اهتمام الأولياء بتوفير الماديات لأبنائهم على حساب تربيتهم وراء العنف المدرسي
طالب أمس مختصون في يوم دراسي حول ظاهرة العنف في الوسط المدرسي بضرورة إدماج التربية في التعليم، والعودة إلى مختلف النشاطات الرياضية والفنية في المدارس، وإنشاء خلايا للإصغاء من أجل التقليل من ظاهرة العنف في الوسط المدرسي التي استفحلت في السنوات الأخيرة، و قد بحث المختصون خلال يوم دراسي حول مكافحة العنف في الوسط المدرسي نظم من طرف الجمعية الوطنية للوعي والحماية الاجتماعية بثانوية عمر بن الخطاب بولاية البليدة ، في أسباب الظاهرة من كل النواحي الاجتماعية النفسية والاقتصادية والثقافية والحلول المناسبة لعلاجها.
في هذا السياق أوضح الوزير السابق للإحصائيات والاستشراف، بشير مصيطفى بأن هذه الظاهرة جديدة في المجتمع الجزائري، فقبل 30 سنة لم تكن بهذا الشكل، ومن نظرة اقتصادية أوضح مصيطفى بأن أسباب العنف في المجتمع والوسط المدرسي مرتبط بالتحول من النظام الاشتراكي إلى الرأسمالية دون المرور عبر مرحلة انتقالية، وأشار إلى أن هذا التحول أفرز طبقة غنية جدا و أخرى فقيرة جدا، في حين الطبقة المتوسطة زالت، وهذا ما أدى إلى ظهور التطرف بكل أشكاله، وفي نفس السياق أوضح مصيطفى بأن المنظومة التربوية تحولت إلى منظومة تعليمية وخرجت من محتوى التربية.
ونفس الشيء بالنسبة لمضامين الكتاب المدرسي الذي تغير هو الآخر وأصبح يقدم رسائل تعليمية لا تربوية، كما تحدث الوزير السابق عن الإعلام الذي أصبح ،حسبه، أحد الأسباب التي غذت العنف من خلال صناعة الرموز عن طريق بث بعض المضامين التي تشير إلى العنف، وفيما يخص الحلول المقترحة لظاهرة العنف في الوسط المدرسي اقترح مصيطفى إعادة التوزيع العادل للثروة بين العائلات والعودة إلى العمل الكشفي كأسلوب من أساليب التربية، إلى جانب ممارسة الرياضة في الوسط المدرسي وإدماج التربية مع التعليم، وترشيد الإعلام من خلال وضع ضوابط لنشر الصور
نسبة ممارسة التلاميذ للرياضة بمدارس البليدة تمثل 01.68 بالمائة
أكد المحاضرون في اليوم الدراسي حول العنف في الوسط المدرسي بأن من أسباب تفشي الظاهرة تراجع النشاطات الرياضية والفنية والثقافية في المدارس، وهذا ما أدى إلى خلق بيئة جديدة للتلميذ، وفي هذا السياق كشف رئيس المجلس الشعبي الولائي لولاية البليدة محمد عبد الحق زيتوني عن نسبة ممارسة التلاميذ للرياضية في مختلف الأطوار بولاية البليدة والتي تمثل 1.68 بالمائة فقط ،وفق الدراسة الميدانية التي قامت بها لجنة الشباب والرياضة بالمجلس الشعبي الولائي، و اعتبر غياب الرياضة في الوسط المدرسي أحد الأسباب المغذية للعنف، وأشار نفس المسؤول إلى غياب خلايا الإصغاء في المدارس، إلى جانب غياب المساعدين الاجتماعيين لمرافقة الأطفال المعوزين والأيتام، مشيرا في هذه النقطة إلى أن الفقر يجعل صاحبه يكفر بكل القيم، ولهذا فالتلميذ في هذه الحالة بحاجة إلى مرافقة اجتماعية، ودعا نفس المتحدث إلى ضرورة وجود مقاربة تشاركية تجمع كل الفاعلين في القطاع من أساتذة وجمعيات أولياء التلاميذ ومجتمع مدني من أجل علاج الظاهرة.
