السبت 5 أكتوبر 2024 الموافق لـ 1 ربيع الثاني 1446
Accueil Top Pub

الظاهرة تنتشر يوما بعد يوم

"التــداوي بالقرآن"..  حــــل نفسي ما بين الرقيــــة و الشعـــوذة
انتشرت خلال السنوات الأخيرة محلات للتداوي بالقرآن الكريم تشرف عليها غالبا سيدات متقدمات في السن، حيث يوفرن لزبائنهن الراحة النفسية، حسب الطلب، عن طريق مزج حصة العلاج بين الرقية بالقرآن والشعوذة، وتلقى هذه المحلات رواجا كبيرا في وهران وحتى في الولايات المجاورة، ويتردد عليها النساء مثل الرجال، كما أن الأسعار متفاوتة لكن ما لاحظناه أنها تنطلق من  200 دج لتصل أحيانا لغاية 5000 دج، حسب نوعية العلاج و عدد الحصص، إضافة إلى أن العلاج لا يقتصر على السحر أو المس ،فبعض المرضى يعتقدون بأنه يعوض العمليات الجراحية التي كانوا سيخضعون لها .
 لمحاولة التعرف أكثر على هذا العالم ،زرنا بعض المحلات ورصدنا هذه الحالات وطرق العلاج.
دخلنا فيلا فخمة خاصة بالراقية و المعالجة الحاجة العالية، و اكتشفنا بأنها خصصت غرفة متوسطة في مدخل الفيلا كقاعة للانتظار و تظم عدة كراسي للزبائن، و عندما جاء دورنا دخلنا غرفة الحاجة العالية كان يوجد بها موقد تجلس الحاجة بجانبه وتحيط بها عدة مواد وأعشاب.
بمجرد دخولنا بدأت مباشرة بتسخين قطعة من الشب على النار، و طرحت عدة أسئلة علي، ثم قالت بأن فقاعات الشب كشفت إصابتي بالعين وأنها قد أبعدتها عني  بقراءة بعض الأدعية لم أفهم منها شيئا، كل ذلك مقابل 200 دج، و من ينتقل إلى المرحلة الثانية وهي العلاج من اليرقان «الصفاير» و «الخلعة» وما يتعلق بهما من أعراض ،فسيخضع لطقوس غريبة،مقابل دفع 1000دج .
الزبون يلاحظ خلال  المراحل العلاجية بأنها تتمتم بعبارات  توحي بأنها أحاديث نبوية وأدعية شرعية ، لتزرع  الاطمئنان في النفس. و لا يغادر الزبائن في معظم الأحيان فيلا الحاجة العالية، إلا و قد دفعوا على الأقل 4000دج، و الملفت أن هذه المرأة  لا تطلب من زبائنها الرجوع إليها ،إذا أكملوا كافة مراحل العلاج في حصة واحدة، علما بأنها مصابة بعدة أمراض منها اليرقان  والسكري و القلب وغيرها.
عصافير و سلاحف و أقلام لإبطال السحر
توجهنا بعد ذلك إلى الحاجة كلثوم التي قيل لنا أن طريقتها قريبة جدا من الرقية الشرعية، و أنها لا تطلب سوى 200 دج.
 تتخذ الحاجة محلا كبيرا، أسفل فيلتها الفخمة ،مكانا لاستقبال الزبائن، طريقتها مختلفة عن سابقتها ،حيث تتجمع النسوة في المكان نفسه الذي تداوي فيه الحاجة مرضاها.
تطلب من الزبونة الاستلقاء فوق سرير معد للعلاج، ثم تبدأ في قراءة بعض الآيات القرآنية المبعثرة، بمعنى تبدأ بسطر من آية الكرسي، ثم تنتقل لسطر من آية أخرى لتعود إلى آية الكرسي وهكذا... مع فحص مستمر لبطن  الزبونة أو أي مكان آخر يؤلمها  ثم تسقيها ماءا وتكرر العملية، وكأنها تجري لها فحصا بالأشعة  أو بالصدى، لتؤكد للزبونة بعد ذلك بأنها مسحورة أو تعاني من مس من الجن أو أمر آخر، وتدلها على من فعلوا بها ذلك ،في انتقال مباشر من الرقية إلى الشعوذة، وهنا تتوقف العجوز عن الحديث لتملي على الزبونة أسماء مجموعة من الأعشاب و المواد  الضرورية لعلاجها لتجلبها في الحصة الثانية.
 عند دخولنا إلى المحل وجدنا سيدة تقارب 60 سنة، وقد «أنقذتها» المداوية من إجراء عملية جراحية في البطن حيث أخرجت منها كتلة سوداء وقالت لها أنها كانت السبب في آلامها، ولا تتصوروا فرحة السيدة بهذا «الإنجاز»، لتأتي بعدها إحدى الفتيات وهي طالبة جامعية ،و تحمل معها عصفورا في القفص على أساس أنها السحر في العصفور وشرعت الحاجة كلثوم في ترديد آيات قرآنية وأدعية و طلاسم ، ثم قالت للفتاة:» لقد خلصتك من السحر».
 جاء دور فتاة أخرى فطلبت منها الحاجة إحضار سلحفاة لنفس الغرض، وجاءت سيدة بعدها تحمل بلعوم كبش العيد الذي أوهمتها الحاجة كلثوم بأنه يتضمن السحر، و طلبت من فتاة إحضار قلم لتخليصها من معاناتها من السحر.
 و الملاحظ أن أغلب اللائي خضعن للعلاج، متيقنات بأن معظم كلام الحاجة كلثوم لا ينطبق عليهن ولكنهن يواصلن العلاج، مما يعكس الحاجة الماسة إلى الاطمئنان النفسي لدى الشباب الجزائري، حيث تتربع الاضطرابات المتعلقة بالعنوسة على عرش المشاكل  التي تدفع الشباب للجوء إلى مثل هذه الطرق، فكم من فتاة تؤكد وتجزم أنها عندما خضعت لمثل هذا العلاج تزوجت مباشرة، مما يدفع البقية لخوض التجربة.
غسيل مخ مقابل 5000دج
الحاجة فاطمة تقوم بنفس الطقوس تقريبا ، حيث تبدأ بفتح المصحف  وقراءة بعض الآيات المبعثرة أيضا، و بين الحين والآخر تتحول لمشعوذة ،حيث تكشف للزبون بعض المعطيات حول شخصيته و حياته ليطمئن إليها، وتواصل عملها لغاية أن تقنعه بأنها خلصته من المس والسحر والعين وكل شيء، ثم و بطريقة غير مباشرة يجد الزبون نفسه ينتقل لمجموعة من الشبان يجلسون قرب الحاجة فاطمة ويقومون بالشعوذة الحقيقية، وكأن الحاجة تريد أن تقول للزبائن أنا أداوي بالقرآن،لكن من يريد الشعوذة فهي متوفرة أيضا، وهنا يختار الزبون بين قراءة الكف وقراءة الأوراق والخضوع لغسيل مخ وغيرها من الأمور ليصرف ما يقارب  5000 دج قبل أن يغادر محل الحاجة فاطمة.
هوارية.ب

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com