الطلب على إحياء حفلات الزفاف تراجع هذه الصائفة بسبب التقشف
يرى نجم الأغنية السطايفية الشاب ديدين، في حوار خص به النصر، أن ظروف التقشف لم تمس برنامج الحفلات المنظمة من طرف وزارة الثقافة فحسب، وإنما امتدت أيضا إلى العائلات الجزائرية التي وجدت نفسها مجبرة على العدول عن دعوة فنانين لإحياء حفلات زفاف أبنائها بسبب تراجع القدرة المادية، كما تطرق محدثنا إلى مواضيع تخص الفنانين وطابع السطايفي وتحدث عن سبب تراجعه في الآونة الأخيرة على مستوى الشرق الجزائري، أمام زحف الراي الذي اكتسح الساحة بأغانيه الجيدة والرديئة، في حين لم يخف تفاؤله وقدرة الطابع الذي يؤديه على الاستمرار في الزمن والوصول إلى العالمية.
- ألا ترى أن الجمهور اليوم أصبح يميل إلى الراي على حساب السطايفي؟
- الجمهور الجزائري يميل للأنواع الموسيقية الجذابة للمستمعين، سواء كانت من طابع الراي أو السطايفي أو غيره، لكن يمكنني القول أن أغنية الراي باتت مهيمنة بشكل أكبر من السنوات السابقة، فمؤدوها يحرصون دائما على تقديم إنتاج جديد، ما جعل الجمهور متمسكا بهم بقوة، في حين تراجعت الأغنية السطايفية من ناحية وفرة الإنتاج، فحتى فنانوها صاروا لا يسجلون ألبومات كثيرة، بسبب بعض المشاكل التي نواجهها في الكواليس، وأنا شخصيا أقدم اعتذاري لجمهوري بسبب هذا الركود في الإنتاج الذي أصبح يميزني.
- هل يمكن أن تحدد لنا ماهية المشاكل التي جعلت إنتاجكم يتراجع؟
- نحن نواجه عراقيل كبيرة في العمل، ففي الشرق الجزائري لا نجد دعما كبيرا لنا من الفاعلين في مجال إنتاج الموسيقى السطايفية، ما جعلها تتراجع، على عكس السنوات الماضية التي كان الصيف وحده يعرف ظهور 3 إلى 4 ألبومات جديدة لمختلف مؤدي السطايفي.
أما في حالة توقف إنتاج الجديد من طرف مجموعة من مغني السطايفي في وقت واحد، فسيبحث الجمهور بكل تأكيد عن البديل، مثلما هو واقع اليوم، حيث اتجه الجمهور إلى الراي بسبب وفرة الإنتاج، بالرغم من الرداءة التي تطبع العديد من الأغاني الجديدة في هذا اللون، ففي حالة قلة الخيارات يقبل الجمهور على كل ما يجده أمامه.
- هل تقصد بنقص الدعم، تقصير الجهات الوصية على الثقافة في مساعدتكم؟
- لا أبدا، المشكلة ليست في الجهات الوصية على الثقافة، وإنما في المنتجين وقلة استوديوهات التسجيل، فضلا عن غياب الشباب الموهوبين بسبب عدم منحهم الفرصة، فعلى مستوى الشرق كله، لا يوجد إلا كاتبا كلمات اثنين وبعض الموسيقيين، وعدد محدود جدا من المنتجين الذين نتعامل معهم جميعا، وإذا توقف هؤلاء فإن جميع الفنانين سيكونون مجبرين على التوقف معهم، على عكس الساحة الفنية على مستوى الجزائر العاصمة والغرب الجزائري، أين يوجد عدد كبير من المتعاملين الفنيين في مجال الموسيقى الشبابية العصرية.
- أتعتقد بأن موسيقى السطايفي العصري قادرة على الاستمرار لخمسين سنة مقبلة أو أكثـر مثلما كان حال الراي الوهراني؟
- موسيقانا قادرة على المواصلة والوصول إلى العالمية، وحاليا لدينا جمهور حتى في أوروبا، لكن المشكلة تظل في الإنتاج، فهذا الأمر يؤثر على أعمالنا حتى وإن كانت جيدة، فبالرغم من أننا نبذل قصارى جهدنا في تقديم أعمال جيدة، قد تبقى هذه الأعمال في الظل بسبب عدم رعايتها من طرف منتجين أكفاء، والأمر يشمل التسويق والتوزيع.
