خديجة..راعية الغنم التي تحلم بأن تصبح جراحة أعصـــاب
يشكل حصول التلميذة دنيدني خديجة على المرتبة الأولى في شهادة التعليم المتوسط على مستوى ولاية المسيلة بمعدل 19.30 نموذجا في التفوق الشخصي لها ولسكان الريف في بلدية سيدي عيسى بعدما تجاوزت جميع الظروف الصعبة، من مشاكل النقل اليومية وقلة الامكانيات والوسائل التي تتوفر لمثيلاتها في المراكز الحضرية، حيث لم يثنها رعي الأغنام عن تحقيق حلمها بالالتحاق بالثانوية في طريق تجسيد حلمها الكبير في أن تصبح يوما طبيبة جراحة ناجحة.
التلميذة دنيدني خديجة التي تقطن بدوار سيدي عبد الوهاب على بعد 13 كلم عن مقر بلدية سيدي عيسى والواقعة في حدود ولاية المدية وهي رابع أخواتها من حيث الترتيب الأسري وتزاول دراستها بمتوسطة الحي الشمالي بسيدي عيسى، قالت إنها تعتبر المدرسة عائلتها الثانية، فحبها لأسرتها التربوية جعلها تتأقلم مع جميع الظروف الصعبة وتتفانى في التحصيل العلمي منذ ولوجها المدرسة الابتدائية مكي قويدر أين كانت تحصل دائما على المرتبة الأولى في مشوارها الدراسي منذ السنة الأولى ابتدائي إلى يومنا هذا.
وأضافت خديجة بالقول إنها لم تكن يوما تمانع أو تحتج على ممارستها نشاط رعي الأغنام والبقر رفقة شقيقها وشقيقتها المتحصلان على شهادة ماستر 02 واللذان ساعداها كثيرا رفقة الوالدين في مشاورها الدراسي ذلك أن ما كان يهمها هو تحقيق حلمها الذي هي بصدد تجسيده يوما بعد يوم وسنة بعد أخرى حيث تطمح لأن تصبح طبيبة جراحة في طب الأعصاب وأن تحقق نجاحات كبيرة في مشوارها العملي والعلمي في مهنة الطب يوما ما.
خديجة لم تنس بأن تتقدم بالشكر الجزيل إلى جميع من ساهم في نجاحها وتحقيقها لمعدل 19.30 بداية من والديها مرورا بأشقائها وصولا إلى معلميها وأساتذتها الذين كان لهم الفضل الوافر، حسبها، في تحقيق هذا الإنجاز وتخص بالذكر «عمران السعيد وبن دحمان بلقاسم وعمي دنيدني لخضر الذي ساهم في توجيهنا طيلة مشوارنا الدراسي في المرحلة الابتدائية وفي التعليم المتوسط اذكر دحماني فضيلة أستاذة الإنجليزية و دنيدني إبراهيم أستاذ التربية الموسيقية وشادلي لطيفة أستاذة الفرنسية وكذا مدير المتوسطة قدور جمال ولا أنسى أن اذكر بقية الأساتذة بمتوسطة الحي الشمالي بسيدي عيسى».
وتروي لنا التلميذة خديجة حادثة طريفة وقعت لها عندما كانت تزاول دراستها في السنة الرابعة ابتدائي حيث أصيبت بوعكة صحية قبل إجرائها امتحان التربية المدنية كادت تمنعها من الالتحاق بالمدرسة حينها « لكنني أصررت على إجراء الامتحان وهو ما حصل، وقتها تحصلت على علامة 10/10 « تقول محدثتنا أن هذا اليوم يبقى راسخا في ذهنها ما عاشت لأنها أثبتت لنفسها قدرتها على إثبات وجودها و إمكانياتها وإعادة الخير لوالديها الذين تعبوا كثيرا في تربيتهم حسبها وفي توفير جميع الظروف الملائمة لتحقيق ما تم تحقيقه رفقة إخوتي من نجاحات في مشوارنا الدراسي رغم وضعها الاجتماعي للوالد الذي لم يبخل علينا يوما بأي شيء وكان يعمل دوما على تذليل الصعوبات التي تواجهنا.
خديجة قالت أنها تفتخر لكونها تعيش في أسرة فقيرة ولكنها تكسب قوت يومها من عرق جبينها من نشاط الفلاحة وتربية المواشي ذلك أن والدها عمل بجد ليعبد لها طريق النجاح والتفوق، كما أن لخديجة موهبة في الغناء حيث تشارك ضمن فرقة موسيقية بالمتوسطة في المناسبات والأعياد الوطنية بأناشيد وأغاني وطنية كلما توفرت الأجواء لذلك.
والد التلميذة إبراهيم دنيدني قال أن فرحته لن تكتمل إلا بنجاح ابنته الثالثة في ترتيب أسرته الصغيرة التي تجاوزت امتحان شهادة البكالوريا هذه السنة بعدما حضر أول أمس بجامعة تيارت حفل تخرج ابنه الذي تحصل على شهادة ماستر 02 في الهندسة الميكانيكية وهنا توقف بعد حديثه عن حصاد سنوات من التعب والجهد الذي بذله في سبيل أن يرى هذا اليوم حيث ذكر للنصر أنه كان متفوقا في دراسته عندما كان صغيرا لكن مشواره توقف في السنة السادسة ابتدائي بعد أن نجح في الحصول على شهادة التعليم الابتدائي حينها بسبب ظروفه المعيشية الصعبة ومن وقتها قررت يقول أن أرعى أبنائي جيدا وأقف إلى جانبهم خصوصا عندما يتعلق الأمر بالنقطة المتعلقة بالجانب الدراسي.
الفضل يضيف إبراهيم يعود أيضا إلى زوجته التي بذلت الكثير من الجهد ووقفت في نفس الصف إلى جانب شريك حياتها لتحقيق أمله في رؤية أبنائهما موضع تفوق وفي مناصب رفيعة بالرغم من أنه فلاح يمارس نشاط الفلاحة ورعي الأغنام حيث يعتمد عليهما في كسب الرزق اليومي وهو راض تمام الرضا عما حققه أبناؤه من نجاحات في مشوراهم الدراسي.
فارس قريشي