الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

رغم أن البعض يغمرن أبناء الزّوج عطفا و حنانا

 صورة زوجة الأب القاسية لم تتغيّر و عقدة الربائب لا تعرف نهاية
لم تتغيّر صورة زوجة الأب القاسية و تسببها في تشرّد الربائب و خلق المشاكل بينهم و بين والدهم و غيرها من الآراء التي تجعل من قرار ارتباط الأرمل أو المطلق من امرأة ثانية أمرا معقدا بالنسبة لمن لديهم أبناء، إذ غالبا ما يخشى الأهل على الأبناء بناء على  أحكام مسبقة عن زوجة الأب رغم أن الواقع يؤكد وجود حالات لزوجات طيبات غمرن ربائبهن عطفا و حنانا و كسبن احترام و حب هؤلاء.
 فنظرة المجتمع إلى زوجة الأب لم تتغيّر، فالأغلبية يعتبرونها  مصدر المشاكل والسبب في تشرّد الأبناء اليتامى، بل يبالغ البعض في إطلاق صفات الشر على شخصها، فهناك من يراها امرأة مجرّدة من مشاعر الإنسانية و شخصية قاسية و مهما اجتهدت لكسب ودّ الجميع إلّا أنّ النظرة السّلبية تلازمها دائما سواء من طرف أبناء الزّوج أو المجتمع مع العلم أن هناك من تنطبق عليهنّ تلك الأوصاف المذكورة لتشدّدهن  و قساوتهن تجاه الربائب و تفننهن في تحويل حياتهم إلى جحيم، مما يضطر البعض لاختيار الهروب من المنزل بسبب المشاكل المتفاقمة و يختارون الشارع بمخاطره ملاذا لهم، فيما يستسلم آخرون و بشكل خاص الفتيات  للأمر الواقع و يصبرن أملا في تغيّر الأوضاع ذات يوم.
لكن ثمة من زوجات الأب اللائي كسرن القاعدة و أثبتن قدرتهن على تغيير الصورة القاتمة التي طالما التصقت بالزوجة الثانية و تمكنن من كسب ودّ أبناء الزّوج وتعويضهم ما افتقدوه من حنان الوالدة الحقيقيّة حتّى أصبحوا لا يتحمّلون فراق زوجة أبيهم أو العيش من دونها.
من بين الحالات التي صادفناها من زوجات الأب اللّواتي استطعن تعويض حنان الأم الحقيقيّة  وكانت الحضن الدّافئ لأبناء زوجها الأربعة هي السيّدة «د فضة» المنحدرة من إحدى البلديات الغربية لولاية تيزي وزو، التي أسرت بأنها لم تعاني مع ربائبها لأنها عاملتهم كأبناء حقيقيين و ساهمت في توفير الظروف الملائمة لهم للعيش و النجاح في حياتهم الدراسية حيث أن ابنة زوجها الكبرى «د جميلة» تشغل اليوم منصب محامية، و تذكرت كيف أنها عوضتها حنان الأم المتوفاة سنة 1987 و عمرها آنذاك لم يتجاوز  السادسة، أما أصغر إخوتها فلم يكن يتعدّى سنّه الستة أشهر.
و من جهتها أكدت ربيبتها المحامية بأن فضة غمرتها بالحنان هي وإخوتها الثلاثة وأخذت على عاتقها مسؤولية تربيتهم وتعليمهم حتى أصبحوا كلّ حياتها وكانت تدافع عنهم عند نشوب خلافات بينهم و بين والدهم، و أضافت محدّثتنا بأنّه بالرغم من فضة أنجبت أربعة أطفال إلا أن معاملتها الجيّدة و خوفها على ربائبها استمرت كما في كانت منذ تعرفوا عليها، و هي اليوم مثال الأم و الجدة الطيبّة.
من جهته يقول السيد «ق محمد» الذي يقارب سنّه الـ 50 عاما ولم يتزوّج بعد، أنه يعيش وحيدا وبعيدا عن بيت أهله بعدما توفيت والدته وتزوّج والده من امرأة أخرى، مضيفا بأن هذه السيدة لا تملك أدني إحساس بالعاطفة أو المسؤولية تجاهه، إذ تمادت في تعذيبه و إخوته و قامت بتشريد الجميع  وأصبحوا اليوم مشتتين  كل واحد يعيش في مكان بعيد عن الآخر بعد أن طردهم والدهم من البيت بسبب الأكاذيب التي كانت تؤلفها عنهم زوجة أبيهم  التي نجحت في إبعادهم عن حياتها والبيت الذي ترعرعوا فيه.

