السبت 19 أكتوبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الثاني 1446
Accueil Top Pub

مشكل الإنتاج و ضعف النصوص حال دون تطورها


مسلسلات الوقت بدل الضائع أفقدت الدراما الجزائرية جمهورها الرمضاني
تواجه الدراما الجزائرية هذه السنة تحديا حقيقيا للحفاظ على جمهورها الرمضاني، في ظل المنافسة الشرسة التي تفرضها انتاجات عربية ضخمة سبقتنا بسنوات ضوئية، تاركة خلفها إنتاجا تلفزيونيا جزائريا أعرجا، يتكأ على عكاز السكاتشات و السيت كوم التي تلجأ إليها القنوات الجزائرية  في القطاعين العمومي و الخاص، لسد فراغ الدراما الاجتماعية التي تراجعت مقارنة بسنوات ماضية كسبت خلالها مسلسلات ك"المصير" و " البذرة" و "شفيقة" و  " اللاعب"، رهان الجمهور، الذي خسرته أعمال الوقت بدل الضائع التي تنتج اليوم على عجل، كما عبر ممثلون و مخرجون
و منتجون.  مشكل الدراما الجزائرية التي لم تعد قادرة على الحفاظ على جمهورها لأكثر من حلقتين، أمام الشاشة خلال شهر رمضان، سببه عجزها عن الخروج من الرتابة و شح مضامين النصوص الدرامية، أو سطحية المعالجة بسبب تدخل المنتجين في عمل فريق الإخراج لضبط الإنفاق، و هروبهم الى الكوميدية التي تأتي خفيفة و أحيانا تهريجية، أو عبثية، تعجز بدورها عن تقديم ما يشد المشاهد.
نور الهدى طابي
المخرج نزيم قايدي
لا نملك صناعة حقيقية لإنتاج مسلسلات درامية تنافسية
يرى المخرج التلفزيوني نزيم قايدي، بأننا لا نملك صناعة حقيقية لإنتاج  مسلسلات  درامية قوية و تنافسية تصل إلى مستوى ما تقدمه الدراما العربية و حتى التونسية، و السبب هو أن قطاع الإنتاج في بلادنا، لا يزال بعيدا عن المستوى القادر على النهوض بهكذا صناعة، لذلك ينحصر العمل في شهر رمضان، علما بأن التحضيرات لا تنطلق بشكل مبكر يسمح بدراسة العمل بطريقة شاملة و كافية، لتحديد تصور قوي قادر على شد الجمهور و تثمين العمل.
المنتج الأول في الجزائر، كما أضاف المخرج، هو التلفزيون الجزائري، و غالبية الأعمال التي يتم تصويرها في رمضان، تكون بتمويل منه، أما المنتجون الخواص فهم يقومون بالإنتاج التنفيذي، لذلك تواجه المسلسلات مشكل البث و التوزيع، لأن وكالات و شركات الإنتاج تعجز عن التصرف فيها لأن حقوق البث كاملة، تكون تحت تصرف التلفزيون و هذا السبب الرئيسي وراء عزوف العديد من المنتجين الخواص على الإنفاق بشكل كبير على الأعمال الدرامية، لأنها في النهاية لا تسوق و لا توفر أموالا تسمح بمواصلة العمل و إنتاج المزيد من المسلسلات، وهو ما يؤكد أهمية استقلال هذا القطاع، لنتمكن من الحديث في ما بعد عن النوعية و الجودة و التنافسية.
بهذا الخصوص، لابد من الإشارة إلى أن العديد من المنتجين يميلون إلى التصرف في مدة الحلقات و تقليصها، فضلا عن تغيير النصوص، قد يختارون الممثلين الأكثر براعة و الأكثر طلبا و كذا أحسن المخرجين، لكن محاولة تحكمهم في النفقات و تقليص ميزانية العمل، تدفع بهم إلى تشويه النص أحيانا و اختزال الأحداث، فتقدم أعمال مبتورة للمشاهد، و يضطر الممثلون للمشاركة فيها، لأنهم لا يملكون البديل بسبب وضعية البعض المادية.
 أضف إلى ذلك، فإن غالبية الأعمال التي أنتجت مؤخرا، مبنية على نصوص تجارية كتبت تحت الطلب تفتقر للتأسيس، لأنها تكتب خلال شهرين بدل سنة، وهو ما ينفي عن الكتاب شبهة الضعف و العجز عن تقديم أعمال جيدة، لأن هنالك كتاب متمكنين لديهم مشاريع هامة لكنها لم تحظ بقبول لجان القراءة لدى المنتجين، إما لضخامة الميزانية التي يتطلبها تجسيدها أو لكونها ثقيلة و تتطلبا وقتا و جهدا

