فيلم "أسود الجزائر" رهين توفير الإمكانيات التقنية و جلب طائرات حربية من الخارج
كشف المخرج أحسن عصماني في حواره مع النصر، بأن عملية انطلاق تصوير "أسود الجزائر"، الذي يعتبره أضخم الأفلام السينمائية الثورية على الإطلاق في تاريخ الجزائر، تبقى مرهونة بتوفير إمكانيات تقنية يجري التفاوض بخصوصها مع بلد أجنبي من المنتظر أن يزود المشروع بطائرات حربية صغيرة من الطراز الرفيع، يتم التحكم فيها عن بعد، مشيرا إلى أن إشارة الانطلاق التي تمت في أفريل 2015 بقسنطينة، خصت الجانب التوثيقي و تعد نقطة في بحر، مما لا يزال ينتظر تجسيده بعديد مناطق الوطن.مخرج "رجل السلام" حول مسيرة و أعمال رينيه فوتييه، الحائز على جائزة التسامح العالمية باليونسكو عام 1999 بكندا، و الذي جسد أهم الأفلام التوثيقية حول حرب التحرير الجزائرية، تحدث للنصر، على هامش حضور عرض فيلمه "درقاز عمي"، حول البطل الأسطورة عبان رمضان،عن الصعوبات التي واجهها في جمع وتسجيل الشهادات الحية الخاصة بثورة نوفمبر التي اختار تكريس حياته و وقته لحفظ ذاكرة و تاريخ أبطالها، باعتباره ابن شهيد و يفتخر بتمجيد أهم حرب تحريرية في العالم.
حاورته: مريم بحشاشي
. النصر: حدثنا قليلا عن فيلم "درقاز عمي"؟
ـ أحسن عصماني: هو فيلم وثائقي عن الشهيد البطل عبان رمضان، أحد رموز الثورة الجزائرية، أنجز عام 1995 مع وزارة و منظمة المجاهدين، و أبناء الشهداء وعائلة عبان رمضان، و بعض أصدقاء و رفقاء الكفاح و اعتمدت في تجسيده على شهادات حية و أرشيف المتحف الوطني للمجاهد و متحف الجيش الوطني الشعبي. و قد جمعت شهادات شخصيات ثورية وسياسية مهمة منها رضا مالك، العقيد سي الصادق دهيليس، علي هارون، محمد اليزيد، السعيد عبادو، بوبنيدر سي الصالح، عمر بوداود و الرائد سي حسان و غيرهم، في محاولة للإلمام بمختلف جوانب من حياة هذا الرجل الأسطورة، رمز الوحدة الوطنية و أحد مهندسي الثورة و المبادرين إلى تنظيم مؤتمر الصومام.
وقد تم عرض الفيلم بالجامعات و القرى و دول أجنبية، منها كندا و عديد الدول الأوروبية، و تابعه آلاف المشاهدين، و يعد فيلم بيداغوجي و وطني، و لم تكن عملية تجسيده سهلة، لأنها تمت في سنوات التسعينات، في خضم الأحداث التي شهدتها الجزائر آنذاك، و يدخل ضمن سلسلة أعمال شملت عدد من المناضلين منهم علي ملاح، و أبطال جرجرة، و كذا أحداث أول نوفمبر و مجازر 8 ماي 1945 و أصدقاء الثورة منهم رينيه فوتييه وغيرها من الأعمال التاريخية التي شكلت نسبة 95 بالمائة من مجمل أعمالي.
. لقد خطفتك الأفلام الوثائقية عن الميدان السينمائي و الدرامي؟
ـ لدي 23 عملا بين القصير والمتوسط و الطويل، إلا أنني أولي اهتماما أكبر بالفيلم الوثائقي، وقد تحصلت على جائزة التسامح العالمية، لليونسكو في كندا عام 1999، وذلك من بين 169 فيلما من مختلف أنحاء العالم، لأنني أخرجت الكثير من الأعمال حول حرب التحرير ولدي ثلاثة آلاف وثيقة و نسخة بأرشيف ذراع بن خدة.
. أعمالك توثق أكثـر لأبطال منطقة القبائل؟
ـ لا بل تشمل كل مناطق الوطن، الصحراء الغرب، الوسط والشرق، لقد أخرجت فيلما عن الكشافة الإسلامية ومجازر 8 ماي 45 مثلا ...
