الأربعاء 9 أكتوبر 2024 الموافق لـ 5 ربيع الثاني 1446
Accueil Top Pub

النصر ترافق فرقة المساعدة الاجتماعية في حملتها للتكفل بالمتشردين و محاربة التسول بقسنطينة

أب يصرّ على التسوّل بأبنائه الخمسة ومتشرد  يتقاضى منحة بالأورو
وقفت النصر على مظاهر مثيرة   خلال مرافقتها  لفرقة المساعدة الاجتماعية الاستعجالية  المتنقلة التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي و التضامن لولاية قسنطينة، ووقفت على حالة مخيفة لأب يرفض تعليم أبنائه ويجاهر بإصراره  على استخدامهم في «مهنة» التسوّل.
الانطلاقة كانت يوم الأحد على الساعة الثانية و النصف بعد الظهر، من أمام مقر مديرية النشاط الاجتماعي،حيث رافقت النصر ثلاثة من أعضاء  فرقة  المساعدة الاجتماعية الاستعجالية المتنقلة على متن سيارة نفعية عادية، بينما ركب باقي أعضاء الفرقة حافلة صغيرة تابعة لمصلحة للتضامن الوطني تحمل شارتها، في حين التحقت بالموكب سيارة للشرطة و أخرى للحماية المدنية، مع تسجيل غياب شركائها الآخرين في اللجنة من ممثلي البلدية ومديرية الصحة و منظمة الهلال الأحمر الجزائري الذين شاركوا في محطات سابقة من هذه الحملة الوطنية التي  بدأت قبل سنوات و تم تكثيفها هذا العام لإعادة الوجه المشرق و المشرف لعاصمة الثقافة العربية و الجزائر ككل.
والدان من لمغير يستغلان أبناءهما القصر الخمسة في  التسول بوسط قسنطينة
المحطة الأولى كانت نهج عبان رمضان بوسط المدينة،حيث توقفت المركبات الأربع فجأة، و هرع جمال ليتيم، المكلف بجمع الأشخاص دون  مأوى ،طيلة السنوات العشر السابقة، نحو رصيف «الأقواس» ، باتجاه امرأة و خمسة أطفال صغار يتسولون ، و سرعان ما التحق به أعضاء من فرقة المساعدة الاجتماعية الاستعجالية المتنقلة و هم الأخصائي النفساني التربوي شوقي لكحل، و الأخصائية النفسانية العيادية هدى قبقوب، و المساعدة الاجتماعية الرئيسية فرح مصباح، و توقف العديد من المارة  بدافع الفضول ،في حين تابع رجال الشرطة و الحماية المدنية ما يحدث على بعد متر تقريبا . كانت المرأة تضع في حجرها طفلا رضيعا في حين يحيط بها بقية الصغار وهم يرتدون ملابس رثة بالية و يحدقون بنا بذهول.
استجمعت المرأة السمراء شجاعتها و ردت على أسئلة المساعدة الاجتماعية ، بدءا بذكر اسمها و هو فاطمة .ب و عمرها 41 عاما،و الاعتراف بأنها تتسول بمعية أبنائها الذين تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة و 8 سنوات و زوجها من أجل جمع بعض النقود لاقتناء احتياجاتهم من أكل و شرب و بأنهم قدموا إلى قسنطينة من مدينة لمغير بولاية الوادي  منذ شهور، و عندما عرضت عليها المساعدة و التكفل باحتياجات صغارها وافقت دون تردد ،مشيرة إلى أن ابنها الأكبر كان يدرس في الثالثة ابتدائي، ودست في كفها ورقة  تحمل الرقم الأخضر للفرقة لتتصل بها و هو27 15.
 حضر زوجها الذي يبدو أنه كان يتسول في مكان غير بعيد،مسرعا و هو يرتعد من شدة الانفعال و الخوف و يرمق الجميع بوجه شاحب و نظرات شزراء. كررت المساعدة الاجتماعية عرض المساعدة على رب الأسرة، وحذرته من عواقب استغلال أبنائه الصغار في التسول الذي يعرضه للحبس من شهرين إلى سنتين و إدخال أبنائه إلى مركز لحماية الطفولة ،حيث سيحظون بالرعاية اللازمة و التمدرس . و انفجر الرجل ،الذي قال بأن اسمه العيد. ب، و عمره 33عاما، غضبا ،و احمرت عيناه و صرخ في الحضور :» يعجبني وضعي ووضع أسرتي ،و أرفض تعليم أبنائي ،و لن يأخذهم مني أحد منكم .نحن ننام ليلا  في خيمة  نصبناها بضواحي المدينة ، و نتسول نهارا منذ رمضان الفارط ،و عندما نتمكن من جمع ما يكفي من النقود سنعود إلى مسقط رأسنا ،اتركونا في حالنا».
عندما سمع العيد أحد أعضاء الفرقة يقول بأن الشرطة ستتكفل خلال هذا الأسبوع بنقل الأطفال الخمسة إلى مركز رعاية الأحداث و تحرير محضر ضده لمقاضاته مادام لم يستجب للتحسيس و التوعية هدد الجميع : «إذا أدخلتموني إلى السجن سأصاب بالجنون، و عندما أخرج سأتذكر من أدخلني إلى هناك ...و علي و على أعدائي» و تابع: « نروحو كل «.و سألنا ضابط الشرطة الذي كان يتابع ما يحدث عن كثب، إذا كان هذا الشخص من ذوي السوابق العدلية ،فرد بأنه سيحقق في الأمر، و بأنه لن ينجو من العقاب هو ومرافقته إذا واصلا التسول باستغلال البراءة. و المثير أننا شاهدنا فاطمة و الأطفال بعد حوالي ساعتين يتسولون، أمام مسجد الاستقلال، بينما يجلس العيد في الرصيف المقابل يتابع حركاتهم و سكناتهم و يواصل  حرفته المربحة، دون حرج.
