الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق لـ 22 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

صالونات الحلاقة و التجميل بقسنطينة

إحالة 17 حلاقة وخبيرة تجميل على العدالة

شهد نشاط الحلاقة و التجميل خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا . وتحول من حرفة عادية في نظر الكثيرين ،  وينظرون إلى من يمارسها  بعين ضيقة. وأنها مهنة “ لا توكل الخبز “ . لكنها مع مرور الوقت وتطور التجهيزات والوسائل أصبحت نشاطا  مربحا ، سيما بالنسبة للحلاقة النسوية . باتت تدر على صاحباته الملايين . و أصبح الإقبال على صالونات  الحلاقة تميزا وفخرا . بل وتمظهرا بين مختلف الفئات الإجتماعية ، على الخصوص في الأعراس وعديد المناسبات .  السبب هو تطور صناعة الجمال في العالم .  ما عزز مكانة صالونات التجميل في سوق المال و حول الحلاقات إلى ما يشبه “ اللوبي” .  قوي يفرض قوانينه على عالم الجمال ، من ناحية التحكم في الأسعار، وإستغلال اليد العاملة .  فضلا  عن تنشيط السوق السوداء لمواد التجميل ، و الإكسسوارات المكملة .  كما باتت شبكة علاقات خبيرات الجمال قوية بشكل سمح لهن بإعتلاء سدة البرلمان .

رغم  المنحى الإيجابي الذي أخذه تطور الحرفة ، من ناحية تحسين الخدمات المقدمة للزبونات ، إلا أن العديد من النقائص لا تزال تشوبها . و في مقدمتها مشكل عدم تكييف تنوع الخدمات مع شرط النظافة ، التي تعد آخر إهتمامات المستثمرات . على إعتبار أن الإلتزام بها يعني الإنفاق أكثر و تقليص هامش الربح.
من بين 306 قاعة حلاقة و تجميل بقسنطينة ، قليلات جدا هن الحلاقات اللائي يدركن بأن إمتلاك جهاز تعقيم ، هو شرط من شروط الإستثمار في هذا المجال، حسبما أوضحته السيدة آسيا ، ضابطة رقابة بمديرية التجارة بالولاية . ومع أن  هذه الصالونات تعد أرضية خصبة لنقل الأمراض الجلدية المعدية ، في حال لم تتخذ كافة الإحتياطات الصحية اللازمة ، فكثيرا ما نسمع عن سيدات فقدن شعرهن نتيجة لأصباغ منتهية الصلاحية . أو تعرضن لمضاعفات بسبب الشمع، أو أصبن بطفح جلدي بسبب مواد تجميل و مستحضرات أخرى.

