الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

خبراء يطالبون فرنسا بتسليم السجلات الطبية المتعلقة بملف تفجيراتها النووية في الجزائر و يكشفون


مليونا شخص تعرضوا للإشعاعات وآثار التجارب النووية بالجنوب ستمس مئة جيل
دعا أساتذة وخبراء في القانون الدولي أمس، فرنسا إلى تسليم السجلات الصحية والطبية المتعلقة بسكان منطقة رقان في ولاية أدرار التي كانت مسرحا للتجارب النووية الطبية، والمناطق المحيطة بها فضلا عن سجلات عين أكر بالهوقار التي جمعها الجيش الفرنسي بين عامي 1960 و 1966 وكذا التقارير الطبية التي أعدها الأطباء العسكريون الفرنسيون في جنوب البلاد من 1962 إلى غاية 1975، نظرا لأهميتها في تحميل فرنسا كامل المسؤولية في الآثار الصحية الوخيمة التي أصابت سكان هذه المناطق بسبب التجارب النووية المدمرة التي قامت بها في الصحراء الجزائرية.
وفي ندوة تاريخية نظمها المتحف الوطني للمجاهد بمقره في العاصمة حول" التفجيرات النووية وأثارها المدمرة على الإنسان والبيئة" شدد كل من البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث "فورام" وخبيرا القانون الدولي، الأستاذ الجامعي محمد محي الدين والمراقب الدولي السابق للسلام في الأمم المتحدة، أحمد كروش إلى ضرورة إقناع فرنسا بضرورة عقد جلسة تفاوضية مع الجزائر على غرار ما حدث في مفاوضات "إيفيان" من أجل معالجة كل القضايا العالقة المتعلقة بالذاكرة وبجرائم ماضيها الاستعماري وخاصة تلك المتعلقة بالتفجيرات النووية في منطقة رقان، ومنها خصوصا وبصفة عاجلة تسليم الملفات الطبية الخاصة بسكان منطقة التجارب النووية قبل وأثناء التجارب النووية وبعدها إلى جانب بطاقات مقابر المواد الإشعاعية التي ما تزال تشكل خطرا على حياة الناس والحيوان والبيئة.
وبعد أن حملوا المسؤولية كاملة لفرنسا في ارتكاب جريمة التفجيرات النووية، دعا المتدخلين الثلاثة إلى بناء منظومة دولية خالية من الأسلحة النووية وحذروا بالمناسبة من محاولة أطراف، طمس ملف التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، مشيرين في ذات الوقت إلى أن القوانين الدولية التي تمنع التجارب النووية غير ملزمة الأمر الذي جعل الدول المنتجة للنووي في راحة من أمرها على غرار إسرائيل وغيرها.  
وأثناء تدخله أكد البروفيسور خياطي بأن التفجيرات النووية الفرنسية والتجارب التي صاحبتها تشكل انتهاكا خطير للقانون الدولي الإنساني لما أحدثته و ما خلفته من آثار على الإنسان والحيوان والنبات في جنوب الجزائر، مبرزا بأن فرنسا ما تزال تحيط ملف التجارب والتفجيرات بالسرية التامة، وقال " إن المعلومات عن الآثار الصحية الناجمة عن التفجيرات والتجارب النووية الفرنسية نادرة جدا باعتبار أن الجنوب الجزائري كان يعتبر من قبل القوة الاستعمارية المحتلة، أراض عسكرية إلى غاية الاستقلال" إلى جانب ذلك يضيف فإن  الصحراء الجزائرية بقيت بمقتضى اتفاقات أيفيان خاضعة للإدارة الفرنسية إلى غاية عام 1968، فضلا عن مواصلة الجنود الفرنسيين توفير التغطية الصحية لجنوب البلاد إلى غاية سنة 1975 بموجب اتفاقات التعاون بين الجزائر وفرنسا بسبب نقص الأطباء.
وبحسب خياطي فقد تبين فيما بعد أن جميع المعلومات الطبية بما في ذلك الملاحظات التي تم جمعها من قبل العسكريين الفرنسيين موجودة في محفوظات فرنسا وذكر بأنه " بمقتضى قانون فرنسي صدر في 2008 فلا يمكن لأي باحث الاطلاع على هده المحفوظات، التي تحتوي كما ذكر على معلومات أساسية حول التحضير للتجارب النووية الفرنسية في الجزائر".
 وأثناء سرده لتواريخ التجارب الأربع الرئيسية أكد رئيس جمعية ‹› فورام ‹› أن الحلم الأكبر للرئيس الفرنسي آنذاك، شارل ديغول، تمثل في السعي لإدخال فرنسا في كوكبة القوى العظمى، المنتمية للنادي النووي، وذكر بأن التجربة الأولى حدثت في 13 فيفري 1960 على الساعة 7 صباحا و 04 دقائق على بعد 40 كيلومترا جنوبي رقان، مبرزا بأن القنبلة النووية التي تم تفجيرها هناك تقدر بثلاثة أضعاف قوة القنبلة التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية.