أرملة تتسول لإعالة ابنيها  و ترحب بمساعدة الفرقة
رصد أعضاء الفرقة العديد من المتسولين الآخرين على امتداد نهجي عبان رمضان و عواطي مصطفى بوسط المدينة ،و عندما سألتهم عن أسباب عدم توقفهم ،قالوا بأنهم يعرفونهم و أعدوا تقارير بخصوصهم بعد فشل عملية تحسيسهم سابقا،لهذا سيتم جمعهم في الخرجة الموالية .
المحطة التالية كانت محطة المسافرين الغربية،و الملفت أن معظم الوجوه المعروفة التي كنا نراها تتسول أو تتخذ من المكان مأوى لها ،غادرت المكان،  لم ييأس جمال من العثور على إحدى تلك الحالات، و أشار بيده إلى زملائه ليقتربوا نحو سيدة متحجبة ذات مظهر محترم و نظيف،كانت تتسول بأحد أركان المحطة.
بادرت المساعدة الاجتماعية بطمأنتها بأن الفرقة لا تريد إلا مساعدتها للتوقف عن مد اليد و حمايتها من المخاطر التي قد تتعرض لها، و شرحت لها بأن التسول محظور. دمعت عينا المرأة و لم تلبث أن شرحت و ضعيتها بتأثر كبير:»اسمي نورة.ز وعمري 40 عاما، أنا أرملة و أم لولدين أحدهما عمره 4سنوات و الثاني 6سنوات ، توفي زوجي منذ عامين و طردني إخوته من بيت الزوجية و لم يترك لي مصدر رزق.  أقيم مع ابني الآن في منزل  أمي المسنة و أخي الذي سيجتاز هذا العام شهادة البكالوريا بحي كوحيل لخضر ( ذكرت عنوانها كاملا).أعاني من ارتفاع ضغط الدم و ضعف البصر،  و لم أجد عملا لأعالج نفسي و أعيل ابني و أخي و أمي، لهذا أحضر إلى هنا على الساعة 11صباحا و أعود إلى بيتي على الرابعة».
سألتها النفسانية العيادية :»هل تحضرين معك ولديك؟»فردت بسرعة:»لا..أتركهما في البيت مع أمي».و نصحتها المساعدة الاجتماعية  بالتوقف حالا عن التسول لأنه ممنوع و مشين و يعرضها لشتى الاعتداءات ،و وعدتها بأن تزورها الفرقة قريبا و تقدم لها مساعدات من مؤن و أغطية و غيرها، كما ستساعدها في العثور على عمل و الاستفادة من  الضمان الاجتماعي لتتمكن من العلاج .و أعربت نورة عن فرحتها و علقت :»مرحبا بكم سأنتظركم.» في حين قدم  لها النفساني ورقة كتب عليها الرقم الأخضر  27 15 لفرقة المساعدة الاجتماعية الاستعجالية المتنقلة لتتصل بها .
متشرد يحلم بالعودة إلى منزله ببسكرة و استلام منحته بالأورو
إنه شيخ قصير القامة في أرذل العمر، أشعث الشعر أغبر،  يرتدي ملابس رثة بالية و متسخة، وجدناه يتحدث بصعوبة شديدة و انفعال إلى بائعي تذاكر السفر بمحطة القطار، و يتوسل إليهم للسماح له بالتوجه إلى مدينته.و عندما سألهم جمال عما يحدث، شرح له أحد أعوان المحطة بأن هذا الرجل من عديمي المأوى يعيش على مساعدات المحسنين ، و يقضي الليل في زاوية خارج بوابة المحطة .في حين أكد آخر بأنه يقضي وقته في السفر و العودة كل مرة إلى محطة القطار بقسنطينة و قد يكون مختلا ذهنيا و لا يمكن له ركوب القطار إذا لم يحضر بطاقة تعريف أو وثيقة أخرى تثبت هويته كما ينص القانون الساري المفعول.
النفسانية التي كانت ضمن الفرقة نفت بمجرد تفحصها لملامح الشيخ  و التحدث إليه بأنه مصاب بمرض عقلي، لكنه يعاني من تلعثم و صعوبة شديدة في الكلام و معظم عباراته تبدو غير مفهومة ، ربما لأنه يعاني من تعقيدات مرض ارتفاع ضغط الدم أو جلطة دماغية أو إعاقة سمعية ،فالمؤكد أنه ليس بصحة جيدة. كان يحمل دفترا صغيرا كتب عليه اسم لحسن، و اسم دواء يبدو أن طبيبا وصفه له .حاولنا بدورنا فك شفرة كلماته التي يكررها بصعوبة و تأثر شديد و فهمنا بأن اسمه لحسن بن عبد القادر ، ليس له أبناء و كل ما يريد هو العودة إلى منزله في مدينة بسكرة، مؤكدا بأنه كان يتلقى منحة شهرية بالأورو، و حرم منها لشهور لعدم تمكنه من العودة إلى مسقط رأسه.و طأطأ رأسه حزنا ،ثم شرح بأنه تعرض لاعتداء من رجل و امرأة ليلا بالمحطة ، و سلباه بطاقة التعريف الوطنية.  
عندئذ تدخل مسؤول بالمحطة و اقترح على الشيخ استعمال وسيلة نقل أخرى للسفر، لأنه من المستحيل أن يسافر على متن القطار ، ما جعل ضابط الشرطة الذي كان حاضرا مع الفرقة يتوجه إلى الإدارة لمحاولة حل المشكلة ،و إلا ستشمله عملية جمع عديمي المأوى هذه الأيام،فالحملة متواصلة بقسنطينة.
إلهام.ط 

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com