سخروا من طموحي فصنعت من الخردوات و النفايات طائرة بدون طيار
فيصل الأخضاري أستاذ لغة فرنسية من ورقلة، آمن بأن النجاح ليس مستحيلا و أن الطموح حق مشروع، منذ أن كان عمره 15 ربيعا ، فاستطاع بفضل المثابرة أن يطور نموذجا ناجحا لطائرة بدون طيار ، بالاعتماد على قطع خردوات و أدوات بسيطة، متحديا بذلك كل
من سخروا من حلمه الذي سعى لتحقيقه طيلة ثلاثين عاما.
ابن مدينة تقرت من مواليد سنة1967، هو مبدع جزائري لا يعترف بالمستحيل، افتك في ديسمبر الجاري جائزة رئيس الجمهورية للابتكار، عن إنجازه المتمثل في تطوير طائرة بدون طيار بوزن كيلوغرام واحد و 100 غرام، تستطيع التحليق بسرعة200 كلم في الساعة، انجاز يعد بمثابة حلم ولد ذات يوم من سنة 1983 و تحقق سنة 2014، كما عبر صاحبه أستاذ اللغة الفرنسية فيصل الأخضاري، الذي كشف للنصر، عن تفاصيل رحلته من مجال التعليم إلى عالم الاختراع ،و هو خريج المدرسة العليا لتكوين الأساتذة.
يقول محدثنا : “ لطالما تملكتني فكرة الطيران، منذ الصغر كنت متأثرا جدا بنموذج مروحة هوائية صنعها أحد جيراني في الحي، من قطع خردوات. منذ رأيتها للمرة الأولى و أنا أحلم بصنع طائرة حقيقية قادرة على التحليق، و بالفعل بدأت المحاولة و أنا في الخامسة عشرة من العمر”.
يواصل حديثه: “ في البداية لم يتقبل أحد فكرتي و اعتبروها ضربا من التخريف، حتى أقرب الناس إلي كانوا يسخرون من حلمي، لكنني لم أتوان عن مواصلة محاولاتي، و قد ساعدني على التقدم تكويني العلمي، بحكم أنني تابعت تعليمي الثانوي في شعبة الرياضيات و العلوم الدقيقة. في البداية باشرت العمل على النماذج الأولية و قد كان الأمر صعبا، فلم تكن شبكة الانترنت متوفرة قبل سنوات و كان علي البحث في الكتب و تجريب العديد من الأفكار، قبل أن أبدأ في الاعتماد على مصادر الشبكة المعلوماتية خلال السنوات الأخيرة وهو ما ساعدني بشكل كبير على تطوير النموذج النهائي الذي أنجزته بنجاح فائق سنة 2014”.
فيصل أخبرنا أيضا بأن الشيء المميز في إنجازه هو اعتماده كليا على إعادة استغلال النفايات و الخردوات، حيث أن معظم نماذج طائراته مصنوعة من قطع مستعملة، كان يعمل على تحويلها إلى طائرات صغيرة داخل ورشته المتواضعة بمدينة تقرت حتى سنة 2003، قبل أن يقرر تحويل هوايته إلى نشاط اقتصادي منتج سنة 2014، من خلال دخول عالم المؤسسات المصغرة، بعد حصوله على قرض بقيمة 500 مليون سنتيم من صندوق التأمين على البطالة بورقلة. مؤسسة الطيران النموذجي التي أنشأها فيصل استطاعت في غضون سنة أن تبرز و تحقق النجاح، من خلال تميز الطائرات المصنعة على مستواها و التي يمكن استغلالها لعدة أغراض ذات أهمية بالغة، في مجالات الزراعة و الري، و الصناعة و مراقبة الطرقات و الحدود، و حتى الصناعات العسكرية، المجال الذي أخبرنا بأنه يستعد لخوضه قريبا بعد تلقيه لعرض خاص.
نموذج الطائرة المصغرة، سمح لفيصل بدخول مجال التسويق كذلك، حيث يمكن استغلال طائراته ،كما قال، لأغراض علمية عديدة و حتى ترفيهية و تثقيفية، و هو ما منحه جائزة أحسن منتوج جزائري مبتكر العام الماضي، كما استطاع
بفضل إنجازه أن يفتك جائزة الإبداع الشبابي لولاية ورقة، فضلا عن جائزة أحسن مشروع، في الأسبوع العالمي للمقاولاتية، الذي أقيم العام الماضي بوهران، قبل أن يتوج هذه السنة بجائزة رئيس الجمهورية للابتكار في مطلع ديسمبر الجاري.
علما بأن فيصل الأخضاري هو الجزائري الوحيد الذي مثل بلده ضمن فعاليات الصالون الدولي للطائرات بدون طيار الذي أقيم العام الماضي بمدينة وهران، في انتظار أن يمثله ابنه أحمد ياسين، الذي أورثه حب العلم و الاكتشاف، في الصالون الدولي للإبداع الشبابي الذي سيقام بدبي قريبا، باعتباره طيار التجارب الوحيد، القادر على التحكم في طائرة بسرعة 300 كلم في الساعة.
فيصل أخبرنا بأنه يعمل على تطوير نماذج جديدة لطائرات بدون طيار بسرعة تتعدى 300 كلم في الساعة، ما يجعله يقضي كامل يومه تقريبا داخل ورشة التصنيع بتقرت، مع ذلك يجد الوقت دائما لحفظ القرآن الكريم و تلقينه، باعتباره أحد أبناء الطريقة الصوفية، و معلما للقرآن، إلا أن العلم يبقى دائما شغفه الأول، حيث يعمل بالموازاة مع نشاطاته الكثيرة على تعليم و توجيه العديد من التلاميذ و الشباب، المنخرطين في ناد علمي خاص بتقرت، تقنيات تركيب الطائرات و التحكم بها، لأنه يؤمن بأن مجال الطيران التجريبي النموذجي، هواية تستوعب كل من يستهويها.
نور الهدى طابي