عزوف الجمهور يهدد مهرجان العيساوة بميلة في كيانه
أسدل الستار ليلة أول أمس بدار الثقافة مبارك الميلي بميلة ،على فعاليات الطبعة العاشرة للمهرجان الوطني الثقافي للعيساوة بعد خمسة أيام من العروض الفنية التي تناوبت عليها في كل ليلة فرق الولايات 14 المشاركة التي مثلت جهات الوطن الأربع وقدمت مختلف الطبوع، بالإضافة لسلسلة الندوات الفكرية والمعرض المتضمن للمخطوطات والآلات الموسيقية والألبسة التي لها علاقة بالموضوع التي بادرت محافظة المهرجان إلى نقلها بالتنسيق مع الاذاعة الجهوية المحلية على الهواء مباشرة، بغرض تعميم الفائدة ولتغطية الغياب التام للجمهور عن قاعتي العروض.
الظاهرة أرقت المنظمين ولم يجدوا لها تفسيرا رغم توفير النقل المجاني للراغبين في الحضور، ناهيك عن المبادرة إلى إخراج النشاط العيساوي نحو بلديتي فرجيوة و القرارم، في محاولة لم يكن يتضمنها برنامج التظاهرة ،غير أن العزوف كان السمة البارزة في هذه الطبعة مثل الطبعات التي سبقتها ،وهذا الذي يتهدد كيان المهرجان ويضعه على محك الوزارة الوصية.
ولعل هذا ما يزيد من تخوف المنظمين والأساتذة المشاركين في هذه الطبعة، لذلك سارعوا إلى تقديم توصية للتأكيد على ضرورة استمرارية هذا المهرجان على رأس التوصيات الست لهذه الطبعة، مع دعوة الشباب إلى المشاركة في إحياء التراث وضمان تواصله بين الأجيال، في حين ركزت التوصية الثالثة على أهمية تدوين هذا التراث وفتح المجال لدراسته دراسة علمية أكاديمية وتشجيع الأبحاث في هذا المجال إلى حد الوصول إلى تسجيل التراث العيساوي ضمن التراث العالمي الذي تعنى به منظمة اليونيسكو.
على غرار توصيات الطبعات السابقة طالب المنظمون هذه السنة في التوصيتين الأخيرتين بترقية هذا المهرجان الوطني ليصبح ذو بعد عربي كمرحلة أولى، وهذا من خلال فتح المجال أمام مشاركة الدول العربية والاسلامية التي تتوفر على هذا الموروث الثقافي، وكذا التنسيق مع المؤسسات البحثية العربية التي تعنى بالتراث الصوفي عامة، والفن العيساوي خاصة .
مع الإشارة هنا أن شعار هذه الطبعة هو :" البعد العربي للفن العيساوي" لكنه لم يتحقق كون المشاركة اقتصرت في الحفلات والندوات على القدرات الجزائرية فقط، علما بأن بعض الطبعات السابقة عرفت مشاركة فرق دول عربية مجاورة قبل أن تغيب عن هذه الطبعة.
بالعودة للبحث عن أسباب عزوف الجمهور الميلي عن متابعة هذه التظاهرة الفنية والاقبال عليها، تضاربت أقوال المفسرين ،فمنهم من أرجع ذلك إلى عدم ثبات المهرجان طيلة طبعاته السابقة على تاريخ وتوقيت معين، وهذه السنة بالنسبة إليهم هي الأسوأ في هذا المجال، كون العائلات منشغلة بالدخول المدرسي والجامعي، وكذا بتحضيرات عيد الأضحى، و منهم من نفى كلية علاقة ميلة بالفن العيساوي، مذكرا باللغط الذي صاحب الطبعة الأولى،حيث قيل وقتها بأن المهرجان كان سينظم في قسنطينة ،غير أن الخلاف الذي حصل بين وزيرة الثقافة خليدة تومي والوزير الحالي للصحة والي قسنطينة آنذاك بوضياف ،جعل الأولى تقرر تحويله إلى ميلة، بمباركة والي ميلة الأسبق صالحي.
وذهبت الفئة الثالثة من المحللين إلى التأكيد على أن هذا هو حال ميلة مع كل التظاهرات الفنية والثقافية ،ولو أن لمحافظة المهرجان مسؤوليتها القائمة على التوعية و التحسيس والدعوة للإقبال على التظاهرة ،حيث كان تقصيرها ،حسبهم ، بارزا في هذا الجانب من ذلك أن اللافتة المعلنة عن التظاهرة لم تعلق على جدار دار الثقافة إلا يوما واحد قبل بدايتها ،وحتى الحافلات التي كانت مخصصة لنقل الجمهور لم يعلق على زجاج نوافذها الإشهار للتظاهرة، ونفس الشيء بالنسبة لشوارع المدينة وساحاتها ، بل أن المحافظة لم تبادر حتى الى توجيه دعوات شخصية كما هو معمول به في مختلف التظاهرات للمثقفين والمهتمين لحضور التظاهرة واكتفت بالدعوة العامة المقدمة عن طريق الإذاعة المحلية.
هذا الذي جعل بعض هؤلاء ينشرون في شبكات التواصل الاجتماعي بأن المحافظة وحتى مديرية الثقافة لم تنزلهم المنزلة التي يستحقون، وكلها ملاحظات يجب على محافظة المهرجان تداركها ،بل أن البعض يرى أن هذه الأخيرة، مدعوة بشكل استعجالي إلى ضخ دماء جديدة لجسدها اذا ما أرادت تحسين الأداء والعطاء واستقطاب عناصر النجاح للمهرجان، وللتخلص من الرتابة والروتين وبعض السلوكات التي تنفر أكثر مما تجمع وترص الصفوف حول المهرجان.
وعن حفل الختام الذي اقتصر الحضور الرسمي على أعضاء محافظة المهرجان والحضور الشعبي على عدد محدود جدا من العائلات، فقد نشطته الجمعية الراشدية العيساوية لقسنطينة وساهم الشيخ الغافور بوصلة فنية نزولا عند رغبة الجمهور الحاضر.
ابراهيم شليغم