فاطمة الأرملة المكافحة أو «المدرسة» التي خرجت ست بنات بتفوق
رفعت الأرملة (ق- فاطمة ) المقيمة بحي خزرونة بولاية البليدة التحدي،وأصبحت تلقب بالمرأة المكافحة،لقد توفي زوجها في سنة 2005 وترك لها ست بنات،لم يترك لهن لا مال ولا جاه و لا مصدر رزق. كان الفقيد يعمل نجارا بحي الزواية، و شاء القدر أن يدهسه سائق شاحنة عندما كان متوجها لعمله ليجمع قوت بناته الست، فلم يترك لهن لا منحة ولا رصيد مالي، ليضمن عيشهن، البنت البكر كانت في السن 13 والصغيرة في شهرها الأول، لكن رغم كل هذه الصعاب رفعت أم البنات التحدي وتمكنت من تربيتهن أحسن تربية، و سعت لتفوقن في دراستهن بحيث تتمدرس اليوم مريم و نسيمة في الجامعة،وباقي البنات يتمدرسن في المتوسط والابتدائي وكلهن متفوقات، رغم غياب حنان الأب و مصدر الرزق القار. بعد وفاة الزوج،كما قالت الأرملة فاطمة للنصر، أصيبت بالحيرة من أمرها، وكانت لا تزال في مرحلة النفاس بعد أن خضعت لعملية قيصرية أثناء الولادة،ترك زوجها فراغا رهيبا ،خاصة وأنه كان رجلا طيبا وحنونا مع بناته، و لم يكن لها بعد وفاته أي احتكاك بمحيطها الخارجي وحتى الأسواق كانت لا تدخلها، إلا برفقة زوجها. أضافت بأنها استطاعت تجاوز صدمة الفراق بالمداومة على قراءة القرآن، وكانت تدعو الله أن يرفع عنها الغبن، ويرزقها بقوت بناتها الستة، كانت تجمعهن أثناء النوم بين أحضانها وتنام معهن تحت فراش وغطاء واحد،و تقص عليهن قصص الأنبياء وقصص دينية حول اليتم ،وذلك لتعويضهن ولو قليلا عن فقدان عماد البيت الأب الغالي، وتضيف بأن قصتها بدأت تتجه نحو الانفراج بعد تعرفها على جمعية «كافل اليتيم» عن طريق سيدة أخرى،وتقول بأن زيارتها لمقر هذه الجمعية وتعرفها على أعضائها، فرج عنها الكثير من الكرب وأولى خطوات الانفراج أنهم كانوا يوفرون لها الحليب لرضيعتها التي كانت حديثة الولادة، كما وفروا لها أغلب حاجياتها في المنزل. تؤكد بأن جمعية كافل اليتيم، والمحسنين الذين رافقوها منذ وفاة زوجها إلى يومنا هذا، هم السند القوي لها في الوصول إلى هذا المستوى والنجاح في تربية بناتها،وأكدت فاطمة أيضا على الدور الكبير الذي كانت تؤديه في المنزل، خاصة تربية البنات وتوفير الحنان والدعم النفسي لهن، وتضيف بأن هذه المهمة صعبة جدا في ظل غياب الأب، لكن من خلال وعيها بأهمية هذه التربية استطاعت أن تؤدي هذا الدور وتقطف ثمار جهدها مشددة بأن ربت بناتها كانت على الدين والأخلاق، وخلقت منهن بنات صالحات لهذا المجتمع،كما تمكنت من أن تجعل منهن بنات متفوقات في الدراسة من خلال مرافقتهن في المنزل وتوفير دروس الدعم لهن،وكانت نتيجة ذلك أن إحدى بناتها ستتخرج هذه السنة من الجامعة في تخصص المحاسبة بالقطب الجامعي بالعفرون،وأخرى تدرس في السنة الثانية جامعي في تخصص التحاليل المخبرية ،و بقية البنات الأخريات يتمدرسن في الطورين المتوسط والابتدائي وكلهن متفوقات في الدراسة. أوضحت فاطمة بأن الرسالة القوية التي تمررها دائما لبناتها هي أن تكن بنات ذات تربية وأخلاق عالية، ودور الأم هو أن تبقى دائما قريبة منهن ولا تجعل الحواجز بينها وبين بناتها،وأشارت فاطمة إلى أن إحدى بناتها تمت خطبتها مؤخرا ،وتحضر حاليا لحفل زفافها. الجدير بالذكر أن هذا الجهد الكبير الذي قامت به فاطمة في تربية بناتها الست ،دفع مسؤولي الجمعية الخيرية يكرمونها بعمرة إلى البقاع المقدسة .
نورالدين -ع