البرلمان يودّع اليوم عهدا و يستعد لمواكبة التعديل الدستوري
يودّع البرلمان اليوم عهدا ليدخل عهدا جديدا في الثاني سبتمبر القادم وفق التدابير والأحكام التي نص عليها التعديل الدستوري الأخير، التي عزّزت من دور المؤسسة التشريعية ومنحتها صلاحيات أكبر، كما عزّزت دور المعارضة فيها.
يختتم البرلمان بغرفتيه اليوم دورته الربيعية التي تميزت بمناقشة مشاريع قوانين مهمة ومصيرية والمصادقة عليها من طرف نواب الشعب، على غرار التعديل الدستوري للسابع فبراير الماضي، وكانت دورة متخمة أيضا بالجدال والإثارة والنقاش الساخن بين الموالاة والمعارضة، والحكومة و ممثلي الشعب، وهي الدورة التي عرفت أيضا معاقبة نائب لأول مرة في تاريخ البرلمان بعد تجاوزات قام بها في حق بعض أعضاء الحكومة.
وكانت الدورة الربيعية للبرلمان بحق متميزة من حيث نوعية وكمية القوانين التي نوقشت فيها، وكذا من حيث مستوى النقاش والحوار الذي سادها، وهي قبل هذا دورة فاصلة بين عهد قديم وآخر جديد سيدشن في الثاني من سبتمبر المقبل بمناسبة افتتاح الدورة الجديدة التي لن تسمى دورة خريفية، إنما دورة البرلمان وتكون متواصلة لمدة 10 أشهر على الأقل.
ويأتي مشروع تعديل الدستور الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه المجتمعتين في السابع فبراير الماضي على رأس المشاريع المهمة والمصيرية التي مرت خلال الدورة الربيعية المنقضية اليوم، وهو المشروع الذي أعطى للهيئة التشريعية مكانة جديدة في مثلث السلطات، وعزز من مكانتها ودورها في المجال التشريعي والرقابي، كما عزز من دور المعارضة داخل المؤسسة التشريعية، ومنح التعديل الدستوري الأخير أيضا صلاحيات جديدة لمجلس الأمة سيشرع في ممارستها في الميدان في الدورة المقبلة.
و عرفت الدورة الربيعية للبرلمان الشروع في ترجمة روح التعديل الدستوري من خلال تعديل أول حزمة من القوانين المواكبة له، والمتمثلة في القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا علاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، والقانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، وكذا القانون العضوي الخاص بالهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، وعلى ضوء تعديل القانون الأول سيكون اليوم بمقدور البرلمان تكييف النظامين الداخليين لغرفتيه مع التدابير والأحكام الجديدة التي جاء بها التعديل الدستوري، وذلك ما سيفتح عهدا جديدا بالنسبة للمؤسسة التشريعية من حيث الممارسة، وطبيعة العلاقة مع الجهاز التنفيذي.
وفضلا عن ذلك أيضا تبنى نواب الغرفتين القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، وهو ذو أهمية كبيرة أيضا وشهد نقاشات ساخنة بين أحزاب الموالاة والمعارضة وبين هذه الأخيرة و الحكومة على خلفية بعض المواد التي جاء بها مثل المادة 73 التي تشترط حصول أي حزب على نسبة 04 بالمائة في الانتخابات الأخيرة مقابل السماح له بالمشاركة في انتخابات جديدة، وقد حاولت المعارضة الممثلة في البرلمان إسقاط هذه المادة بالتنسيق في البداية مع حزب الأغلبية إلا أنها فشلت بعد تراجع الآفلان عن هذا المسعى في آخر لحظة.
ولم يكن النقاش داخل القبتين أقل حرارة بخصوص اللجنة العليا لمراقبة الانتخابات التي تعتبر مهمة جدا في العملية الانتخابية، وقد رد وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي بشكل قطعي على مطلب المعارضة بإنشاء هيئة مستقلة تشرف على العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها، وقال أن تنظيم الانتخابات من المهام الرئيسية للدولة ولا يمكن إسناد هذه المهمة لهيئة غير حكومية.
خارج القوانين المتعلقة بالإصلاح سجل مشروع قانون ترقية الاستثمار هو الآخر سجالا حادا وجدالا كبيرا في قبتي المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، لما له من أهمية بالغة في هذا الظرف الصعب بالذات الذي تمر به البلاد المتميز بتراجع المداخيل نتيجة تهاوي أسعار الذهب الاسود، وكالعادة تحفظت المعارضة على العديد من بنوده وصوتت ضده.
ومن بين القوانين التي ميزت الدورة الربيعية قانون تسوية الميزانية لسنة 2013، و القانون الأساسي الخاص بضباط الاحتياط، والقانون الأساسي الخاص بالمستخدمين العسكريين، وقد أثارا أيضا سجالا مميزا، و القانون المحدد لمهنة محافظ البيع بالمزايدة، واستقبلت لجان الغرفة السفلى مشاريع أخرى مثل مشروع القانون الخاص بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي لم يدرس في هذه الدورة، والذي يعد هو الآخر من قوانين الإصلاح التي جاء بها التعديل الدستوري الأخير، وكذا القانون الخاص بمكافحة التهريب.
وسجلت دروة الربيع لأول مرة في تاريخ البرلمان تسليط عقوبة على نائب في الغرفة السفلى بحرمانه من حضور ست جلسات، ويتعلق الأمر هنا بنائب التجمع الجزائري الطاهر ميسوم المعروف باسم "سبيسيفيك" الذي اتخذ رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة عقوبات ضده بعد تماديه في إهانة أعضاء الحكومة والتجاوز في حقهم كما جاء في بيان المجلس.
وعلى العموم فقد مهدت الدورة الربيعية التي ستغلق اليوم الطريق نحو عهد جديد في الممارسة البرلمانية ستدشن في سبتمبر المقبل. م- عدنان