الاحتفال بكتف كبش العيد وقراءة قسماته بعين عبيد
عاد صباح أمس بعض سكان بلدية عين عبيد ولاية قسنطينة ، إلى عادة الاحتفال بكتف كبش العيد وقراءة قسماته ، التي توارثها من جلسنا إليهم عن الأجداد ، ويصرون على أن يتوارثها أبناؤهم ، كتقليد بعيد عن الاعتقاد ، وهذا من أجل أن يصنعوا جو الاجتماع ، بين أبناء العمومة والجيران ، في جو من الفرحة وتبادل التهاني حول مائدة طعام ساهم فيها كل الجيران ، وذلك بإخراج صينية تميد بأكتاف كباش الأضاحي.
إطعام كتف كبش العيد الجماعي ، يبدأ وساعة الصباح الأولى ، بتحديد مكان اللقاء قبل ذلك ، مساء أول أيام العيد ، ومع طلوع نهار ثاني أيامه ، حيث يشرع الجيران وكذا الأقارب في التوافد على المكان المعين ، وكل واحد يحمل صينيته المزّينة بما تم تحضيره لغذاء أسرته في طبق يعلوه الكتف الأيمن بكامله ، و يكون عادة كسكسا أو ثريدا ، أو عجائن صناعية كالتليتلي ، إضافة إلى سلطة وفاكهة ، وهنا يبدأ الاحتفال بتناول الوجبة مصحوبا بتعاليق حول حجم الأضحية ، من خلال حجم الكتف ، وذوق كل ذلك إذا كان تم تسمينه بالشعير ، أو الخبز وتعاليق مثيرة مضاف إليها طبقة الشحم التي تعلو كل كتف.
هذا الإطعام ليس مقتصرا على المشاركين فيه ، بل يتم دعوة كل مار على موضع الاحتفال بكتف العيد ، ويوزع منه على بعض الفقراء وكل من يرون أنه ، في حاجة إلى إطعام ، ويتنافس على ذلك المستهلكون الذين يرون أن الطبق الذي يتم التهامه هو الألذ.
وفي أعقاب كل ذلك يأتي دور قراء الكتف ، الذي مازال البعض يعرفون أسراره وكذا مدلول قسماته ، والتي شرع فيها أحد الجيران المدعو بوزيد ، وذلك بقراءة كل كتف بعد مسحه جيدا من الإدام وبقايا الطعام ، والتي يبدؤها بعموده ثم مثرده وساقيته وأخيرا الطرحة ، وسط تعليقات الحاضرين وقهقهتاهم ، في أجواء من المرح والفرح والسرور وهو مدلول العيد ، ويختتم كل ذلك بلمة حول صينية القهوة ، التي قدمها حملاي صاحب المكان الذي تم فيه الاحتفال بكتف العيد ، في الحي التطوري بعين عبيد صباح أمس.
ويذكر أن الاستعداد لذات الجلسة يبدأ مساء أول أيام العيد ، أثناء قص الأضحية ، أين تحرص صاحبة البيت على أن يكون قص الكتف الأيمن كاملا ، وفق مواصفات معروفة من أجل اخراجه للمحتفلين في الساعات الأولى للصباح ، وهذا بعد إعداد القدر الكبير ، الذي يشرع في طهيه أثناء الهزيع الثاني لليل بوضعه على نار هادئة ، حرصا على أن يكون غذاء العائلة جاهزا فترة الضحى ، لتقديمه للمهنئين بالعيد.
وبهذا يكون سكان عين عبيد قد احتفلوا بالعيد ، وأحيوا عادات جميلة تتجه نحو الزوال والاندثار ، كانت تميّز ذات الاحتفال وكان غرضها الأول اطعام من لم يضحي في هذه المناسبة الكريمة، لتكون أجواء الفرحة جماعية ، ويكون الاطفال فيها ممن يشارك ويطعم.
هذا وعلمنا من ذات الجلسة ، أن كل تفاصيل مدلولات قسامات الكتف الأيمن ذات مدلولات فلاحية ، ابتداء من الساقية التي تؤشر للمطر ، والطرحة للمردود الفلاحي ، وعموده ، لتخمينات متعلقة بالأسرة وذلك بدعمها بأفراد أو فقدانهم ، وتفاصيل كثيرة.
وفي هذا الصدد قال لنا الباحث في الأنثروبولوجيا الأستاذ فوزي مجماج من ملحقة عين مليلة للمركز الوطني للبحث في التاريخ القديم وعلم الانسان والتاريخ: "تأتي احتفالية الكتف كتتمة للاعتقاد بقدسية الأضحية و التي من خلالها تنشأ عملية تسلسلية من الطقوس و ممارسة العادات القديمة التي تعزز التكافل و التضامن الاجتماعي .. يأكل الناس مجتمعين ثم ينتقلون لقراءة حظهم و مكتوبهم الموجود على لوح الكتف ... كأنه لوح محفوظ .. كتاب منذ القدم ينظر للمستقبل ... الغيث ، السعد، الزواج، الصابة و غير ذلك مما يتعلق بالفلاحة و التجارة .. كل هذا يكون من طرف قارئ خبر أمور الحياة في خيرها و شرها".. لكن يبقى حسبه التفاؤل دائما هو ما يطغى على هذه القراءات ليبث الأمل و السعادة في قلوب المجتمعين تتمة لفرحة العيد في يومه لثاني.
ص.رضوان