عقدة زوجة الأب بعين المختصين الاجتماعيين و النفسانيين

تقول الأخصائيّة في علم الاجتماع ناصري مليكة  أنّ زوجة الأب لطالما ارتبط اسمها باسم الساحرة الشريرة، مشيرة إلى ضرورة تغيير النظرة القاسية لهذه الفئة موضحة بأنه مثلما خلق  الله الناس أشكالا و ألوانا، فإن زوجات الأب لا تختلفن عن هذه القاعدة، فهناك زوجات أب يتمتعن بإحساس الأمومة و تكن خير خلف للأم البيولوجية  و أحسن رفيق وصدر حنون و مرشدة في حياة أبناء زوجها.
 و تضيف محدّثتنا أنّه رغم أنّ هناك نوع آخر من زوجات الأب اللاّئي ليس لديهن أي كلمة في تربية أبناء الزوج وذلك إما لوجود الجدة أو لوضع حدود التعامل معهم، إلا أن المجتمع لا يرحمها لأنها تعيش معهم و تكون مسؤولة عليهم.
  وبين محب وكاره لزوجة الأب تبقى النظرة إليها سيئة و هذا يعود إلى ما اقترفته  بعض زوجات الأب فيما مضى في حق الربائب، لذا بقيت تلك النظرة و إلى حد اليوم مفعمة بالسلبية، و أصبحت الفكرة مرسخة في أذهان الناس منذ  القدم.
 و أضافت «في كل قضية يوجد جاني و مجني عليه و تكون محاكمة و جلسات حتى تظهر الحقيقة و لكن زوجة الأب حكم عليها بدون محاكمة. زوجة الأب ثقيلة و إن كانت تقوم بواجباتها وكأنها هي المسؤولة عن انفصال الزوجين خاصة عندما يكون الأمر متعلّق بالطلاق».  
من جهته يرى الأستاذ الجامعي بجامعة تامدة في تيزي وزو «بلخير رشيد» وأخصائي نفساني عيادي واجتماعي بالمستشفى الجامعي «نذير محمد» أنّ بعض الناس ينظرون إلى زوجة الأب بنظرة سلبية وأنها امرأة ظالمة ومتسلّطة كما أن ثقافتنا متشبعة بأفكار تنص على أن زوجة الأب امرأة شريرة يمكن أن تؤذي أبناء زوجها ولعل أكبر دليل على ذلك القصص التي يطالعها الأطفال مثل قصة سندريلا والأميرة والأقزام السبعة، هذه القصص التي تعرض زوجة الأب على أنها امرأة متسلّطة تكوّن حسب محدّثنا نظرة سلبية على أفكار الأطفال التي عادةً ما تبقى وترسخ ولا تزول بسهولة، حتى بعض الأفلام التي نشاهدها تسلّط الضوء على زوجة الأب بتقديمها على أنها طاغية وظالمة.
و تحوّل ذلك مع الوقت إلى مرجعية رغم الأفكار الخاطئة و الأحكام المسبقة»لأننا لو عدنا إلى الواقع لوجدنا أن هناك زوجات أب أطيب و أحن من الأم الحقيقية، كما كنّ خير مرب للربائب، لذا وجب عدم التعميم.
و اقترح الأخصائي رشيد بلخير لغة الحوار بين الأب والأبناء لتهيئتهم لاستقبال الأم الجديدة لأن ذلك سيساعد الطفل على تقبل زوجة الأب بصدر رحب مؤكّدا على أن للأب الدور الفعال في توطيد العلاقة بين زوجته الثانية وأبنائه وذلك بترسيخ الاحترام المتبادل فيما بينهم منذ البداية لينشئوا في بيئة متوازنة، مضيفا بأن العديد من زوجات الأب اللائي لم يرزقن بأطفال يحاولن لعب دور الأم على أحسن وجه و يكن بمثابة الأم البيولوجية لأبناء الزّوج الذين يعوّضونها حرمانها من عاطفة الأمومة، لكن ثمة أيضا من يكوّن ذلك عقدة لديهن فيتعمدن خلق المشاكل. و في تشريح لنفسية زوجات الأب القاسيات، اعتبر المختص هذه الفئة ضحية لنشأة صعبة و قال أن أغلبهن يكن قد عانين من مشاكل في الطفولة، غالبا ما تخلف لديهن عقد نفسية واضطرابات تظهر فيما بعد في سلوكات غير متوازنة، وتكون السبب في قسوتهن على أبناء الزوج، مشيرا في ذات الوقت إلى دور أفراد الأسرة الجديدة التي تدخل عليهم هذه المرأة معلقا « إذا كان الجميع ينبذونها فأكيد أنها سترد عليهم بالمثل».
  سامية إخليف

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com