السياحــــة الجبليـــة رهينـــة في قلب جبــــال الأوراس
تعرف السياحة الجبلية في قلب الأوراس، انتعاشا نسبيا في السنوات الأخيرة ، يبقى بعيدا عن المقومات الحقيقية لولاية خنشلة التي تخبئ بين مرتفعاتها كنوزا أثرية وطبيعية نادرا ما تجتمع في مكان واحد.
بين الغابات الكثيفة وذات الأشجار النادرة، تبقى الكهوف تحتفظ بأسرارها لزوار لم يصلوا بعد، بينما تفتح الحمامات أحضانها الدافئة باحتشام للباحثين عن النقاهة في قلب الطبيعة الخضراء، لنقص المرافق و الاستثمارات في هذا النوع من السياحة الذي يتجه نحو التطور عالميا، بينما يبقى في بلادنا رهينة ضعف الاهتمام.
على غرار المدن الساحلية التي بدأت تستعد لاستقبال المصطافين و السواح من أجل الراحة والاصطياف فان جانبا اخر من السياحة لا يقل أهمية عن السياحة الساحلية يبقى بعيدا عن الاهتمام رغم توجه الدولة لتنمية السياحة الجبلية حتى لا تبقى السياحة مقتصرة فقط على السياحة الساحلية، حيث أكد وزير السياحة أن كل ولايات الوطن استفادت بمخططات توجيهية للتنمية السياحية كانت الحكومة قد صادقت عليها سنة 2008 وخصص لها في كل ولاية 15 مليون د.ج فيما تبقى أشغال هذه المخططات التوجيهية متواصلة على مستوى ولايات الوطن سواء من حيث الدراسات أو الأشغال.
الموقع الجغرافي لولاية خنشلة ومناخها المتنوع يجعلان منها جوهرة سياحية في عنق جبال الأوراس الأشم، حيث تتمتع بموقع استراتيجي هام وتقع على امتداد السلسة السهبية والهضاب العليا، مما يضفي عليها الطابع الفلاحي الرعوي والصحراوي في آن واحد، ومن حيث الموقع الفلكي فهي تقع بين دائرتي عرض6.30و7.30 درجة وخطي طول34 و35.4 درجة ما يجعلها ذات بيئة معتدلة في الشمال وحارة في الجنوب, وبتنوع جغرافي مميز ( السهول, الجبال, السهوب, منطقة صحراوية).
بوحمامة تستهوي الأوروبيين
ويرى مسؤولو القطاع أن التنمية السياحة تعتمد على تحقيق التوازن بين ما تعرضه من إمكانيات طبيعية وثقافية، كعوامل جذب سياحي والهياكل الموجهة لاستقبال السياح من فنادق ووكالات سياحية وغيرها الخدمات اللازمة لإنعاش السياحة بالمنطقة، لاسيما منها السياحة الجبلية التي عرفت في السنوات الأخيرة إقبالا كبيرا من طرف الزوار من ولايات الوطن، وحتى من بعض الدول الأوروبية خصوصا بمنطقة بوحمامة الغابية، التي تتميز بكثافة غاباتها وتنوعها من صنوبر، سرول والأرز الأطلسي، فضلا عن قمة كلثوم ( شلية) المعروفة بأعلى قمة على سطح البحر في الجزائر2328م
كما أنه يمكن تطوير القطاع السياحي أكثر و إعطائه صورة مميزة إذا ما لقي الاهتمام اللازم من قبل كل الجهات المعنية، خصوصا من حيث تسهيل استقبال السياح كالإقامة والتنقل بين مختلف المناطق السياحية وضرورة استغلال خصوصيات المنطقة الطبيعية وعنصرها البشري بعاداته وتراثه، وهما عاملان أساسيا ن يدعمان مشاريع التنمية السياحية في الولاية .
وبخصوص السياحة الجبلية فان لمديرية السياحة برنامجا للتوسع السياحي ببوحمامة الهدف منه خلق مواقع سياحية مناسبة لاستقطاب الاستثمارات والمشاريع السياحية شريطة أن لا تؤثر على الوسط الطبيعي، كون المنطقة المتميزة بغاباتها وموقعها الجغرافي بتضاريسه الجبلية تستهوي الزوار والسكان خصوصا الشباب الذين يفضلون قضاء أوقات كبيرة في تسلق الجبال والاستمتاع بجمال الطبية ومناظرها التي أبدع فيها الخالق صورا هي أصلا قطع من جنة الفردوس.
