لوحات «سمفونية قسنطينة» تعزف على أنغام أغنية العيساوية
قدمت جمعية البليري سهرة أول أمس العرض الشرفي الأول لمسرحية «سمفونية قسنطينة» بالمسرح الجهوي لمدينة الجسور المعلقة ،والتي تروي تاريخ المدينة العتيقة بشكل فني ،عبر الاستعانة بالأغنية العيساوية التي سردت تاريخ أزقتها وشوارعها العتيقة.
المسرحية التي لم تعتمد على ترابط سردي للأحداث، و ركزت على الحركة والسرعة في تغيير المشاهد ، امتزجت فيها الصور التاريخية بنغمات العيساوة الصوفية ، حيث رصدت يوميات المرأة القسنطينية بكل ما تحويه من جوانب تراثية، من خلال إعادة استرجاع العادات والتقاليد المعروفة في المدينة ،فحاكت «سمفونية قسنطينة» يوميات سكانها و حواراتهم ،ونمط عيشهم بشكل فني جميل يقترب من الكوميديا في بعض المشاهد.
وخلقت المسرحية الفرجة إذ استعانت بموسيقى العيساوة في سرد تاريخ مدينة قسنطينة ،فأبرزت عراقة الفن الصوفي في المدينة، واسترجعت رفقة الجمهور أروع المقاطع الروحية التي امتدحت النبي صلى الله عليه و سلم ،في ديكور بسيط توسطته عين ماء قديمة، ترمز لنفس العين المتواجدة بشوارع السويقة، كما أن عازف الكمان خلق جوا مليئا بالألفة ،إذ رافق الممثلين بعزفه الجميل، والذي أمتع الجمهور بأروع النغمات المألوفة و الأكثر استماعا في مدينة الجسور المعلقة.المخرج وحيد عاشور اعتبر بأن المسرحية قامت على فكرة بأن مدينة قسنطينة لديها سمفونية خاصة تميزها عن السمفونيات العالمية، على غرار سمفونية باخ وسمفونيات موزار ،وقد تمت الاستعانة بصورة القناع المتواجد بصخور المدينة القديمة وجعله كخلفية للعرض ،حيث تؤدى الأغاني العيساوة بالتزامن مع أقنعة نحتتها الطبيعة في صخورها العتيقة فتعبر عن عراقة المدينة وامتداد جذورها عبر التاريخ الطويل.
حسب المخرج،العمل الفني هو بمثابة دعوة لإعادة اكتشاف المدينة والخروج من القوالب الجاهزة ،حيث استنكر أن تختزل مدينة في جسور فقط ،بل لديها ما لديها من الكنوز الكثيرة والتي يجب أن تكتشف من جديد. وحيد عاشور اعتبر بأن الأغنية العيساوية ظلمت في المدينة رغم أنها أقدم من أغنية المالوف التي أتت مع تهجير الأندلسيين.
وعبر المخرج عن الصعوبة التي وجدها في تحويل نص شعري يقوم على المونولوغ، إلى عمل مسرحي يعتمد على الحوار وهو ما حتم عليه العمل على لوحات مسرحية مستقلة عن بعضها البعض،تعتمد على سرعة وقوع الأحداث.
كاتبة النص لوصيف شفيقة ،اعتبرت بأن خطوة كتابتها للمسرحية أتت بعد وعيها التام بضرورة إعادة بعث الموروث الثقافي القسنطيني، خاصة ما تعلق منه بالتراث اللامادي ،وتوجهت صاحبة النص المسرحي بالشكر للمخرج وحيد عاشور الذي استطاع أن يخلق الحركة المسرحية داخل نص مسرحي ،اعتمد بشكل أساسي على اللغة الشعرية وهو ما اعتبرته الكاتبة تجربة مفيدة لها، إذ أنه أول نص مسرحي تقوم بكتابته.
حمزة.د