العرض الأول لملحمة صلاح الدين الأيوبي يأسر جمهور كويكول
رحلت فرقة «إنانا» القادمة من بلاد الشام بجمهور كويكول، خلال السهرة الخامسة ضمن فعاليات مهرجان جميلة العربي في طبعته الحادي عشر إلى حقبة من التاريخ الإسلامي المشرق، بقيادة القائد الفذ صلاح الدين الأيوبي فاتح القدس الشريف وقاهر القوات العسكرية، فرسمت لوحة ملحمية عن بطولات صلاح الدين الأيوبي في المغرب العربي، بمشاهد كوريغرافية أذهلت الحضور بدقة العرض وجمال الألحان و روعة الصور الموسيقية.
ورغم أن الفكرة مقتبسة من التاريخ و سبق تناولها في عدة أعمال فنية سينمائية ومسرحية، إلا أن الأنظار كانت مشدودة إلى اللوحات الكوريغرافية الجذابة، التي منحت المتابعين تأشيرة سفر خاصة إلى أعماق الأسطورة، أضفت عليها أناقة الأزياء و جمال ألوانها لمسة جمالية أثارت إعجاب المشاهدين بتصاميمها المتعددة و المتناسقة، كما تركت المؤثرات الصوتية والبصرية، الأثر الواضح على الحضور الذي استسلم للعرض المشوّق و حبكة القصة التي مزجت بين سحر المسرح والسينما و الاستعراض، فانجذب طيلة ساعة ونصف نحو المنصة متلهفا لرؤية مشاهد أكثر إغراء.
العرض الذي أخرجه جهاد مفلح و تقمص دور البطولة فيه الممثل الاستعراضي قطيفان عبد الحكيم تضمن عدة لوحات استعراضية استهلت بعرض السكان الأصليين لفلسطين و حالة السلم و الوئام التي كانوا ينعمون بها، قبل شن الحملات الصليبية، كما تضمن لوحة جمالية ميّزتها رقصة بالورود، ومقطع مسرحي يظهر اعتلاء صلاح الدين الايوبي للعرش و إبلائه أهمية كبيرة لتحرير فلسطين، اندرجت بعدها مباشرة مشاهد تعكس العدوان على حجاج الكعبة الشريفة التي نقض بها الصليبون الهدنة مع صلاح الدين، هذا الأخير الذي قرر شن الحرب عليه، فكانت موقعة «حطين» شاهدة على تدمير وتدهور قواتهم، لكن سماحة القائد المسلم وقوته وتطبيقه لمبادئ الإسلام جعتله يحظى باحترام أعدائه.
العرض المتكامل اختتم بتقديم لوحة أظهرت الرخاء والهناء الذي نشأ فيه المسلمون وباقي السكان المعتنقين لمختلف الديانات في بيت المقدس.
جدير بالذكر بأن فرقة إنانا تعتبر من أشهر الفرق الاستعراضية و المسرحية بسورية ويعني إسمها إله الحب والفن، و تنجح الفرقة في استقطاب الاهتمام برقصات كوريغرافية جميلة مستمدة من الفلكلور العربي الشامي، برؤية درامية معاصرة تمزج بين الواقع والخيال. و تضم 100 راقص وراقصة من جنسيات سورية وعربية وعدد من الجنسيات الأجنبية.
بقية السهرة كانت من توقيع فنانين جزائريين منهم الشاب زوبير الذي قدم باقة منوعة من الأغاني من الطابع الشاوي على غرار «ساكن في براكة» «راكب R4» «فيكسي لادات» «لقمر خش السحاب» قبل أن يترك الركح لتوفيق الندرومي الذي أهدى الجمهور باقة منوعة من أغاني الراي على غرار «روبلة» «الوالدة الوالدة» وكوكتيل منوّع من الأغاني، تلاه حكيم صالحي بوصلة غنائية راقصة قدم فيها أشهر أغانيه إستهلها بأغنية «يوم سعيد ومبارك» «يامينة» و «صحراوي». الشاب ياسين التيقر كان مسك ختام السهرة التي حضرها مئات الشبان من معجبي هذا الفنان الذي قدم طبقا سطايفيا متنوعا على غرار أغنية «نونة نونة» قبل أن يطلب منه الجمهور أغنية «مريش» المعروفة و «راح راح» و»ولفتيني ربي يستر»أعقبها ب مجموعة متنوعة من أغاني الراي التي عرفه بها الجمهور، حيث تفاعل الحضور بالرقص والغناء وترديد الكلمات. رمزي تيوري
المخرج جهاد المفلح في ندوة صحفية
أكد مخرج عرض صلاح الدين الأيوبي جهاد المفلح بأن العرض يصب في خانة مساعدة الشعب الفلسطيني وتحريك المشاعر العربية لمساعدتهم، العرض ضم 40 راقصا وراقصة، مضيفا بأن أهميته تكمن في كونه عرض سينمائي ومسرحي:» الجمهور تابع عرضين في نفس الوقت، وكان الإخراج السينمائي للمخرج نبيل المالح والمسرحي قمت به أنا».