المنتج عبد الغني بوغريرة
مشكل الدراما هو غياب تصوّر إخراجي قوي و ضعف السيناريو
اعتبر المنتج عبد الغني بوغريرة، صاحب شركة أونتينيا للإنتاج و التوزيع  السمعي البصري، بأن مشكل الدراما الجزائرية لا يكمن في الإنتاج، لأن الشركات متوفرة و تملك النية الجادة للعمل، بل يكمن في الإخراج و السيناريو، كما عبر، مشيرا إلى وجود ضعف في هذين الجانبين، يتعلق بنقص المخرجين أصحاب الفكر المبدع، القادرين على ضبط تصور مقنع للأعمال، رغم توفر الإمكانيات المادية، فضلا عن كون هذا المجال، عموما في الجزائر، يفتقر لسيناريوهات قوية و جديدة، من حيث الحبكة و الحوار، مقارنة بالمغرب و تونس. أما بالنسبة للأعمال المنتجة خلال شهر رمضان، فإنها تمر مسبقا على لجان القراءة التابعة للتلفزيون الجزائري، باعتباره الممول رقم  واحد  لمعظم  الانتاجات، و بمجرد  المصادقة عليها يتم التعاقد مع فنانين، وفق معايير معينة، و تحدد أجورهم و ميزانية العمل عموما، علما بأن بعض المسلسلات قد تكلف من  200 مليون إلى مليار سنتيم، يتقاضى نجومها ما يعادل 5 ملايين سنتيم في اليوم، بالمقابل تمنح  لفناني و لممثلي الصف الثاني أجورا يومية تتراوح بين مليون إلى 5000دج، لذلك لا يمكن اتهام المنتجين بالتأثير على مستوى الأعمال بسبب عدم دفع أجور الممثلين، ربما يحدث ذلك في حالات  نادرة لكن لا يمكن التعميم.
من جهة ثانية، فإن غالبية المنتجين يهتمون بالعمل خلال رمضان، لأن الأعمال تكون مطلوبة عادة، حيث يتعاملون بشكل مباشر مع التلفزيون وهو ما يخفف الأعباء المادية، خصوصا و أن العمل بشكل مستقل مرهق، في ظل ضعف ثقافة التمويل "سبونسورينغ" لدى الصناعيين و رجال الأعمال الجزائريين.  

الممثلة الشابة خامسة مباركية
لا يمكننا الحديث عن النوعية في أعمال تنتج قبل ثلاثة أشهر فقط من رمضان
أكدت الممثلة الشابة  خامسة مباركية، بأن مجال إنتاج المسلسلات التلفزيونية يحتكم لسلطة المنتجين و مدى استعدادهم للإنفاق على العمل و الالتزام بنصه و تجنيد ممثلين أكفاء لإنجاحه، و هي أمور نادرا ما تتوفر، بسبب هيمنة تجار على القطاع و جهلهم بأصول الصناعة الدرامية.
 وقالت الممثلة الشابة بأنها كفنانة لا تتوقع مشاهدة عمل نوعي في رمضان، حتى و إن شاركت فيه، وهي تعلم أنه صور في وقت قياسي يحدد عادة بالثلاثة أشهر الأخيرة التي تسبق الشهر الفضيل، و هي الفترة التي يتنافس فيها المنتجون على العمل و توفير مادة للشبكة البرامجية، مهما كانت نوعيتها، لذلك يفضلون الأعمال الفكاهية الخفيفة و تحديدا السيت كوم بسبب قلة نفقات تصويره.
بالإضافة إلى ذلك، تطرح إشكالات أخرى تؤثر بشكل مباشر على نوعية الأعمال، كضعف " الكاستينغ" و المحسوبية التي يقع ضحيتها الممثلون و كذا الجهوية أحيانا، إذ تحرم كفاءات فنية مسرحية  من خوض تجربة التلفزيون، بحجة عدم إتقان اللهجة العاصمية، بالمقابل تمنح الأدوار لأناس من الشارع، دون تكوين أو موهبة، يحدث هذا حتى بالنسبة للإخراج.
من جهة ثانية، فان الرداءة في الأعمال، يفرضها المنتجون بسبب التداخل في أحداث المسلسلات و محاولة بتر النص، لتخفيف أعباء الإنتاج وهو ما يؤثر على نوعية العمل و يقدمه للجمهور بشكل رديء.