كما ذكر بأنه قد أعقب الطلقة الأولى ثلاثة تفجيرات أخرى  تحت مسميات الجربوع الأبيض (1 أفريل 1960) ، الجربوع الأحمر (27 ديسمبر 1960) والأخضر (25 أفريل 1961)، مشيرا إلى أن سحابة من الجسيمات المشعة ، التي نجمت عن التجربة الأولى وصلت إلى نيامي، عاصمة تشاد  وكان نشاطها 100 ألف مرة أعلى من النشاط المعتاد.
وقال أنه على الرغم من أن التفجيرات التجريبية الجوية التي تسببت في درجة عالية من التلوث لم تثن القوة الاستعمارية على متابعة تجاربها بسلسلة جديدة من التجارب الأرضية الباطنية في عين اكر قرب تمنراست، مشيرا إلى أنه ابتداء من 7 نوفمبر 1961 ، قام الجيش الفرنسي بتفجيرات ذرية في أنفاق تحت الأرض منحوتة في جبال الصحراء، في الهوقار على بعد 150 كم شمال تمنراست.
وذكر خياطي بأن عدم تحكم الفرنسيين في التجارب النووية تسبب في عواقب وخيمة على المحيط الحيوي. وقال بأنه رغم المحاولات الفرنسية للتستر على تلك الجرائم فقد تأكد اليوم أن التجربة الجوية التي أجريت في 25 أفريل 1961 واسمها الجربوع الأخضر، أن القنبلة لم تنفجر وفقا للتوجيهات وقد أدت إلى إصابة « 195 جنديا فرنسيا منهم عشرة لقوا حتفهم». وأضاف بأن الخبراء أجمعوا على أن التجربة الجوفية الثانية و اسمها " بريل" كانت فاشلة وقد تم تفجير القنبلة الذرية في 1 ماي 1962، وأن انفجارها الجوفي تسبب الانفجار الجوفي في انهيار الجبل، ما أفرز صعود سحابة مشعة في الغلاف الجوي وصل ارتفاعها 2600 متر في الجو وتم متابعة هده السحابة على مسافة لا تقل عن 600 كيلومتر وذكر بأنه تم إحصاء 17 ضحية لقيت حتفها بعد إصابتها بسرطان الدم.
وفي ذات السياق، أشار المتحدث إلى أنه في أقل من سنة من التاريخ المشار إليه، أي في 18 مارس 1963 ، تجدد الخطأ بتسرب غازات في الجو خلال تجربة نووية جديدة مخلفة نشاط إشعاعي في الهواء.
وأكد خياطي بأنه تبين ومما لا شك فيه كما قال، أن تجربة "بريل"وصفت بتشرنوبيل "1"مبرزا بأنها قد أصابت المسؤولين والجنود والمدنيين الفرنسيين الحاضرين في القاعدة بحالة من الذعر العام، وقال " إن انتشار  السحابة النووية القاتلة تسبب في كوارث حقيقية مؤكدا بأن "غاستون بلوسكي"وزير البحث العلمي والقضايا النووية الفرنسي الذي كان متواجدا في عين المكان، كان من بين ضحايا كثيرين حيث توفي بسرطان الدم في عام 1986.
كما أفاد بأن القوات الاستعمارية الفرنسية قد قامت خلال الفترة الممتدة بين نوفمبر 1961 إلى غاية فيفري 1966، قات القوات الاستعمارية الفرنسية بثلاثة عشر تجربة نووية جوفية، أربعة منها لم تحصر كما كان متوقعا، مشيرا إلى أن مجموع التجارب النووية في الجزائر قد بلغ 500 ألف طن.
استخدام 24 ألف مدني و عسكري في هذه التفجيرات
ووفقا للمصادر الفرنسية يضيف خياطي ، فقد تم استخدام 24 ألف مدني و عسكري في هذه التفجيرات دون احتساب عدد السكان في المنطقة»بينهم 6500 عسكري فرنسي و 3500 عامل جزائري تم استخدامهم في رقان كفئران تجارب، وقال بأن معظم الجزائريين تم استقدامهم من شمال البلاد حيث تم إلقاء القبض عليهم ، غالبا لأسباب تافهة (التحقق من الهوية والتشرد...) بعد أن تم إيهامهم بتوفير مناصب العمل لهم. وقد عينوا لمهام شاقة للغاية، من معرفة للأخطار التي قد تحدق بهم وبدون أدنى حماية.
وأكد بأن ذات المصادر الاستعمارية لم تحص كل المقيمين من البدو أو الرحل الذين يعيشون داخل دائرة نصف قطرها 700 كيلومتر حول نقطة الصفر خلال التجارب النووية أو التجارب الجوفية، ما يرجح بأن العدد الإجمالي للأشخاص المعرضين للأشعاعات النووية يتجاوز مليوني شخص.
واستنكر البروفيسور خياطي بأن السكان المدنيين قد تم تركهم في منأى عن أية معلومة، حيث أحيطت التجارب بسرية تامة، لم يبلغ السكان المحليين بل و لم تعطى لهم أي نصيحة أو تحذيرات أو أي تعليمات وقاية من آثار النشاط الإشعاعي.