و قال بأن عرض صلاح الدين كان في طبعة جديدة سواء في الأزياء أو الإكسسوارات، و الرقص وغيرها، موضحا بأن الجديد في عرض صلاح الدين الأيوبي هي المقاطع السينمائية التي تم تصويرها خصيصا من أجل العرض المسرحي لأهمية بعده السياسي و الاجتماعي.
و أسر منشط الندوة بأنه و فريقه تعبوا كثيرا خلال فترة التصوير التي قاربت السنة، مؤكدا قيامهم بذلك في عدة أماكن مشابهة لمعركة طبرية مثلا.
و بخصوص فريقه، أوضح بأن فرقة إنانا تضم مزيج من الفنانين من مختلف دول الوطن العربي، سواء الراقصين أو المشاركين في التأليف والتلحين.
و قال المفلح «تشرفنا كثيرا بتقديم العرض الأول في المغرب العربي بمهرجان جميلة، الجزائر كانت سباقة لاحتضان أعمالنا» و أضاف متحدثا عن أهمية العرض الملحمي و خصوصيته و براعة الممثلين في أداء أدوارهم مرتين مرة سينمائيا وأخرى مسرحيا، مشيرا إلى تركيزهم على البعد التاريخي للقضية الفلسطينية و تسليطهم الضوء على حقبة صلاح الدين الأيوبي والنصر الكاسح الذي قام به في معركة طبرية العظيمة، مع حرصهم على الحفاظ على عامل الفرجة و المتعة باعتماد الألوان والمؤثرات الصوتية.
الممثل عبد الحكيم قطيفان:
«مشاركتي في عرض صلاح الدين الأيوبي تجربة جديدة في مشواري العربي، تعتبر تجربة جديدة أيضا في الأعمال المسرحية التي سعدت كثيرا للمشاركة فيها، كنت فخورا و أنا أقف على مسرح جميلة التاريخي للمرة الأولى، لقد كان امتداد لروابط تاريخية سورية- جزائرية و تقاطع جغرافي بين البلدين في الماضي والحاضر».
«شخصية صلاح الدين جذابة وتاريخية تشرفت بأدائها، تمنيت أداءها و تحققت الأمنية، نحن بحاجة في وقتنا الحالي إلى صلاح الدين أيوبي جديد يعيد كتابة التاريخ العربي والإسلامي وإحداث الوثبة المرجوة».
«المسرح لديه متعة خاصة نظرا للتواصل المباشر بين الممثل و الجمهور، الذي يصفق أو يضحك أو يعلق و لما يصفق لك الجمهور على المباشر يكون أكبر تكريم لك كفنان، بالمقابل للعمل التلفزيوني أيضا طعم خاص». رمزي تيوري
الشاب الزوبير
«الفنان في الجزائر يعاني من العديد من الصعوبات في مساره الفني، تضاؤل عدد المنتجين بسبب القرصنة غير المبررة للأعمال، دفعنا للتسجيل و الإنتاج بمفردنا لأجل تفادي ضياع موهبتنا، لكن لا ينكر أحد بأن الفنان والمغني على وجه التحديد مصدر دخله الأساسي ينحصر في الأعراس، لكن تمركزنا في شهر واحد يرهقنا كثيرا ونجد أنفسنا نتعب ونتنقل كثيرا، نشكر القائمين على الثقافة الذين يدعوننا من حين لآخر لأجل المشاركة في المهرجانات، لكن يجب وضع إستراتجية خاصة من أجل النهوض وتطوير الفن، خصوصا الفنون الشعبية لأجل الحفاظ على الموروث والتراث للأجيال المقبلة».
ياسين التيقر
«رغم أنني أنحدر من سطيف إلا أنني أؤدي طابع الراي الحديث المطلوب من طرف الشباب، لعدة اعتبارات، يقولون لي بأنني أنافس مغنيي الراي في عقر دارهم على الرغم من كوني أنحدر من الشرق، و الفضل يعود لعشقي لهذا اللون و ولعي منذ الصغر بأغنية الراي و أنا مسرور لأنني حققت حلمي، لكن لن أستغني عن أغنية السطايفي التي أحبني الجمهور بها، و أسعى لتطوير مهاراتي للوصول إلى أبعد حد في مشواري الفني، لكنني أصادف العديد من الصعوبات والعراقيل و بشكل خاص المصاريف الكثيرة التي يقدمها الفنان في سبيل الارتقاء بمسيرته الفنية، على غرار تسجيل الكليبات الذي يتطلب أموالا كثيرة.
حكيم صالحي
»لم أفهم إبقاء الشبان خارج أسوار مدينة جميلة الأثرية ومنعهم من حضور المهرجان، يجب إيجاد صيغة لأن هؤلاء الشبان لا يملكون حق دفع التذكرة كل يوم، من الضروري جعل الجميع يستمتع بحضور الحفلات لأنها مقتصرة على أيام معدودة، الجمهور رائع و يتجاوب مع الفنان لذا يجب تقديره و منحه كل الراحة، لكن يجب منع حضور الشباب المشاغب الذي يفسد الحفل على العائلات و يضايقهم وبدل من ذلك تحفيزهم على الحضور مرفوقين بعائلاتهم. الفن في الجزائر تطور كثيرا من حيث الإمكانيات المتوفرة سواء من حيث التسجيل و مكبرات الصوت والإضاءة وغيرها مقارنة بالماضي».
رمزي تيوري