فتيات يعملن دون تأمين أو تصريح

خلال جولة قادتنا إلى عدد من صالونات الحلاقة و التجميل بوسط مدينة قسنطينة ، أوضحت الضابطة بأن متوسط أعمار غالبية الفتيات العاملات في هذه الصالونات يتراوح بين 18 إلى 26 سنة . كما أن 90 بالمائة منهن لم تكملن دراستهن و لا يتعدى مستواهن التعليمي الطور الإبتدائي و المتوسط . تعملن ،وفق نظام ساعي صارم من الساعة  8 و النصف صباحا ، إلى غاية الرابعة بعد الظهر بالنسبة للأيام العادية . فضلا عن المناوبة  ليلا حتى 2 صباحا و خلال نهايات الأسبوع ، وهذا  في الأعياد و الحفلات.
الملاحظ هو أن المتربصات تشكلن نسبة تعادل 50 بالمائة من الفتيات العاملات في هذا المجال . فضولنا دفعنا للبحث عن الخلفيات . من خلال حديثنا إلى بعضهن إستنتجنا بأنها واحدة من أساليب إستغلال اليد العاملة . إذ يتم توظيف هؤلاء الفتيات تحت غطاء التربص . ثم يمنحن أجورا لا تتجاوز 5000 دج شهريا . و قد يعملن دون مقابل لفترة طويلة .  توكل إليهن مهمة غسل شعر الزبونات ، وجمع الشعر المتساقط على الأرض . بالإضافة إلى تنظيف أدوات الحلاقة و أمور ثانوية أخرى . مقابل ذلك تتراوح أجور الحلاقات المصرح بهن لدى مفتشية العمل بين ألف  18 دج إلى 20 ألف دج . توجد فئة أخرى من الفتيات تعملن دون تأمين أو تصريح بالعمل. إذ يكون لصاحبة الصالون الحق في طردهن عند أول خطأ . وتتراوح  أجورهن  من 8 من  آلاف إلى 10 آلاف دج.
واقع الأجور المتدنية  لا يعكس وحده مدى إستغلال الفتيات في هذا المجال . بل يتعدى ذلك إلى سوء المعاملة و الإهانة . إضافة إلى الطرد التعسفي . وداد 19 سنة ، عاملة بأحد  صالونات الحلاقة بشارع عبان رمضان ، وسط المدينة ، أوضحت بأنها لا تزال تحت التربص رغم مرور قرابة الستة أشهر على تواجدها ضمن طاقم فتيات الصالون . مؤكدة  بأنها لم تتلق لحد الآن أي راتب بحجة التربص .  واصفة ظروف العمل بجد صعبة  بسبب “ تجبر ربة العمل التي تحاسبنا ، كما عبرت ، على الدقيقة الواحدة . كما تتعمد مخاطبتنا بلغة الأمر أمام الزبونات . و تهدد بطردنا و إستبدالنا في كل لحظة “.
من جهتها ، أكدت كوثر حلاقة بأحد صالونات  شارع عواطي مصطفى ، بأنها تستعد لترك العمل بعدما رفضت صاحبة الصالون رفع أجرتها أزيد من 1200 دج، رغم أن مداخيل الصالون جيدة . فضلا عن كونها تعد مصدر جذب الزبونات الرئيسي نظرا لكفاءتها.
مع  أن سعر قص الشعر البسيطة قد إرتفع إلى 600 دج ، إلا أن أجور العاملات في معظم هذه الصالونات أقل من الحد الأدنى للأجور ، بما في ذلك  الصالونات المصنفة أو التي لها شهرة .  و تبقى عملية إستبدال الفتيات كل ستة أشهر إلى سنة ، أفضل طريقة للتهرب من الرقابة و تحقيق الربح على حساب جهدهن.
 العديد من صاحبات صالونات الحلاقة نفين ما أثير بشأنهن . وأكدن أن الحرفة لا تغطي مصاريفها . نظرا لكثرة الناشطات المستثمرات في هذا المجال . فضلا عن إرتفاع تكاليف الكراء و شراء المواد الأساسية . كما فندن تهربهن من الرقابة و إستغلالهن للعاملات . و ربطن طردهن أو إستبدالهن بأخريات من حين لآخر لا يعود إلا لأسباب أخلاقية أو سلوكية . أو بمبرر إنعدام التكيف مع المهنة ونقص الكفاءة .

قبلة جديدة للمجال و خريجات الجامعات

استطلاعنا ، مكننا من الإحتكاك والتعرف على شريحة واسعة من الحلاقات و أخصائيات التجميل . إكتشفنا أن عددا منهم وخلافا لما هو شائع ، من خريجات الجامعات و حاملات الشهادات العليا . إخترن الهروب من البطالة إلى عالم الشغل عن طريق باب الجمال . وإخترن التخلي عن سنوات من الدراسة و التكوين لممارسة نشاط مغاير تماما لتطلعاتهن ، من باب الشغل والعيش أو حبا لهذه المهنة الجمالية .
إيمان صاحبة 27 سنة ، حاملة لشهادة ليسانس في اللغة الإنجليزية ، أوضحت لنا بأنها عانت من البطالة لمدة سنتين كاملتين . عجزت خلالها في  الحصول على وظيفة في مجال تخصصها . ما دفعها للتفكير في دخول مركز التكوين المهني للحصول على شهادة موزاية . إختارت مجال الحلاقة و التجميل لميلها إليهما .  بعد تخرجها حصلت على قرض مصغر ، و باشرت إستثمارها.
 كشفت محدثتنا بأنها إن إستثنت مصاريف كراء المحل و أجور العاملات ، فإن دخلها الشهري يتعدى بكثير 10 ملايين سنتيم . على إعتبار أنها تقدم خدمات أخرى كالأظافر الإصطناعية ، و الحناء ، و حتى علاج البشرة و العناية بها .  مشيرة إلى أن مداخليها الشهرية قد تتضاعف لأكثر من ذلك ، إذا كان موسم الصيف بحفلاته و أعراسه مثمرا.
موضة جديدة برزت كذلك  في قسنطينة . وهي دخول الرجال إلى عالم الحلاقة النسائية ، بعدما كان الجمال حكرا على الجنس اللطيف ، بسبب تقاليد المجتمع المحلي المحافظ . مؤخرا إشتهر إثنان من مصففيي الشعر الرجال بقسنطينة . أحدهما على مستوى حي باب القنطرة و الثاني بمدينة الخروب . و الملاحظ هو أن الإقبال على خدمات هذين الصالونين ، إزداد بشكل متسارع . ما جعلهما يحققان الشهرة في وقت قياسي . و ينافسان أسماء نسوية كبيرة إرتبط إسمها في قسنطينة بعالم الحلاقة و الجمال .
 أوضحت بعض المتربصات اللاتي قابلنهن خلال جولتنا بين الصالونات ، بأن شهرة الرجال في هذا المجال على الصعيد العالمي ، منحت لهم الأفضلية ، ما ضاعف عدد الذكور الذين تابعوا معهن  تكوينا في الحلاقة و التجميل في مراكز التكوين المهني . وأكدن أن طابوهات كثيرة كسرت ، ولم يعد التجميل عالما للنساء فقط .

