شباب يجازفون ببصرهم لأجل التخلص من النظارات الطبية
تزايد الطلب على جراحة تصحيح البصر حسب أطباء في طب العيون الذين أكدوا تضاعف شعبية هذه الجراحة في السنوات الأخيرة في أوساط الشباب من الجنسين و بنسبة أكبر عند الذكور لدوافع مهنية، سيّما الراغبين في الالتحاق بسلكي الأمن و الجيش، رغم تحذيرات المختصين من الأعراض و التأثيرات المتوقعة بعد العملية.
استطلاع مريم بحشاشي
أثار انتباهنا و نحن نطرق أبواب عيادات طب و جراحة العيون بقسنطينة، التهافت الملفت على بعض العيادات الخاصة المتخصصة في هذا المجال، حيث بات هذا النوع من العمليات ينافس جراحة الماء الأبيض المتصدرة عموما لقائمة الجراحات الأكثر تجسيدا و طلبا بعيادات طب العيون الخاصة التي يزيد عددها عن 26 عيادة، تتنوّع بين فردية صغيرة و كبيرة ، إلى جانب عيادتين جماعيتين، أين أكد لنا عدد من المختصين تسجيل تزايد مستمر في عدد الراغبين في إجراء عمليات تصحيح النظر بما فيهم المراهقين و الأطفال الذين يجلبهم آباؤهم لهذا الغرض، مشيرين إلى الحماس الكبير و إصرار الكثيرين على الخضوع لمثل هذه العمليات التي تعد حديثة ببلادنا مقارنة بباقي الدول بما فيها دول الجوار التي تعرف تطورا في هذا التخصص. و أجمع المختصون الذين تحدثنا إليهم بأن أكثر المقبلين على تصحيح البصر باستعمال الليزك، يقومون بذلك بدافع تجميلي و لا يترددون في دفع الملايين لأجل التخلّص من النظارات. و ذكرت الدكتورة المختصة بلباشا بن عيسى بأنها تستقبل الكثير من الشباب من الجنسين الذين يطلبون رأيها و نصيحتها بخصوص نسبة نجاح مثل هذه العمليات و الأخطار و التأثيرات الجانبية التي قد يواجهونها بعد العملية، مؤكدة بأنها غالبا ما تتحفظ بهذا الشأن، مشيرة إلى نظاراتها و معلّقة أنا شخصيا أفضل الاحتفاظ بنظاراتي الطبية. و قالت طبيبة أخرى رفضت نشر اسمها، بأنها تلقت عددا من المرضى الذين عانوا حساسية مفرطة للإضاءة و آلام حادة بالعين و احمرار و احتقان بالبياض المحيط بالبؤبؤ، أسابيع بعد خضوعهم للعملية ببلد مجاور، مما تطلب علاج مكثف، مشيرة إلى التحايل الذي يتعرّض إليه المرضى من قبل بعض الجراحين الذين يخفون عنهم المضاعفات التي يعانونها بعد العملية و بشكل جفاف العين من الدمع و هو ما يفرض وصف دواء في شكل قطرات لترطيب العين، من جهة و احتمال عدم استقرار البصر، و هو ما يستدعي إجراء عملية ثانية، لكن ليس قبل ثلاثة أشهر عن الأولى، مؤكدين خطر خسارة البصر في حال استمرت المضاعفات و التأثيرات الجانبية دون علاج سريع و جدي. و خلال قيامنا بهذا الاستطلاع تفاجأنا بصعوبة الوصول إلى بعض الأطباء، لرفض الممرضين و مسؤولي العيادات السماح لأي كان التحدث إليهم دون مواعيد مسبقة، قد تصل مدة انتظارها عدة أسابيع، مثلما وقفنا عليه بأول عيادة قصدناها ببلدية عين سمارة، أين أخبرنا صاحب مقهى نت، بضرورة حجز موعد عن طريق البريد الإلكتروني، الوسيلة الوحيدة المتوّفرة للفوز بفرصة الفحص، حسبه، و نفس صعوبات الحجز واجهناها بعدد من العيادات الأخرى أين كانت عونات الاستقبال تخبرنا بانشغال صاحب العيادة تارة و رفضه التحدث للإعلام تارة أخرى و قد يكون ذلك على خلفية ما وقع لإحدى العيادات الخاصة المتخصصة في طب العيون، بسبب ما تناقلته وسائل الإعلام منذ سنوات، بخصوص أخطاء طبية تسببت في فقدان عدد من المرضى لنعمة البصر.
