إحياء رأس السنة الأمازيغية تقويم مرتبط بممارسة الفلاحة
أكد الباحث والمهتم بالتاريخ والتراث الأمازيغي محمد مرداسي، بأن الاحتفال بإحياء رأس السنة الأمازيغية يناير، يحمل دلالات كثيرة و له عمق كبير، حيث يعبر عن الهوية المرتبطة بالأرض، موضحا في حديثه للنصر،على هامش احتفالات يناير بعاصمة الأوراس باتنة، إلى أن أساس التقويم الأمازيغي هو فلاحي، يعكس ارتباط الأمازيغ بأرضهم، وأضاف بأن التقويم التاريخي للسنة الأمازيغية هو مرتبط بانتصار شيشناق على أرض الفراعنة سنة 950 قبل الميلاد.
و بين الباحث محمد مرداسي، بأن التقويم الأمازيغي يدل على تقويم صحيح من حيث تنظيم النشاط الفلاحي، حيث يحدد وينظم فترات نشاطات فلاحية مرتبطة بالطقس، على غرار فترة الغرس التي تتم في شهر مارس وغيرها، وأضاف محدثنا بأن التقويم الأمازيغي وناهيك عن كونه تقويم مرتبط بالفلاحة، فإنه يعبر عن هوية وجذور مرتبطة بالأرض يجب المحافظة على إحيائها.
وقال الباحث بأن انتصار شيشناق على أرض الفراعنة، يعتبر الأرجح لانطلاق التقويم الأمازيغي و ذلك بمجرد إجراء عملية حسابية بعد بلوغ سنة 2966 ابتداء من انتصار شيشناق سنة 950 قبل الميلاد، وأضاف بأن التقويم الأمازيغي هو تقويم فلاحي بحت، مرتبط بالطقس الملائم لمختلف النشاطات الفلاحية، حيث تتزامن رأس السنة الأمازيغية مع الثاني عشر و الثالث عشر من شهر جانفي، وقال بأنه معروف أن الثالث عشر من شهر جانفي هو يناير الجديد، رأس السنة الأمازيغية.
وأوضح محمد مرداسي المهتم بالتراث والثقافة الأمازيغية، بأن طريقة الاحتفال بحلول شهر يناير الذي يعني رأس السنة الأمازيغية، قد تختلف حسب المناطق غير أنها تحمل فلسفة و معنى التفاؤل بالسنة الجديدة “يناير الجديد” و التخلص من “يناير القديم”، وذلك من خلال عادات وطقوس تعكس توقهم لما هو إيجابي.
وأبرز الباحث أمثلة عن طقوس الاحتفال بحلول يناير، منها استبدال وتغيير كل ما هو قديم في البيوت، خاصة ما تعلق بأثافي موقد الطهي التي يتم تغييرها، وهنا أشار محدثنا، لمعتقدات كانت سائدة، حيث يتم تغيير الأثافي التي هي ثلاثة أساسات توضع على موقد النار بطرق ثلاث، إما تغيير الأثافي الثلاثة بأخرى جديدة و يعني ذلك التخلص من القديم، بما حمله من سلبيات خلال السنة المنقضية، أو بتغيير اثنين فقط من الأثافي و ترك الثالث للدلالة على تواصل الأجيال، أو بتغيير اثنين بحلول يناير و ترك الثالث لليوم الموالي، مشيرا إلى معتقدات كانت سائدة قديما بالتنبؤ حين تغيير الأثافي، حسبما قد يتم العثور تحتها صدفة، مقدما أمثلة منها إذا عُثر على عقرب فإن ذلك يعني النحس، وإذا عثر على النمل فذلك يعبر عن الماعز وغيرها من المعتقدات القديمة، وفي ذات السياق أشار محدثنا أيضا لتغيير المرأة لمنسجها بحلول شهر يناير، و تحضير أطباق تتنوع حسب المناطق، منها تحضير سكان المناطق الجبلية لوجبات باللحوم الحمراء، في حين يحضر سكان التل وجباتهم بلحم الدجاج.
وثمن الباحث محمد مرداسي قرار ترسيم اللغة الأمازيغية مؤخرا في الدستور، مؤكدا على أن النضال يجب أن يستمر لترسيم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية كعيد وطني،يتم الاحتفال به مثل رأس السنة الميلادية، وكذلك بالعمل على تهيئة الوسائل لإرساء و ضبط قواعد للأمازيغية، على ألا يقتصر العمل على أصحاب الاختصاص، معتبرا بأن المختصين يعدون على الأصابع و يجب إشراك كافة المثقفين والفاعلين في جمع الموروث الثقافي الأمازيغي، من خلال التأسيس لأكاديمية خاصة بالبحث و جمع الموروث والتراث الأمازيغي.
يـاسين عبوبو
يناير يعيد ألعاب "ثاكورث" والمجبذ" بالأوراس
أحيت في اليومين الماضيين عديد المناطق بالأوراس رأس السنة الأمازيغية بحلول شهر يناير، و تميزت احتفالات هذه السنة بنشاطات مميزة، بعد أن تزامنت والإعلان عن ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور الجديد، ومن بين النشاطات التي أقيمت، الألعاب الرياضية القديمة التي كانت تمارس و أبرزها لعبة “ثاكورث” التي تشبه لعبة الهوكي، و لعبة “المجبذ” وهي ألعاب أحياها سكان غسيرة في أعالي جبال الأوراس، جنوب ولاية باتنة.
ولعبة “ثاكورث” هي لعبة متجذرة ومحبوبة وسط سكان عمق الأوراس،و هي عبارة عن مواجهة بين فريقين يتنافسان بواسطة كرة من جريد النخيل أو من الحطب، ويتقاذفها الفريقان بواسطة عصي و تكون الغلبة لمن يمر بالكرة عن حدود الفريق الخصم فوق أرضية تسع الفريقين وهي تشبه كثيرا لعبة الهوكي التي تقام على أرضية التزلج.
ومن أبرز الألعاب التي تقام أيضا، احتفالا بحلول شهر يناير، رأس السنة الأمازيغية هي “المجبذ” التي تجمع أيضا بين فريقين،عادة ما يتشكلان من عناصر قوية البنية ويتجاذبان حبلا بينهما و يتحدد الفريق الفائز، بمجرد أن ينجح أي فريق في الجذب في اتجاهه و تخطي نقطة مركزية بين الفريقين.
وتقام ألعاب ثاكورث و المجبذ في الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية بعد أن تكون النساء قد قمن بتجديد مواقد الطهي و تغيير محتويات البيوت و تحضير وجبات غذائية، خاصة الشرشم الذي تحضره كل العائلات و بعدها يخرج الرجال للترويح عن النفس عن طريق ممارسة ألعاب ثاكورث والمجبذ.
وفي إطار الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية بعاصمة الأوراس باتنة،احتضنت دار الثقافة نشاطات متنوعة من تنظيم جمعية ثامزغا أوراس من بينها ملتقى تم خلاله إلقاء محاضرات و تدشين اللوحة الرسمية بالأمازيغية لمقر دار الثقافة، بالإضافة إلى إقامة حفلات غنائية ستستمر إلى غاية نهاية الأسبوع ينشطها فنانو المنطقة على غرار عيسى براهيمي، و ماسينيسا و فنانين شباب.
يـاسين عبوبو