طبيعة الحدث ، و لا تزال رغم انطلاق فعالياته تغلق أبوابها بعد نهاية ساعات الدوام الرسمي، ما يضطر الراغب في زيارتها إلى الانتظار أو إلغاء زيارته نهائيا، إذا ما تعلق الأمر بنهايات الأسبوع. مرافق عديدة تعد من بين أبرز الوجهات السياحية و الثقافية بقسنطينة، على اعتبار أنها تتوسط قلب المدينة ، على غرار قصر الثقافة مالك حداد ، متحف الفنون و الثقافات الشعبية قصر أحمد باي، بالإضافة إلى متحف سيرتا ، تغلق أبوابها في حدود الساعة الخامسة مساء، حالها حال الإدارات و المؤسسات العمومية، دون مراعاة لموقعها كمرافق تعنى بالحركية السياحية بالمدينة التي تستقبل هذه الأيام وفودا و زوارا عرب و أجانب، و حتى من باقي ولايات الوطن في إطار الفعاليات الثقافية المقامة.
و الملاحظ هو أنه خارج برنامج أي نشاط ثقافي مسطر قد تحتضنه بين فترة و أخرى، سواء ما تعلق بالأسابيع الثقافية، الحفلات و بعض المهرجانات، المعارض و المناسبات الشعرية و الملتقيات و غيرها، تبقى هذه المرافق خارج الخدمة و تحتكم لنظام العمل العادي. بالمقابل يتم تعويضها أحيانا بالخيام العملاقة التي تحولت إلى ظاهرة تفتقر للبعد الجمالي، و ذلك كما تم مؤخرا بالنسبة للمعرض الوطني للكتاب. زوار المدينة مؤخرا، نقلوا انشغالهم بخصوص هذا الموضوع، خصوصا و أن أي جولة لزيارة المعالم السياحية و الأثرية بقسنطينة ، تتطلب مغادرة وسط المدينة باتجاه مدينة ماسينيسا بالخروب، أو بلدية بني حميدان، ما يفرض برمجة مسبقة ، أما خلاف ذلك فالراغب في التعرف على المدينة ، لن يجد مكانا آخر يقصده بعد الخامسة مساء، سوى جسورها المعلقة، خصوصا و أن جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية ، دار الإمام و باقي المرافق الحضارية تسير هي الأخرى على نفس النسق، فيما تبقى هياكل أخرى رهينة تأخر عمليات الترميم، كما هو حال بعض المساجد و الزوايا و مدرسة العلامة عبد الحميد بن باديس .
غياب برنامج خاص لتنشيط هذه المنشآت العريقة في تاريخها و المميزة في هندستها، رغم استثنائية الظرف، جعلها تفقد أهميتها السياحية كمعالم تؤرخ لمراحل معينة من عمر المدينة، و تبرز الأبعاد الثقافية و الحضارية و الدينية لها، من خلال هندستها و طبيعتها ، كما أن الموسمية و المناسباتية التي تتسم بها نشاطاتها، تختزل دورها في احتضان فعاليات حتى هي تتأثر بتوقيت العمل اليومي للموظفين، على اعتبار أن بعض المرافق تغلق عند الظهيرة و توقف نشاطها أيام العطل الرسمية ، كما هو حال متحف سيرتا و قصر الباي.
لتسليط الضوء على واقع السياحة بعاصمة الثقافة العربية ، اتصلنا بمسؤول هذا القطاع بالمدينة، فنفى وجود أي برنامج سياحي خاص بالتظاهرة، مكتفيا بالتأكيد على أن مهمة استقدام السياح و تنظيم جولاتهم و برنامج زياراتهم مهمة الوكالات السياحية بالدرجة الأولى، بالمقابل فإن مسؤولية تسيير المرافق الثقافية تعد من صلاحيات القائمين على قطاع الثقافة.أما مدير الثقافة بالولاية ، فقد اعتبر السؤال في حد ذاته استفزازيا، مشددا على كون كافة المرافق المذكورة تعمل بشكل عادي ، و إلى غاية ساعات متأخرة أحيانا، كما تفتح أبوابها خلال نهايات الأسبوع، معلقا بأن مواقيت العمل مقدسة لكون الأمر يتعلق بمؤسسات عمومية، تعمل وفق توقيت محدد لا يمكن تجاوزه، و للموظفين الحق في العودة إلى منازلهم، كما قال بنبرة تهكمية، مضيفا بانفعال: “اذهبي و سيريها أنت” ، في رده على سؤال يخص اقتراح نظام مناوبة لضمان حركية أكثر.
ولم يكتف مسؤول الثقافة بالردود الساخرة حينا والعنيفة حينا على أسئلتنا، بل أصاب غضبه حتى المواطنين، فحين طرحنا عليه سؤالا حول انشغالات المواطنين فيما يتعلق بضعف الحركية الثقافية بالولاية ، رد بحدة بأنه يجدر بالمواطنين التحضر أولا، و تعلم أصول النظافة، و احترام المرافق الثقافية و عدم رمي الأوساخ داخلها قبل كل شيء ، ليختم حديثه بالتأكيد على أن المرافق الثقافية مؤسسات ذات تسيير إداري تعمل كغيرها ،وفق نظام عمل ثابت لا مجال للنقاش حوله، أما الراغب في التعرف على قسنطينة، فيمكنه زيارة جسورها.
نور الهدى طابي