السباكة و الطلاء و تركيب البلاط حرف تدر ذهبا بالمدن الجديدة
تشهد الكثير من الأحياء بالمدينة الجديدة علي منجلي، انتشار إعلانات خاصة تعرض خدمات بعض الحرفيين و بشكل خاص السباكة و الطلاء و الكهرباء و غيرها من الحرف التي بقدر ما تعرف طلبا كبيرا عليها بقدر مواجهة المواطنين صعوبة كبيرة في إيجاد مختصين فيها، في ظل استمرار عزوف الشباب عن ممارستها.
بعض المواطنين الذين تحدثنا إليهم أكدوا لنا بأنهم اضطروا للانتظار عدة شهور للفوز بحظ الاستفادة من خدمات بعض الحرفيين في عدد من المهن التي قالوا أنها باتت نادرة، و بشكل خاص السباكة و الطلاء و تركيب و تمليس سطح البلاط و غيرها من المهن التي تفرض نفسها في السكنات الجديدة بشكل خاص.
و ذكر أحد المواطنين أن عامل الثقة يعد من أهم أسباب تأخر أو صعوبة إيجاد مثل هؤلاء الحرفيين، مشيرا إلى المشاكل المسجلة عادة عند طلب من وصفهم بغير أهل للثقة، منها أخذ الحرفي لتسبيق عن تكاليف أتعابه التي لم يبذلها بعد و الغياب عن الأنظار لمدة، على حساب أعصاب و توتر الزبون الذي يتلهف لانتهاء الأشغال ببيته الجديد و الانتقال للعيش فيه مثلما قال عماد الذي استفاد مؤخرا من سكن في صيغة البيع بالإيجار و الذي سرد لنا رحلة البحث التي قام بها طيلة قرابة ثلاثة أشهر للعثور على حرفي مختص في تركيب البلاط و الذي اضطر للاستعانة بقريبه من بلدية ابن باديس للحصول على فرصة تجسيد أشغال لم يكن يتصوّر أنها ستكون بتلك الصعوبة على حد تعبيره.
و علّق مواطن آخر قائلا بأن الحرفيين أصبحوا مثلهم مثل الأطباء لا يمكن الوصول غليهم إلا عن طريق موعد مسبق، قد يطول انتظاره لكثرة الزبائن على قائمة الانتظار.
نفس الآراء سمعناها من عدد من المواطنين الذين كشف بعضهم عن اضطرارهم للقيام بالكثير من الأشغال بمفردهم أو بمساعدة الأقارب، بعد أن عجزوا في إيجاد حرفيين مختصين، و إذا عثروا عليهم يجدونهم منشغلين و غير متفرّغين.
أحد الحرفيين أخبرنا بأنه يعجز عن تلبية كل طلبات الزبائن لكثرتها، مؤكدا بأنه لا يكاد ينتهي من تحقيق بعض الطلبات حتى يتلقى عشرات الطلبات الأخرى، خاصة في الحصص السكنية الجديدة التي تسجل نقائص كثيرة في مجال السباكة و رغبة عدد كبير من المواطنين في إضفاء بعض التغييرات على بيوتهم الجديدة، خاصة فيما يخص البلاط و سقف الغرف و المطبخ.
و تحدث حرفي آخر عمن أطلق عليهم اسم الطفيليين على المهنة، مؤكدا بأن عدد كبير من المواطنين كانوا ضحايا احتيال، أشخاص لا علاقة لهم بالحرف التقليدية، و يصدمون بنتائج الأشغال التي دفعوا لأجلها الكثير من المال دون أن تكون في مستوى رغباتهم، مشيرا إلى عزوف الشباب عن الكثير من المهن الحرفية التي أكد بأنها تدر ذهبا على محترفيها إن هم أتقنوها، مؤكدا بأن الكثير من زملائه تحوّلوا إلى مقاولين ناجحين.
و بخصوص قيمة أتعاب الحرفيين، قال محدثنا أنها تتراوح من 1000دج إلى 500ألف دج فما فوق حسب نوعية الأشغال.
و عن سر عزوف الشباب عن ممارستها، قال الحرفي سعيد بوكبوس أن أغلب شباب اليوم يبحث عن المهن السهلة و الراتب الشهري المضمون، و أضاف قائلا بأن هذه الحرف تحتاج إلى صبر و قوة تحمل و تركيز و قناعة أيضا و هو ما يفتقده الكثير من الشباب الذين يبحثون عن الربح السريع مثلما قال.
و ذكر حرفي شاب بدا عليه التذمر، بأنه رغم تلقيه تكوينا مختصا بمركز مختص إلا أنه لم ينل حتى الآن فرصته في الحصول على عمل، في مجال النقش على الجبس و الديكور الداخلي.
و من جهته يرى المختص في علم الاجتماع عبد السلام زويني بأن عزوف الشباب عن ممارسة المهن الحرفية راجع بالدرجة الأولى إلى النظرة الدونية إلى ممتهني مثل هذه النشاطات رغم أهميتها، غير أن الأمور تغيّرت حسبه مع فتح المراكز و الكليات التقية المتخصصة و فرص فتح وكالات و مقاولات في هذا المجال الذي يدر ذهبا، في ظل التوسع السكاني و تزايد المدن الجديدة و تزايد رغبة المواطنين في تغيير تصاميم و ديكورات بيوتهم سواء كانت قديمة أم جديدة. مريم/ب