"على حلة عيني" قصة مغنية ملاهي ثائرة على النظام التونسي
ناقش الفيلم التونسي “على حلة عيني” للمخرجة ليلى بوزيد، واقع المرأة التونسية كأم وكابنة، في ظل واقع سياسي متغير، وذلك قبل اندلاع ثورة الياسمين، أو ما يعرف بالربيع العربي بفترة قصيرة، و ذلك ضمن فعاليات تظاهرة أيام الفيلم المتوج.
المخرجة الشابة ليلى بوزيد عادت بالجمهور القسنطيني، من خلال هذا العمل الذي عرض بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة في اليوم الأخير من التظاهرة السينمائية، إلى أحداث صيف 2010 في العاصمة التونسية، و ذلك قبل اندلاع الثورة بأشهر قليلة و تؤدي فيه الممثلة بية المظفر، دور فرح، وهي شابة في ربيعها 17، تغني ضمن فرقة متخصصة في الأغاني العصرية و منغمسة في حياة السكر والعربدة.
الفتاة المراهقة فرح تؤدي في ملاهي و حانات تونس أغان ضد النظام القائم آنذاك بتونس رفقة فرقتها، وتعبر على غرار الشباب عن توقها للحرية و الانعتاق، في حين تبدو والدتها حياة، تجسد دورها المغنية غالية بن علي، محافظة ومتخوفة من أي ارتباط برجال الأمن و المباحث، رغم علاقة الحب التي كانت تربطها منذ عقود برجل في المخابرات التونسية. الأم تصر على توجيه ابنتها فرح إلى دراسة الطب، بعد أن أنهت دراستها الثانوية، لاسيما و أنها تدرك عواقب تجاوز المحظور، في عهد يتسم بالدكتاتورية و القمع.
فرح خاضت في محظورات الجسد و السياسة، حتى أنها علقت فيها و لم تتمكن من الخروج منها، إذ ربطتها علاقة حميمية بعازف في الفرقة التي تغني فيها. ويتم تداول فيديوهات لها مع أعضاء فرقتها في شبكة الانترنت، وهم يؤدون أغان ضد النظام الحاكم آنذاك ، لكن اغتصابها في مقر البوليس السياسي جعلها تشعر بالانكسار و ترفض التفاعل مع والدتها التي بقيت إلى جانبها من أجل أن تساعدها على استرجاع عافيتها و توازنها، فمن خلال هذا الفيلم تم تمرير رسائل و إبراز حوارات بين جيلين: جيل محافظ و جيل ثائر.
«على حلة عيني»، هو الفيلم الطويل الأول للمخرجة التونسية ليلى بوزيد، بعد شريطين قصيرين لقيا نجاحا واهتماما من النقاد، يحمل الأول عنوان «مخبي في قبة»، وهو مشروع تخرجها من باريس عام 2003، والثاني «زكريا»في 2013. و قد استمر نجاحها من خلال توجهها لإخراج أفلام سينمائية طويلة، حيث فاز «على حلة عيني» بجائزة أفضل إنتاج في مهرجان أبوظبي السينمائي، وتم عرض الفيلم أيضا في مهرجان «كليرمون فيران» الدولي للأفلام القصيرة في فرنسا.
وأثناء النقاش الذي فتح بعد عرض الفيلم بقسنطينة، بين الممثل أيمن بأن الفيلم حاول التعبير عن رؤاه، من خلال تتبع خطى فتاة ثائرة، و لم يتم إقحام مشاهد قد تفسر بأنها غير أخلاقية، و إنما كانت مشاهد ضرورية مكنت المخرجة من نقل معاناة الفتاة فرح، وهي مشاهد مبررة فسرت تناقض شخصيتي الأم و ابنتها، فرغم أن الأم تربطها علاقة حب مع رجل البوليس، فهي ترفض أن تكون لابنتها أية علاقة مع عازفي فرقتها، أو أي شخص آخر.
رغم جمالية الفيلم ورسائله الفكرية الكثيرة التي حاولت المخرجة تمريرها، فإن العرض شابه نقائص عديدة، مثل قطع متواصل للمشاهد، إذ تتلون شاشة العرض بالسواد بشكل مستمر، من أجل منع الجمهور من مشاهدة بعض اللقطات التي قد تفسر بأنها حميمية، وهو ما جعل العرض متقطعا و كان سببا مباشرا في ملل الكثير من المشاهدين و مغادرتهم القاعة أثناء العرض.
حمزة.د