رحيل عميد الأغنية القبائلية طالب رابح
توفي صبيحة أمس الثلاثاء عميد الأغنية القبائلية الفنان طالب رابح، عن عمر يناهز 85 عاما، في مسكنه العائلي بالمدينة الجديدة في تيزي وزو، بعد معاناة طويلة مع مرض القصور الكلوي.
الفنان طالب رابح يعتبر من أبرز الفنانين الجزائريين، ذاعت شهرته على المستوى الوطني و حتى خارجه، دخل عالم الفن في سن مبكرة ،عندما ترك مسقط رأسه في قرية تيزيط، بمرتفعات عين الحمام، ليهاجر إلى فرنسا ، وكان يناضل بنشاطه الفني إلى جانب جبهة التحرير الوطني بباريس و ضواحيها، حيث كانت الجبهة تتعاون معه لتضليل الفرنسيين و ربط اتصالات من أجل التنقل السري للمناضلين عبر العاصمة الفرنسية باريس، و آخر عمل فني له كان قبل ثلاث سنوات، وهو عبارة عن ألبوم يمدح فيه الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم.
النصر سبق لها و أن زارت الفقيد في منزله العائلي منذ بضعة أشهر، و أكد حينها أنّ الفن لا يزال يسري في عروقه، إلا أن المرض أنهكه، مشيرا إلى أن إصابته بالقصور الكلوي منذ سنوات طويلة وراء اعتزاله الفن و ابتعاده نهائيا عن هذا الميدان الذي قدم له الكثير.
ولد المرحوم طالب رابح سنة 1930 بمرتفعات عين الحمام بولاية تيزي وزو، و في سنة 1950 غادر مسقط رأسه باتّجاه الأراضي الفرنسية، وعمره لم يكن يتجاوز 20 عاما، مما هيّأ له فرصة الالتقاء ومخالطة العديد من الفنانين الجزائريين الكبار، لينهل من فنّهم الراقي الكثير أمثال محمّد الجاموسي و العمراوي ميسوم و الشيخ الحسناوي و سليمان عازم و فنان الثورة فريد علي وغيرهم، و بفضل هؤلاء تمكن من فرض نفسه على الساحة الفنية ليصبح من المحترفين، بعدما كان هاويا.
سجّل سنة 1959 ثلاث أسطوانات تضم أربع أغاني بتوصية من المدير الفني لمنشورات "باركلاي" عبد الرحمن أيسكر، وهي "إفوك الزيث ذي لمصباح" بمعنى انتهى الزيت في المصباح، و، "أثعزيزث" آو "يا لعزيزة" و"وياك ابندام يلهان"، بمعنى إياك أيها الإنسان الجيّد ،ولاقت هذه الأسطوانات رواجا كبيرا وإعجابا لدى الجمهور خاصّة المغتربون .
عند عودته إلى أرض الوطن بتاريخ 5 فيفري 1962، استقر مع عائلته في مدينة "فوردلو" بالجزائر العاصمة، بعدما وجد قريته قد دمرها المستعمر الفرنسي، وهناك بدأ العمل في الإذاعة، رفقة الصحافي الكبير مولود شيكاوي الذي كان يشرف على تنشيط حصة إذاعية، موجهة للمغتربين تحت عنوان "إيغربن أكن مثلام، أدسلام إصوث إيمولان"، بمعني أيها المغتربون ستستمعون إلى صوت الأهل، وكان طالب رابح يرافق الحصّة بمقاطع موسيقية ، كما أشرف فيما بعد على تنشيط حصة " احليل وين يزران، احليل وين اورنزري" التي تبث مرة في الأسبوع على مدار سنوات بالقناة الإذاعية الثانية.
وسجل بالتعاون مع الفنان الكبير كمال حمادي عدّة أغان، خاصة بالثورة التحريرية على غرار "اتسرت ولنيو" أو "بكت عيناي"، و"مثشفام أيقوذار"، بمعنى أيها الطيور هل تتذكرون، "ايسم اعززن امشلي"، "اتسنذيغ افزهريو" ،"اثدزايريث"، وغيرها من الأغاني الأخرى التي لا تزال لحد الآن تصنع مجده.
برصيد طالب رابح أكثر من 250 أغنية متنوعة، و يزيد عمره الفني عن 65 سنة، خلف خلاله تراثا فنيا ثريا وسيوارى جثمانه الثرى اليوم في مسقط رأسه بعين الحمام.
سامية إخليف