البوتوكس ، الكيراتين ، و الوشم خدمات تدر الملايين

البوتوكس، الفيلر، كيراتين الشعر، تقليم الأظافر، العناية بالبشرة و الوجه ، الوشم و التدليك وخدمات تجميلية أخرى ، دخلت بقوة عالم صالونات التجميل مؤخرا، بعدما كانت دخيلة نوعا ما على  ثقافة الجزائريات ، نظرا لتكاليفها الخيالية ، و التخوف من تأثيراتها السلبية . ما حصر الإقبال عليها ضمن فئة قليلة من الزبونات الميسورات ، لكنها برزت في السنتين الأخيرتين كأنشطة مكملة تدر على ممارساتها أرباحا طائلة.
البوتكس أو حقن النفخ ، بالإضافة إلى كيراتين الشعر، خدمات تنطلق أسعارها من 20 ألف دج فما فوق ، وذلك حسب نوعية المادة المستعملة ، فرنسية ،برازيلية أو غير ذلك . يعرف الطلب عليها تزايدا ، ما جعل المستثمرات في هذا المجال تضاعف أسعارها . و تلجأن أحيانا للإستعانة بخبراء رجال من سوريا و تونس، لإبهار الزبونات و تحقيق الشهرة و الرواج.
أما الأظافر الإصطناعية فتتراوح خدماتها  ما بين 3000 و 5000 دج . أسعار الوشم فهي ما بين  500 و 1000 دج حسب النوعية . حناء دبي المتعددة الألوان مثلا  تعتبر الأكثر إقبالا وتعد الأفضل ويصل سعر أوشامها 2000 دج.
 تؤكد العاملات في هذا المجال ، بأنهن يتلقين تكوينا خاصا لدى الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج هذه المستحضرات قبل البدء في إستخدامها . نظرا لإمكانية أضرارها بالصحة . وأشرن بذات الشأن إلى أن الزبونة تتحمل وحدها مسؤولية أية مضاعفات جانبية قد تتعرض لها ، في حال إختارت التعامل مع صالون حلاقة لا يعلق شهادة كفاءة في هذا التخصص.
من جهة أخرى ،  لم يعد نشاط هذه الصالونات يقتصر على تصفيف الشعر و تجميل الوجه ، بل تمارس معظمهن وظيفة موازية تقوم على الترويج لمستحضرات الصحة و الجمال العالمية ، من خلال البيع الشبكي . إذ تعد صالوناتهن نقاط بيع غير معتمدة لمنتجات شركات على غرار “ أوريفلام” و      “ فوريفر”  و غيرهما .