رئيسة مصلحة طب العيون بالمستشفى الجامعي ابن باديس
شباب يطلبون نظارات رغم بصرهم الجيد
رئيسة مصلحة طب العيون بالمستشفى الجامعي ابن باديس الدكتورة بلعريبي، قالت بأن ثمة تزايد ملفت في الطلب على تصحيح النظر، رغم أن المصلحة لا تتكفل إلا بالحالات الصعبة و الاستعجالية، مؤكدة بأن هناك من الشباب من يطلبون وصف نظارات لهم رغم تمتعهم بنظر جيّد، مشيرة في المقابل إلى تضاعف حالات نقص النظر لدى الأطفال والمراهقين، و هو ما أرجعت سببه إلى الاستعمال المفرط للأجهزة الالكترونية من هواتف ذكية و كمبيوتر و ألواح و الإدمان على الألعاب الإلكترونية. كما أشارت محدثتنا إلى أكثر العمليات الجراحية التي تجرى بمصلحتها، و التي تخص مشاكل القرنية و الماء الأبيض، بالإضافة إلى عمليات استئصال الأورام التي تصيب الجفون، سواء السليمة أو الخبيثة و الحالات الاستعجالية بعد الصدمات و الحوادث الخطيرة. كاشفة عن تجسيد نحو 75عملية جراحية في الشهر، تشكل عمليات الماء الأبيض و الصدمات و العلاج بالحقن أكبر نسبة فيها، علما و أن المصلحة تعاني نقصا كبيرا في عدد الأطباء المختصين و الجراحين ، و الذين لا يزيد عددهم عن الدائمين الاثنين، في انتظار توظيف ثلاثة أطباء جدد، بعد المسابقة التي ستفتح قريبا في هذا التخصص، و التي على ضوئها سيتم رفع عدد العمليات بما فيها «الغلوكوما» التي تقتصر هذه الأيام على العلاج الخارجي، كما سيصبح ممكنا تقليص مدة انتظار المرضى بقوائم الانتظار الطويلة والتي تزيد عن الثلاثة أشهر، حسبها. و ذكرت ، بأن فئة الشيوخ تمثل أكبر نسبة في عمليات الماء الأبيض، في حين يشكل الأطفال والشباب نسبة معتبرة في عدد جراحات الصدمات، مشيرة إلى عدد الأطفال الذين استقبلتهم المصلحة بعد استعادة نشاطها في نوفمبر الماضي و الذي وصل إلى 1618طفلا، أغلبهم في إطار الفحص المدرسي العادي، إلى جانب 20 حالة منها خضعت للجراحة و أخرى للعلاج المكثف خلال الشهر الماضي.