إقبال شباني تحركه روح المغامرة وحب «المدفون»
يرجع سكان بوحمامة التوافد الكبير الذي تعرفه المنطقة خصوصا في فصلي الربيع والصيف لما يعرف بالمشوي أو المدفون وهي أكلات من لحم الضان يتم إعدادها في الهواء الطلق مما يضفي عليها ميزة خاصة، فالمدفون مثلا هو أن يتم إعداد خندق صغير وبعد تهيئته يوضع فيه ما يراد طهيه بعد أن يلف بورق الاليمينيوم، ثم توضع فوقه صفائح من الحجارة وفوقها يتم إعداد نار كبيرة، فضلا على أن المنطقة التي نجح فيها المشروع الجزائري الألماني في زراعة التفاح بأنواعه وتوجيه الدولة بتدعيم هذا النوع من الغراسات المثمرة بعد أن حققت التجارب نجاحات كبيرة، فقد أصبح تفاح بوحمامة يستهوي زواره.
ولعل الشباب هم الأكثر إقبالا على السياحة الجبلية من خلال برامج التبادل المختلفة التي تقوم بها مديريات الشباب والرياضة, الثقافة, السياحة, وبعض الجمعيات الناشطة في هذا المجال مع شباب بعض الولايات وبعض الدول الأوروبية والعربية، حيث يرى السيد احمد بزة مستشار بيداوجي بمديرية الشباب والرياضة أن البرامج المسطرة تهدف إلى تسليط الضوء على السياحة الجبلية التي توليها مديرية الشباب والرياضة اهتماما خاصا لاسيما بغابات البراجة, بني يملول,وأولاد يعقوب التي تعتبر فعلا غابات فريدة من نوعها وبرمجة نشاطات في إطار التبادل ما بين الرابطات والجمعيات بولايات الوطن بتسطير برامج ورحلات سياحية واستطلاعية لأهم المواقع السياحية بالتركيز على المناطق الجبلية نظرا لمميزاتها لخاصة.
و غير بعيد عن منطقتي شلية وبوحمامة يقصد السواح والزوار المكان المسمى بالكانطينة ببلدية يابوس المتاخمة لحدود ولاية باتنة للتمتع بالمناظر الطبيعية وقضاء أوقات مريحة على ضفاف الوادي وتحت أشجار الغابات الكثيفة التي توجد بجوارها محلات خاصة مختصة في إعداد الشواء في الهواء الطلق، حيث يعرف هذا الموقع إقبالا كبيرا من طرف المواطنين خصوصا يومي العطلة الأسبوعية.
وعلى غرار ما تزخر به الولاية من معالم سياحية هناك أيضا مواقع أثرية فريدة بأنماط بناياتها التاريخية , ومناظر طبيعية غاية في الجمال, وكذلك حمامات ومنابع حموية مهمة بخصائصها العلاجية, مع وجود عادات وتقاليد وتراث محلي غني جدا بصناعاته التقليدية وفنونه الشعبية المتنوعة.
حمامات وكهوف بعيدة عن أعين الزوار
حمام الصالحين المعروف أيضا باسم «أكوافلا فيان» هو موقع سياحي وعلاجي بامتياز يوجد على بعد 7كلم من مقر عاصمة الولاية ببلدية الحامة، فهو يجمع بين السياحة العلاجية والثقافية إذ يعتبر من أهم المواقع في الولاية باحتوائه على آثار تعود للعهد الروماني تصل درجة حرارة مياهه الى 70 درجة عند المنبع، مياهه تتميز بمكوناتها الكيميائية التي تمنحها خصائص علاجية ينصح بها لعلاج الإمراض الروماتيزمية والتنفسية وكذلك الجلدية، المرفق يتكون من 40 غرفة استحمام و5 مسابح منها مسبحين يعودان للعهد الروماني, وهو يعتبر من أحد أهم أعمدة السياحة العلاجية على المستويين المحلي والوطن .
إلى جانب حمام لكنيف الواقع ببلدية بغاي، وهو حمام بخاري علاجي يقصده المرضى من مختلف أنحاء القطر غير أن السياحة الحموية تشكو من انعدام مرافق الاستقبال و الإيواء بهذه المنطقة الريفية التي لم تستفيد من البرامج التنموية الضرورية، عدا بعض النشاطات الاستثمارية التي بادر بها أحد الخواص.
وتتميز الولاية أيضا بمغاراتها الطبيعية وكهوفها العجبية التي نجدها في مواقع عديدة والتي لم تعط لها الأهمية اللازمة، ومن أهمها مغارة فرنقال الشهيرة المعروفة منذ الفترة الاستعمارية التي تقع قلب جبل «هوحريقث» بقرية فرنقال ذات المناظر الطبيعية الخلابة والتي صنفت كموقع طبيعي سنة 1928
ع بوهلاله