تلاميذ يملكون هواتف نقالة تقدر قيمتها بـ07 ملايين سنتيم
تطرق قائد فرقة الأحداث بالمجموعة الإقليمية للدرك الوطني بالبليدة إلى عدة قضايا عالجتها الفرقة تتعلق بتلاميذ المدارس، وحمل ذات المتحدث المسؤولية للأولياء في الكثير من الجرائم التي يتورط فيها الأحداث أو يكونون ضحايا فيها، مشيرا إلى حالات وقفت عليها ذات الفرقة لتلاميذ يملكون هواتف نقالة تقدر قيمتها بـ07 ملايين سنتيم، وقال بأن استعمال هذه الهواتف المتطورة من طرف التلميذ ،أحد أهم أسباب الانحراف أو التعرض للسرقة، داعيا الأولياء إلى ضرورة مراقبة أبنائهم ،خاصة في ما يتعلق باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة واستعمال الانترنت.
وأشار نفس المتحدث إلى أن أغلب القضايا التي عالجتها فرقة الأحداث التابعة للدرك الوطني كان السبب فيها هو الانترنت، خاصة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا في هذا السياق إلى إحدى الحالات التي تم معالجتها تتعلق بفتاة قاصر تبلغ من العمر 15 سنة ضربت موعدا لشاب يبلغ من العمر 25 سنة، من أجل التعرف عليه، كما أشار إلى حالة أخرى لفتاة قاصر حولت من البليدة إلى وهران عن طريق الفايسبوك، حيث هددها أحد الشبان بنشر صورتها على الفايسبوك إذا لم ترافقه إلى وهران، و خضعت لرغبته تحت التهديد و الضغط ورافقته إلى هذه المدينة، و تمكنت مصالح الدرك باستعمال وسائل متطورة من تحديد مكانها وتحريرها وإعادتها إلى أهلها، كما تحدث نفس المسؤول عن المخدرات الالكترونية التي تفشت اليوم في وسط الشباب والأطفال، وأشار في هذا السياق إلى أن استخدام هذه التكنولوجيات الحديثة من طرف القصر لا يعد حياة شخصية ،ويجب على الأولياء مراقبة كل تحركات أبناءهم في هذا المجال وإبعادهم عن استخدام الهواتف المتطورة، ودعا نفس المتحدث إلى ضرورة تشكيل لجان دائمة تختص في معالجة ظاهرة العنف في الوسط المدرسي، وأكد على أهمية الحوار في العائلة والتواصل الدائم لمحاربة هذه الظاهرة
الأولياء استقالوا من الأسرة و اهتموا بغذاء البطن على حساب غذاء العقل
أوضح الأخصائي النفساني أحمد قوارية من جهته ،بأن من أسباب تفشي ظاهرة العنف في الوسط المدرسي هو استقالة الأولياء من الأسرة وعدم اهتمامهم بتربية الأبناء، وتوجهوا نحو توفير غذاء البطن للأبناء ،على حساب غذاء العقل، مشيرا في نفس السياق إلى أن البعد المادي طغى اليوم على الأسر الجزائرية مقارنة بالبعد المعنوي والديني، وهذا ما أدى إلى التفكك الأسري، كون الأب ،حسبه، استقال من تسيير الأسرة وأصبح منهمكا في توفير الماديات فقط للأبناء، ونفس الشيء بالنسبة للأم، وأشار في هذا السياق ، إلى أن الأم أغفلت أهم رسالة في حياتها وهي تربية الأبناء والاستثمار في أبنائها، مشيرا إلى أن الأم هي الأخرى استقالت من هذه الوظيفة واهتمت بأمور أخرى، وأكد نفس المتحدث على ضرورة العودة إلى صناعة الأسرة، مضيفا بأن الأبناء هم صناعة واستثمار في نفس الوقت، كما عرج المتحدث نفسه على تأثر المجتمع بثقافة الغير، خاصة ما تبثه وسائل الإعلام من مضامين تروج للعنف والحياة الانفرادية البعيدة عن عاداتنا وقيمنا .
نورالدين-ع