أما عن الحول، فقالت بأن كل الحالات التي لا تتطلب تدخلا جراحيا، يتم متابعتها في العيادات الجوارية كالمركز الصحي بومرزوق و إن كان هذا الأخير لا يضمن حصص الفحص المنتظمة كل أسبوع، بسبب نقص الأطباء المتخصصين التابعين للمستشفى. و من جهته أكد الدكتور بن موسى، مختص في جراحة العيون و صاحب عيادة مختصة في هذا المجال، تضاعف عدد الأشخاص الذين يريدون التخلص تماما من النظارات الطبية، خاصة المعنيين بمسابقات التوظيف في الأسلاك التي تفرض شرط التمتع بالنظر الجيّد و عدم استعمال النظارات، إلى جانب المقبلين على الزواج، و هي العمليات التي قال بشأنها بأنها تخضع لشروط كثيرة، لا يمكن تجسيدها دون توفرها في الراغب في تحسين النظر، منها بلوغ سن العشرين سنة، و استقرار حالة نقص النظر و عدم تسجيل مشاكل في القرنية التي يرى أنها من الأمور التي لا يمكن التهاون بها، لتجنب الوقوع في المشاكل و المضاعفات غير المتوقعة، لأن هذا النوع من العمليات يعد تجميليا و يجب عدم إجرائه، إلا للأشخاص العاديين الذين لا يعانون مشاكل صحية سابقة.
رفض إخضاع 25 بالمائة من الحالات للجراحة
و أضاف موضحا بأنه و لتجنب المشاكل والمضاعفات المحتملة، يضطرون لرفض 25 بالمائة من الحالات المتقدمة إلى عيادتهم، بسبب المشاكل الصحية المعقدة التي يعاني منها المريض وتفرض إمكانيات وتكفل خاص و متابعة دقيقة، حيث يتفادون الحالات المعقدة، خاصة المرضى الذين يعانون مختلف الأمراض المزمنة كالسكري و ارتفاع الضغط الدموي و القلب و غيرها. و من جهة أخرى أكد بأنهم يجرون أكثر من 500 عملية جراحية في السنة لعلاج الماء الأبيض، إلى جانب جراحات دقيقة أخرى تتم بوسائل و إمكانيات حديثة بمعايير دولية، منها ما يقوم على الموجات فوق الصوتية، دون خياطة، تجرى لمختلف الفئات، مؤكدا تزايد الطلب عليها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مضيفا بأن هذه العمليات تتطلب الحذر و تفرض إجراء تحاليل مكثفة للمرضى، خاصة عندما يتعلّق الأمر بالجراحات الدقيقة، الخاصة بمشاكل القرنية. من جهته شدد الدكتور عبد القادر مسعدي، مختص في طب العيون، على ضرورة مراقبة ما يجري ببعض العيادات المقترحة لخدمات تحسين النظر، من تجاوزات غير أخلاقية، بسبب التحايل على بعض المرضى المتحمسين للتخلص من النظارات، رغم علم الأطباء بعدم نجاعتها للكثيرين و بشكل خاص من يعانون جفاف الدمع بالعينين و من تستلزم مهنهم السهر ليلا و كذا من يركزون لفترات طويلة على أجهزة الحاسوب..و غيرها من الحالات التي لا تفيدها عمليات تصحيح النظر بالليزر، حيث تعد الجراحة مجازفة غير مضمونة. كما تحدث عن تزايد حالات اعوجاج القرنية أو ما يعرف بالقرنية المخروطية و التي تستدعي تدخل جراحي لزرع حلقة خاصة.
تكاليف ترهق الجيوب و مواعيد تضاعف يأس المرضى
خلال تواجدنا بمختلف العيادات، لاحظنا يأس و استياء بعض المرضى، خاصة المسنين الذين لم يخف عدد منهم تذمرهم من التكاليف الباهظة التي يدفعونها لأجل الخضوع للعمليات الجراحية، و أكدوا بأنهم يغادرون العيادة بعد ربع ساعة من إجرائها، و هو ما يجعلهم يشعرون بالخوف من فشل العملية، أو إصابتهم بمضاعفات في الساعات الموالية. عن التكاليف، قال البعض أنها تتراوح بين 80 و 88 ألف دج للعين الواحدة بالنسبة للماء الأبيض، و بين 90 ألف و 250 للعمليات المعقدة، غير أن الأطباء وصفوا الأسعار بالمعقولة، مقارنة بما هو معمول به في الخارج، كما علّق بعضهم بأن صحة الإنسان
ليس لها ثمن.