- ألا ترى بأن عدد الموسيقيين المحترفين قليل أيضا؟
- نعم، يوجد عازفون رديئون لكنهم يعملون بالساحة، وربما يرجع هذا الأمر إلى شخصية العازفين أنفسهم، فأحيانا تجد أن بعض محدودي المستوى يتمتعون بجرأة كبيرة ولا يخشون خوض غمار العمل، في حين يؤثر الخوف من الفشل على بعض الموهوبين ويجعلهم يتراجعون عن المحاولة، ما يبقيهم في الظل دائما، رغم إجادتهم لصنعتهم الموسيقية.
- هل تأثرت بسبب قرصنة أعمالك الفنية؟
- بكل تأكيد، أنا تأثرت بشكل كبير جراء القرصنة، ورغم أن الكثيرين يعتقدون أن المشكلة تؤثر على المنتج بشكل أكبر من الناحية المادية، إلا أن الفنان يظل المتأثر الحقيقي من مشكلة قرصنة الأعمال الموسيقية، فهو يقوم بتسجيل أغان يدفع مقابلها لصاحب الأستوديو، وكاتب الكلمات والموسيقيين، من أجل بيعها لمنتج يعيد توزيعها، لكن القرصنة قد تدفعه إلى وقف العمل مع الفنانين بعد صدور الأغنية بشكل غير قانوني في الأسواق.
وهذا الأمر يؤثر بشكل أقوى على الفنانين الجدد وغير المعروفين، لكن ذلك لا يعني أن المشاهير لا يتأثرون، فارتفاع نسبة المخاطرة يخفض من حظوظ الفنانين في العمل مع منتجين.
-هل نشاطكم مركز بشكل أكبر مع العائلات خلال فترة الصيف؟
- بكل تأكيد، برنامجي مكثف جدا خلال الصيف، فبعد أن أصبح شهر رمضان يأخذ ثلث الفصل، أمسينا مطالبين باختزال نشاطنا في شهرين فقط، ومع ذلك يصعب التوفيق بين العمل والواجبات العائلية وقضاء العطلة رفقة أفراد الأسرة، فأنا مثلا جئت لإحياء هذا الحفل مباشرة من تونس، بعد أن تلقيت الدعوة من الديوان الوطني للثقافة والإعلام، دون أن أنام، فلا يمكنني رفض الظهور أمام جمهوري.
- إذا تأثرت حياتك الشخصية بسبب هذا البرنامج المكثف، أليس كذلك؟
- لا أبدا، أنا أضع خطا فاصلا بين الفن والحياة الشخصية، وأعيش بشكل عادي جدا.
- أتوافقنا الرأي بأن برنامج الفنانين المكثف يتوقف فجأة عند انقضاء فصل الصيف؟
- نعم بعد انقضاء الصيف يتوقف كل شيء، وهذا أمر يؤثر بشكل كبير على الفنانين من الناحية المادية، خصوصا الذين لا يتلقون الكثير من الدعوات للحفلات والأعراس للعمل.
- وما هو الحل في رأيك؟
- في الحقيقة، أنا أرى أن على وزارة الثقافة تنظيم نشاطات خلال فترة الشتاء أيضا، على غرار الجولات الفنية التي كان ينظمها الديوان الوطني للثقافة والإعلام في السنوات السابقة، ولكن مع ظروف التقشف لا ندري إن كانت هذه الجولات ستلغى أم لا.
- وماذا عن الوضعية القانونية للفنان في الجزائر، هل تحسنت؟
- أستحسن قيام السلطات بتسجيل الفنانين ومنحهم فرصة الحصول على التأمين الاجتماعي، فأنا مثلا منخرط في صندوق التأمين وقمت بالتصريح بجميع الأعمال التي طرحتها في الأسواق، ولكن بعض الفنانين يجهلون هذا الأمر، فمعدل التجاوب قليل نوعا ما.
- ألم يمس التقشف العائلات التي تدعو فنانين لأعراسها؟
- للأسف نعم، فقد تراجع عدد حفلات الزفاف خلال هذه السنة، فالظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، دفعت بعدد من العائلات إلى العدول عن دعوة فنانين معروفين لإحياء أفراحها.
- هل تقوم بتحضير ألبوم جديد؟
- أعكف في الوقت الحالي على تحضير ألبوم جديد في طابع السطايفي، ويضم أغنية أو اثنتين من لون الشاوي، بينما تنحصر المجموعة الأخرى في أغاني الأفراح، فجمهوري يعرف أسلوبي جيدا، حيث أقدم دائما مزيجا من الألحان والألوان الموسيقية، كما أحضر أيضا ألبوما في طابع الراي، وقمت بتسجيل بعض الأغاني منه، لكنه لم يكتمل بعد، في حين سيطرح جديدي في الأسواق عما قريب.
حاوره : سامي حباطي/تصوير الشريف قليب