المنتج المنفذ سليم بن عليوش
الاعتماد المطلق على تمويل التلفزيون الجزائري حصر الإنتاج في رمضان
المشكل الحقيقي و سبب ضعف المسلسلات الدرامية الجزائرية، حسب المنتج المنفذ سليم بن عليوش، صاحب شركة "لوما بروكوم" للإنتاج  السمعي البصري،  هو أن المجال لا يحتكم لسلطة أهل الاختصاص، بل يجمع  الكثير من الدخلاء على المهنة، الذين يتعاملون مع الإنتاج السمعي البصري في رمضان، تماما كما يتعامل التجار مع " الزلابية"، فالجميع يحول نشاطه لهذه الحرفة في الوقت بدل الضائع، بهدف الربح. و أضاف المنتج بأن مشكلة الأعمال التلفزيونية الخاصة برمضان، تكمن في أن البعض يتعامل معها على أنها مشاريع ثقافية و اجتماعية، بينما يعتبرها آخرون فرصة سانحة للربح، حتى الانفتاح الإعلامي الذي رفعته الجزائر مؤخرا، لم يخدم هذا المجال بالشكل المطلوب، لأن معظم القنوات لا تملك تراخيص للنشاط، بل تبث بشكل عشوائي، وهو ما يضع المنتجين في حالة تردد قبل التعامل معها، خوفا من عدم تحصيل مستحقاتهم المالية، لذلك يركز الجميع على تمويل التلفزيون الجزائري لأعمالهم و الاكتفاء بصفة منتج منفذ، وهو ما يحصر النشاط في  شهر رمضان دون غيره و في السيت كوم و السكاتشات محدودة الميزانية، بدلا من المسلسلات المتكونة من 30 حلقة و قد يعادل أجر بطل العمل قيمة ميزانية العمل ككل. بالإضافة إلى ذلك، فإننا في الجزائر نعاني من عدم توازن حقيقي بين نشاط الإنتاج و البث و التوزيع، فجميع المتعاملين ينشطون في شق الإنتاج، لكنهم يصطدمون بعد ذلك بمشكل عدم وجود شركات أو وكالات، تبتاع أعمالهم أو تعمل على تسويقها، سواء داخل الوطن أو خارجه.
 المنتج قال أيضا، بأن مشكل حصول المنتجين على ممولين خواص لأعمالهم، كرجال الأعمال و الصناعيين، يطرح كعائق، حال دون تطوير الأعمال و رفع عددها و مستواها، لأن هؤلاء لا يزالوا يفتقرون لثقافة الاستثمار في هذا المجال، لدرجة أن بعضهم " يخاف من العين و الحسد"، و يجهل آخرون بأن مثل هكذا تعاملات، من شأنها أن تخفض حجم ضرائبهم السنوية، لأن المنتج يمنحهم في النهاية وثيقة ضمان منصوص عليها في القانون.
بالنسبة للسيناريو، فإنه  يعتبر أيضا أحد أهم نقاط الظل في صناعة الدراما، لأنه ضعيف و لا يخدم الواقع الاجتماعي بمختلف أبعاده، و الحل، حسب المتحدث، هو الاعتماد على التكوين و إدماج خريجي الجامعات و المعاهد.

الفنانة فريدة كريم
"المعريفة" فرضت أشباه الممثلين على المسلسلات
اعتبرت الفنانة فريدة كريم، بأن واقع الدراما الجزائرية مقبول نوعا ما، و يعرف تطورا نسبيا، غير أن المشكل الأساسي يكمن في المحسوبية أو " المعريفة"، التي أثرت سلبا على نوعية الأعمال و جعلتها بعيدة عن الاحترافية المطلوبة.
و قالت الفنانة الشهيرة بأدائها لشخصية ّ خالتي بوعلام، بأن هناك جماعات تتحكم في قطاع الإنتاج عموما، و تفرض شروطها و منطقها على العمال، تماما كما تفرض ممثلين دخلاء على المهنة يلتقون بهم في المقاهي و الشوارع، و يعوضون بهم فنانين من ذوي الخبرة و التكوين، لذلك نلمس تراجعا في مستوى التمثيل و الأعمال عموما.  الفنانة أضافت بأن الفنان هو الحلقة الأضعف في المسلسلات، لأنه يقع ضحية منتجين دخلاء على المهنة، يتحكمون في كل تفاصيل العمل و يحددون الأجور،حسب أهوائهم، فقد يتعدى أجر فنان مبتدئ ، أجر فنان آخر له اسم و سمعة في المجال، غير أننا نضطر للقبول، حبا في المهنة و طلبا للرزق، لذلك فغالبية الفنانين يعتبرون التمثيل نشاطا مكملا و يعملون في وظائف أخرى. من جهة ثانية، فقد يحرم الفنانون من نصوص و حوارات كتبت خصيصا لهم، و بنيت على أساس دراسة مسبقة لشخصيتهم، و تمنح لأسماء أخرى وذلك بقرار من المنتجين، رغم أنهم يتفقون مبدئيا مع الجهة الممولة للعمل على أسماء محددة، يقومون بتغييرها في آخر لحظة، تماما كما ينطلقون في تصوير الأعمال في الأشهر القليلة التي تسبق رمضان و يعتمدون السرعة، لذلك أصبح ظهورنا مقتصرا على السيت كوم و الأعمال البسيطة.

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com