وبخصوص سكان الهقار فذكر بأنه قد تم تجنيدهم بحجة العمل في مناجم الذهب ، و تم إغرائهم برواتب قدرها 750 فرنك في الشهر مشيرا إلى أن الجنود الفرنسيين خلال التجارب كانوايرتدون ملابس واقية في حين كان العمال الجزائريين لا يتوفرون الا على ألبستهم العادية، يتم تسريحهم أسبوعا قبل التجارب ليمكثوا في مناطق تبعد بـ 5 كم من نقطة الصفر فقط قبل أن يعودوا لعملهم بضعة أيام بعد التفجير لمواصلة حفر أنفاق الجديدة.
جزائريون استغلوا كفئران مخابر
وبحسب البروفيسور مصطفى خياطي فقد تم استخدام أغلبية الجزائريين كفئران مخابر، و لم يستثن من هذه التجارب كما ذكر، حتى بعض الجنود الفرنسيين وقال بأن رئيس جمعية قدماء التجارب النووية الفرنسيين قد أشار إلى دراسة طبية خلصت إلى أن العديد من خضعوا للتجارب، لقوا حتفهم بالفعل أوهم مرضى». وتبين أن 30 بالمائة من أصل 720 من قدامى المحاربين كانوا يعانون من مرض السرطان ، في حين أن المعدل الوطني هو 17 بالمائة لنفس الفئة العمرية، مضيفا بأن هؤلاء الجنود يعانون من أمراض السرطان خاصة في الفم والدم والجهاز الهضمي والرئتين والجلد، وأن 9 بالمائة فقط من قدامى المحاربين في صحة جيدة و لم يبلغوا عن أي مرض.» وقد أكدت شهادات من الجنود والأطباء الفرنسيين – يضيف المتحدث - استخدام السكان المحليين من قبل الجيش الفرنسي خاصة في ناحية غرداية «لاختبار تأثير الإشعاع» عليهم، حيث كان يتم وضعهم في أماكن مغطاة بالإشعاع دون وقاية، دون أن يتم التكفل بهم بعد إصابتهم بالإشعاعات.
و قد كانت الشهادات من الجانب الجزائري حسب ذات المتدخل ‘’أشد إدانة’’ بحيث أن انفجار 13 فيفري 1960 ، وما رافقه من انبعاث الغازات أدى إلى 39 حالة وفاة بين المقيمين في المنطقة، كما ظهرت في نفس المنطقة، العديد من الأمراض، إلى درجة أن لا بل إن بعض القرى أبيدت عن آخرها وقال أن جندي ألماني من اللفيف الأجنبي أدلى بشهادة أشد خطورة تشير إلى استعمال 150 سجينا جزائريا، معظمهم من المقاومة تم ربطهم حول أعمدة تقع على حوالي 1 كم من مركز الانفجار لهدف «علمي»، وقد جيء بهؤلاء السجناء من المجاهدين من عدة محتشدات، استعملوا كفئران تجارب في وقت وقوع الانفجار يوم 13 فيفري 1960.
سرطانات و إجهاضات و تشوهات بين الأطفال
وتشير دراسة قام بها خياطي إلى أنه منذ وصول الأطباء الجزائريين إلى المناطق المعرضة للإشعاع، ترددت ملاحظات تكرارية عن وجود سرطان الجلد ، وإصابات بالأعين ، مع تسجيل العديد من حالات العمى بين سكان منطقة رقان، وعدد كبير من حالات الإجهاض والنزيف عند النساء وحتى الحيوانات، كما ارتفع عدد الوفيات في أوساط النساء الحوامل إلى جانب ارتفاع عدد الأطفال المشوهين فضلا عن ملاحظات أخرى تسلط الضوء على زيادة في حالات العقم.
الحاصل أن الإشعاعات النووية الناجمة عن التجارب النووية الفرنسية حسب ما جاء في ذات الندوة، مسؤولة عن إصابات عديدة، فضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر وبولينيزيا الفرنسية، الذين لا يموتون يعانون من أمراض عديدة من بينها سرطانات الدم «، والغدة الدرقية والفم والرئتين والجلد والمياه الزرقاء ومشاكل في القلب، وهي الأمراض التي قد تنتقل بصفة وراثية إلى ذريتهم لمائة جيل آخرين.وتم بذات المناسبة التحذير من أن جميع المواد والمعدات والحيوانات المستخدمة في التجارب ، ملوثة بشكل كبير جدا، وقد تم دفنها في المنطقة تحت أطنان من الرمال قبل الرحيل النهائي للقوات المسلحة الفرنسية، وهكذا فإن خطرها لا يزال قائما، فضلا عن آثارها الضارة لعدم احترام المعايير الدولية لدفنها فالنفايات النووية، مقبورة تحت الرمال من دون أي إجراءات السلامة ، مما يشكل تهديدا دائما على حياة البرية والنباتات والبشر.
عبد الحكيم أسابع

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com