. ما رأيك في الأعمال التي أنتجت بمناسبة خمسينية الاستقلال
و انتقدت لاحتوائها على مغالطات تاريخية؟
ـ اللجنة الوطنية لوزارة المجاهدين هي من تقرّر مدى صدق و موضوعية المعطيات التاريخية، ولا يمكننا التقرير مكانها، أما المخرج فيتقيّد بالسيناريو الذي تمت قراءته والموافقة عليه من قبل لجنة مختصة.
. لماذا لم تنجح أفلامنا السينمائية الجديدة في تحقيق النجاح؟
ـ يرجع ذلك لنقص الإمكانيات، فالاحتلال الفرنسي استعمل كل أنواع الأسلحة الفتاكة من دبابات وطائرات و بواخر، لكن نحن عند متابعة أي عمل سينمائي جزائري، لا نرى سوى مروحية أو عدد محتشم من الطائرات، وهذا ينقص من العمل ولا يمنحه حقه. و إن كان الجيش الوطني لا يبخل علينا و يدعمنا بمختلف الوسائل، غير أن ثمة وسائل تكنولوجية حديثة و إمكانيات تصويرية جد متطورة يمكننا استغلالها لإنتاج أفلام في المستوى، وهو ما نطمح لتجسيده في عملنا الجديد "أسود الجزائر" الذي بقي انطلاق عملية تصويره بالكثير من المناطق، رهينا بتوّفر هذه الإمكانيات والتي تحصلنا على موافقة و دعم الوصاية، للاستعانة بخبرات مختصين من دولة أجنبية، سيمونوننا بمجسمات و طائرات حربية صغيرة، يصل طولها المتر و نصف المتر ودبابات يتم تشغيلها وتحريكها باستعمال أجهزة التحكم عن بعد، وهي من التقنيات المعمول بها في السينما العالمية.
. في سياق الحديث عن "أسود الجزائر" أين وصل المشروع؟
ـ لا زلنا في مرحلة التحضير، لأن العمل يتطلب إمكانيات كثيرة، فهو ملحمة وطنية تجسد المرحلة الممتدة من 1945 إلى غاية 1962.
. لكننا تابعنا إشارة انطلاق التصوير من قسنطينة في منتصف 2015 ، ماذا حدث؟
ـ لا لقد قمنا بجزء ضئيل من الجانب التوثيقي بقسنطينة، حيث صورنا 37 ساعة تضمنت شهادات حية مهمة، لكن ليس الفيلم، الذي لم ينطلق بعد، و سنعود بالإمكانيات اللازمة لإعادة تجسيد العمل في قالب سينمائي- وثائقي، و سنصور بالكثير من المناطق، منها قالمة، جيجل، ميلة، وهران، تلمسان، بسكرة و مدن أخرى وسيتطلب ذلك وقتا طويلا.
. تحدثتم عن إمكانيات ضخمة، هلا أوضحت لنا أكثـر؟
ـ الفيلم تحصل على موافقة لجنة القراءة عام 2011 وقدمنا ملفا للمديرية المركزية للجيش بابن عكنون، و نحن في انتظار توفر الإمكانيات التي طلبناها من الوصاية و المتمثلة في ذخائر و أسلحة حربية في شكل مجسمات متوسطة الحجم لتجسيد عمل يعد أضخم الأفلام السينمائية الثورية على الإطلاق في تاريخ الجزائر، فنحن سنستعين بـ15مساعد مخرج ومئات التقنيين، لأننا لأول مرة سنقوم بتصوير مشاهد برية، جوية و بحرية، كما سيشارك فيه 105 آلاف ممثل صامت "كومبارس"و قد وصلنا حتى الآن إلى جمع40 ألف ممثل. و يعد الفيلم عربون وفاء للتضحيات الجسام التي بذلها شهداء الثورة في سبيل التحرر من الاستعمار الذي ارتكب أبشع الجرائم في حق الشعب الجزائري، و سيتطرق إلى الفترة التاريخية الممتدة من مجازر الثامن ماي 1945 إلى غاية إنزال العلم الفرنسي ورفرفة الراية الوطنية سنة1962.
. خلال قيامك بعمليات جمع وتوثيق شهادات الشخصيات النضالية، هل واجهت مشاكل ورفض تعاون البعض؟
ـ نعم، كان هناك رفض وعدم استجابة من البعض في عديد المرات، ربما بسبب انشغالاتهم كسياسيين ومناضلين، هم أحرار ومن حقهم التحفظ، فأنا لا يمكنني تقييم ردود أفعال الأشخاص أو الحكم على تصرفاتهم. شخصيا أفضل ترك كل واحد لضميره.