الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

أمبرتو إيكو

 لو كنت أحكم العالم لأجبرت الناس على قراءة كتبي كي يصيروا أذكياء!
ترجمة عمر شابي

نشر الكاتب الإيطالي الشهير يوم 10 ديسمبر الجاري مقالا في مجلة "برسبكتيفز" البريطانية حول ما سيفعل لو كان يحكم العالم.
النصر تنشر ترجمة للمقال الذي صدر على موقع المجلة الفكرية بتوقيع سيرينا كوتشينسكي التي حاورت إيكو الذي قال.
سأقدم فقط أجوبة مثيرة للجدل حول ما سأفعل لو كنت أحكم العالم، لأن ذلك لا يمكن أن يحدث. و مع تقدمي في السن، بدأت أكره البشر، و بالتالي فلو كانت بيدي السلطة المطلقة فسوف أتركهم يواصلون طريقهم في التدمير الذاتي- سيدمر البشر أنفسهم و سأكون سعيدا لذلك. الناس مثلي، نحن المثقفون- نقوم بعملنا، نكتب مقالات، لدينا طرائقنا في التعبير عن عدم الرضا، لكن لا يمكننا تغيير العالم. كل ما نستطيع فعله هو دعم السياسيين الذين يقومون بأفعال طيبة.
أنجيلا ميركل اتخذت موقفا إيجابيا عندما شجعت الشعب الألماني على استضافة اللاجئين السوريين، لقد غيرت صورة الألمان عبر العالم كله- فلا يمكن النظر إليهم بعدها كنازيين هتلريين. هذا ما يستطيع السياسيون فعله.
الشبان ينبغي عليهم أن يتعلموا غربلة و مساءلة الأخبار التي يتلقونها عبر الأنترنت، عوض أن يأخذوها كحقائق. إنها مهمة صعبة. أنا أستعمل "ويكيبيديا" و أعرف أنه يمكنني الوثوق بها في 99 بالمئة من الحالات، لكن الناس يقولون أنني كنت الطفل الأول من 13 ابنا و أنني تزوجت ابنة ناشري. لا شيء من هذا صحيح. فحتى هذا يمكن أن يصير موضوعا للتلاعب. أحد أحفادي عمره 15 سنة يقول أن الكثير من أصدقائه يصدقون نظريات المؤامرة التي يقرؤون عنها على الأنترنت. لا توجد هناك رقابة على النوعية، هذا مشكل كبير جدا.
حتى الحكومات ينبغي عليها أن تسعى لتحسين التعليم. قبل الحرب العالمية الأولى كان حوالي 20 بالمئة فقط من الإيطاليين ذوي مستوى تعليمي ابتدائي. اليوم المشكلة تكمن في الجامعات- الخطر أننا خفضنا من شروط القبول بهدف أن نعطي لمزيد من الناس فرصة الدخول للجامعة لكن أيضا نخفض من النوعية في ذات المسار. حدث هذا في إيطاليا مؤخرا و كان تراجيديا.
اليوم السنوات الثلاث الأولى في الجامعة سهلة للغاية، و لا ينبغي على الطلبة قراءة الكتب التي تقع في أكثر من 100 صفحة. هؤلاء الذين يمسكون بمقاليد الأمور عليهم أن يفهموا أنه ينبغي عليك أن تكون محل اختبار لكي تكبر. حينما كنت في الجامعة، قرأت آلاف الصفحات و لم أمت جراء ذلك !
تعلم اللغات هو ما أريد أن أجعله إلزاميا في المدارس. إذا كان مفهوم أوروبا موجودا فهو قائم على المعرفة المتبادلة باللغة. في اثنتين من كبريات دول أوروبا، فرنسا و بريطانيا، أغلبية السكان يبدو أنهم يعرفون فقط لغتهم. ليس قبل فترة طويلة كان الناس في بريطانيا يتعلمون كيف يتقنون اللاتينية.
هناك قصة عن جنرال إنكليزي تم إرساله إلى مقاطعة السند الهندية في القرن التاسع عشر خلال تمرد. كطرفة أرسل تلغراما إلى لندن باللاتينية يقول "بيكافي" و ترجمته "لقد اقترفت إثما". العجيب ليس في كونه يتبادل الطرف و النكات باللاتينية، بل في كون زملائه في لندن فهموه.
حفيدي درس اليونانية طيلة السنتين الماضيتين، ربما هو لا يستطيع قراءة هوميروس في لغته الأصلية اللغته الأصليةللصله بعد، لكنه طور فهما للحضارة اليونانية. هذا جزء مما يسمى "أنسيكليوس" الذي يعني "التعليم الدائري" و الذي منه جاءت كلمة "أنسيكلوبيديا" (الموسوعة).
الناس حيوانات متدينة. الكلاب ليست متدينة، صحيح أنهم صعدوا إلى القمر، لكن على الأرجح ليس بسبب الدين. البشر لديهم ميل للبحث عن العقلانية في وضعياتهم. هنالك جملة جميلة منسوبة لجي.كا. شيسترتون: "حين لا يؤمن الناس بإله مطلقا، فهم لا يكونون غير مؤمنين بأي شيء، بل يصيرون مؤمنين بكل شيء".
حاكم العالم لا يستطيع إلغاء الدين. يمكنك أن تكون ملحدا أو غير مؤمن، لكن عليك الاعتراف بأن الأغلبية الساحقة من الناس تحتاج إلى شيء من المعتقدات الدينية.
كارل ماركس قال أن الدين أفيون الشعوب لأنه يبقي الناس هادئين، لكن يمكن للدين أن يكون كوكايين الشعوب. و له وظيفة مزدوجة الإجابة على بعض الأسئلة الأساسية و أحيانا يدفعهم لقتال غير المؤمنين، إنها خاصية البشر، بنفس الصيغة التي جعلت الكائنات البشرية الجنس الوحيد القادر على الحب.
أخيرا لو كنت أحكم العالم، كنت أود لو أجبرت الناس على قراءة كل كتبي، و بالتالي سيصيرون أذكياء مثلي و لا يعتقدون أننا بحاجة لمن يحكم العالم ! أنا غاضب من القراءات الإيجابية إذا كانت إيجابية لأسباب خاطئة. و أحيانا أنا متفاعل مع القراءات السلبية لأنها ترى أنني فهمت شيئا حقيقيا ما. أحيانا اغتاض للقراءة السلبية لأنني أعتقد أنها بليدة، لكن لا بأس، فهي جزء من اللعبة.

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com