موسم الأعراس “ الغنيمة الكبرى”

  موسم الأعراس ، يعد بالنسبة للعاملات في هذا المجال، بمثابة موسم الغيث و العروس هي الجائزة الكبرى . الكثير من العرائس يشتكين من إستغلالهن من قبل الحلاقات اللائي يرين فيهن  “ غنيمة “ .  و المشكل هو أنهن يشكلن “ لوبي” فيتفقن على الأسعار و يرفضن إلحاق الضرر ببعضهن البعض . حتى أنهن قد يتفقن على رفض نفس العروس و إجبارها على دفع المبلغ المحدد في حال حاولت الإعتراض على الأسعار المفروضة و التي تصل حتى 15 ألف دج بالنسبة لتصفيفة الشعر، و تتراوح ما بين 3000 و 5000 دج للتجميل.
من خلال هذا الروبورتاج ، نخلص إلى تأكيد  أن أسعار الخدمات المقدمة في هذه الصالونات ، لا تخضع لأي تقنين أو رقابة . ويتجلى من خلال الإلتهاب الذي تعرفه .
مشكل آخر أثارته العديد من زبونات صالونات التجميل ، يكمن في تعرضهن للتحايل . حيث توهمهن الحلاقة بإستعمال مواد و صبغة شعر مستوردة ، تكون تسعيرتها مضاعفة عادة تصل حتى 6000 دج ، لكنها تعمد إلى خلط المكونات بعيدا عن أعينهن فتستعملن أصباغا محلية الصنع ، ينعكس مفعولها من خلال النتيجة السلبية التي  تظهر على الشعر لاحقا .  ما بات يدفعن إلى شراء الصبغة بأنفسهن  وإستعمالها مباشرة في صالونات الحلاقة .
لكن العاملات في هذا المجال ، يؤكدن بأن الغش غير وارد . لأن للزبونة الحق في إختيار نوعية الصبغة أو مواد التجميل حسب إمكانياتها المادية . مضيفات بأنهن يسعين لترقية خدماتهن من خلال التنقل للمنازل لتجهيز العرائس، وعرض خدماتهن عن طريق موقع التواصل الإجتماعي فايسبوك ، لمنح الزبونات فكرة مسبقة عن نوعيتها . فضلا عن كون بعضهن تقمن بتأجير فساتين الحفلات و إكسسوارات أخرى.

نقص النظافة يحيل 17 حلاقة وخبيرة تجميل على العدالة بقسنطينة

 مصالح التجارة بقسنطينة ، أوضحت بأنها تفرض رقابة دورية على هذا النوع من النشاط  لكونه نشاطا حساسا قد يؤدي إلى خلق أمراض معدية . ما يلزم الحلاقات بإجراء معاينة طبية للتأكد من سلامتهن ، كل ستة أشهر.
 من جهة ثانية ، يفرض على  المستثمرين في هذا المجال إمتلاك جهاز تعقيم، لتجنب أي مشاكل ناتجة عن إستعمال مقصات الشعر، و الأمشاط و الملاقط و أدوات أخرى.  إذ يعد نقص النظافة أول مخالفات هذه الصالونات . وقد تم بهذا الصدد تسجيل 274 تدخلا  خلال 7 أشهر الأولى من السنة الجارية . أسفرت عن تسجيل 32 مخالفة   30 منها متعلقة بالخدمة غير المطابقة أي غياب النظافة . أو إستعمال منتوج غير صالح . إذ  تم حجز حوالي  6 كيلوغرامات من المواد غير الصالحة بقيمة 27 ألف دج ، و إصدار إقتراح غلق في حق صالون واحد.
 ذات المصالح حررت 17 محضرا قضائيا في حق 17 حلاقة و أخصائية تجميل أحلن على العدالة ، بسبب مخالفات تتعلق بعدم إحترام شروط النظافة و إستعمال مواد فاسدة ، منها مستحضرات تجميل ، غسول شعر منتهي الصلاحية ، إكسسوارات شعر مستعار، وصلات شعر، و مواد مجهولة المصدر، يتم إقتناءها من السوق السوداء بكميات معتبرة ، ولا تتوفر على تواريخ الصنع أو إنتهاء الصلاحية ولا إسم المنتج . إضافة إلى مادة الشمع غير الصالحة ، و أمشاط  و مناشف و فوط غير صحية.
مقابل ذلك تابعت مصالح التجارة حلاقة في قضية النشاط دون سجل تجاري، فيما يبقى تقنين النشاط داخل المنازل و بدون تراخيص ، جد صعب كون غالبية الحلاقات تملكن بطاقة الحرفي، ما يخول لهن العمل بها بصورة طبيعية. نفس الوضع بالنسبة للأسعار التي تعد حرة. كونها تصنف في خانة النشاط الحرفي كذلك.   

  نور الهدى طابي

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com