تمبكتو فيلم يجسد الموت البطيء لمدينة سيطر عليها «أنصار الدين»
تفاعل جمهور قسنطينة مع فيلم تمبكتو الموريتاني لمخرجه عبدالرحمان سيساكو وصفق لنضال شخصياته التي تجابه وتقاوم الإرهاب في المدينة المالية التاريخية وذلك أثناء عرضه سهرة أول أمس بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة في إطار الأيام السينمائية للفيلم المتوج بقسنطينة.
الفيلم مستوحى من قصص واقعية جرت في مدينة تمبكتو في مالي عام 2012 حدثت فيها عمليات جلد ورجم و إعدام على يد جماعة «أنصار الدين» التي استولت على مدينة تعتبر من أقدم مدن افريقيا واستغرق إعداد الفيلم وتصويره وإنتاجه نحو أربعة أعوام تزامنت مع الحملة الفرنسية للتدخل في شمال مالي. الفيلم صور مشاهد قتل مدينة ببطء من خلال التطبيق غير العقلاني للعقوبات الصارمة حيث يجلد كل من يستمع للموسيقى أو يلعب كرة القدم.في تمبكتو كان النضال السلمي وهو الوضع السائد على مجريات الفيلم أين صفق الجمهور القسنطيني أثناء العرض تعاطفا مع إمرأة تجلد بسبب الغناء لكنها وأثناء ألمها الشديد من جراء الجلد تغني أغنية سعيدة وهي تذرف دموعا حارة. الفيلم صور المقاومة الشعبية عن طريق تتبع خطى الذين يجرؤون على لعب كرة القدم أو حتى الغناء أو المواعدة وتنقل كاميرا المخرج التحدي الصامت والشوق للتحرر من سلطة الجماعة الإرهابية.
بطولة الفيلم كانت لسكان المدينة بالاشتراك مع الجماعة الإرهابية التي تتحرك في مدينة كانت تبدو عليها علامات الحياة في ما مضى فتقوم بقتل روحها عبر فرض الأحكام الصارمة، لكن أعراف التوارق التي تقدس المرأة تظهر في هذا الفيلم بشكل جيد، أين ترفض نسوة تغطية أيديهن بالقفازات وترفض أخريات أحكام منع الغناء وغيرها من أشكال المقاومة الإيجابية التي تجسدت في الفيلم بأشكال مختلفة مثلما هو الحال مع إمام جامع يمثل الاعتدال الإسلامي، حيث قال للإرهابيين “من أرسلكم لتصدروا أحكامكم، وتحرموا كل شيء؟”. فينصرفون عنه مذكرينه بالتزام الصمت والطاعة وفي السياق ذاته، نرى أن سيسكو في أحد المشاهد يظهر شبابا يلعبون كرة القدم بدون كرة بسبب منع المتشددين للعب الكرة وتحريمه.
تركت نهاية الفيلم مفتوحة من خلال تصوير ثلاثة أطفال يجرون كل واحد منهم سلك طريقا مغايرا، كما أن أفراد الجماعات الإرهابية يلاحقون واحدا منهم وهو ما فتح تأويلات كثيرة أثناء مناقشة الفيلم مع صناعه.مساعد المخرج سيدى محمد شيدو اعتبر بان الفيلم أعطى صورة عن الإسلام الحقيقي من خلال مقاومة سكان تمبكتو للإرهاب وهو ما يظهر في حجج إمام مسجد تمبكتو مع أفراد الجماعة المسلحة من أجل التراجع عن أرائهم المتشددة والتي لا تستمد من تعاليم الدين الإسلامي المسالم، أما بخصوص النهاية المفتوحة فإنها كانت متعمدة لتجعل الجمهور يكملها بتأويلاته وتوقعاته للوضع العام الذي ستؤوول اليه المدينة.
الممثل سالم دندو الذي جسد دور قاضي الجماعة الإرهابية تحدث عن ظروف تصوير الفيلم الذي صور بمدينة موريتانية تحادي مالي واعتبر بأن تصوير الفيلم في تلك الظروف الأمنية السيئة كان تحديا لفريق العمل خاصة وأن المدينة كانت تشهد نزوح العديد من سكان مدينة تمبكتو إليها، وهو ما جعل فريق العمل يشع بالمهمة التي أوكلت اليهم من خلال تصوير فيلم ينقل معاناة السكان ويشرحها أكثر للعالم.الجمهور توافد على مشاهدة الفيلم بأعداد مقبولة كما شارك في المناقشة التي تمت مع صناعه ووجوه فنية عربية على غرار الفنانة اللبنانية مادلين طبر والمغنية الجزائرية كنزة مرسلي.
حمزة.د