"الأمن و الحرمة" آخر ما تبقى لإغراء المصطافين بشواطىء غرب سكيكدة
لم تعد مدينة القل تغري زوارها ولا تشد اهتمامهم، بسبب عدم تحديث قدراتها و طاقاتها لاستيعاب الكم المعتبر من الأوفياء لزيارتها، حيث تعاني نقصا فادحا في مرافق الإيواء والخدمات و النظافة إلى جانب انتشار مظاهر اللامبالاة، و لم يبق سوى سحر المكان والأمن وحرمة سكانها المحافظين كآخر ما يغري الزوار.
روبورتاج : بوزيد مخبي
تتواصل مواسم الاصطياف العجاف بها ويبقى سحر المدينة وجاذبية المكان و زرقة البحر بأمواجه اللامتناهية في مدها وجزرها، تكسر صمت و هدوء المنطقة، مع تكرار فوضى الأشغال التي حولت يوميات السكان والمصطافين معا، إلى متاعب في رحلة بحث عن الإيواء و الماء و الخبز أو وسيلة نقل و قضاء وقت طويل من النهار في الانتظار والبحث عن الحاجيات الضرورية.
الذهاب نحو مدينة القل بالنسبة للمصطافين و السياح من ولايات ومدن عديدة، وحتى سكان المنطقة، يبدأ بالمعاناة مع الطريق الوطني رقم 85 ، الرابط بين القل و قسنطينة، انطلاقا من عين بوزيان، أول نقطة في جغرافية ولاية سكيكدة، بتماس مع ولاية قسنطينة، فالطريق لا يزال ضيقا ولا يتسع للكم الهائل من المركبات والعربات، والمعاناة تبلغ ذروتها مع الوصول إلى منطقة "المرايا" ببلدية تمالوس، أين يجد سالك الطريق أمامه سلسلة من الممهلات تحولت إلى حواجز إذ أنجزت بطريقة عشوائية، تهدد حياة السائقين والركاب، فضلا عن أن المسافة بين تمالوس و القل المقدرة بـ 30 كلم، تقطع في أكثر من ساعة.
و قد تسببت الممهلات في حوادث مرور وأضرار مادية معتبرة بالمحركات، أين يوجد أكثر من 60 ممهلا بين تمالوس و القل ويتسابق مستعملو الطريق نحو نقطة الحشر ببلدية كركرة، على بعد 10 كلم من القل والخروج منها يكون بعد ساعات من الانتظار في طابور طويل .
الطريق السياحي ينقذ المدينة والسباحة لم تعد بالمجان
تعيش مدينة القل، منذ بداية موسم الاصطياف، اختناقا مروريا حول شوارعها إلى طوابير لا متناهية من المركبات والعربات، تتخللها الكثير من المناوشات بين السائقين، خاصة و أن البعض لا يحترم قانون المرور، وساهم في تفاقم الوضع، عدم وجود حظائر لركن السيارات فتحولت الأرصفة إلى أماكن للركن.
هذا الوضع أدى إلى انتشار نشاط غير مرخص لحظائر عشوائية بطول كورنيش منطقة عين الدولة، أين تفرض غرامات على أصحاب السيارات دون وجه حق، وغالبا ما تنتهي بعراك ومناوشات، فيما يحتل أصحاب الأكشاك مساحات واسعة من رمال الشاطئ، بعرض طاولات وكراس للكراء و يصبح الدخول إلى الشاطئ ليس بالمجان، حيث يجد المصطافون أنفسهم مضطرين لدفع أكثر من 1000دج يوميا، مقابل ركن السيارة أو الجلوس فوق رمال الشاطئ، ناهيك عن كلفة وجبة الغداء.
يبقى الطريق السياحي المستحدث قبل موسم الاصطياف الحالي، و الممتد بين مدينة القل وشاطئ تمنارت على مسافة 12 كلم، منقذ المدينة من الاختناق المروري، حيث يسمح بتنقل المصطافين والزوار بسهولة، كما يفتح المجال واسعا للاستثمار السياحي مستقبلا ويعتبر نافذة للإطلالة على المدينة وأخذ صور بانورامية، خاصة ليلا، بوجود الإنارة العمومية على طول الطريق و تم إنجازها بأعمدة كهربائية تشتغل بالطاقة الشمسية.
الشقق والمنازل لتعويض النقص
في ظل قلة هياكل الاستقبال وتدني مستوى الخدمات، مقابل ارتفاع الأسعار وافتقار المنطقة لمطاعم في المستوى، اضطر المصطافون، لاسيما العائلات، إلى كراء شقق عند الخواص، رغم ارتفاع أسعار الكراء، فقضاء ليلة واحدة يكلف 5000 دج مع الاعتماد على النفس في إعداد الطعام.
ويبقى فندق بوقارون، الفندق الوحيد الذي لا يزال يحفظ ماء الوجه بالقل، حيث يتسع لـ 75 غرفة، منها 9 حجرات كبيرة وقاعة للحفلات، وأقدمت إدارة الفندق على جعل الأسعار في المتناول، بالاحتفاظ بأسعار الموسم الماضي، أي بقيمة 4800.00 دج لليلة الواحدة في غرفة ذات سريرين، كما عرضت إدارة الفندق أسعارا تنافسية بمناسبة شهر رمضان بقيمة 3400.00 دج لليلة في غرفة ذات سريرين، و2600.00 دج للغرفة ذات سرير واحد ، كما أن الفندق استعاد في السنوات الخمس الأخيرة، الكثير من سمعته، و أصبحت تقام به الأعراس طيلة فصل الصيف، بعد استفادته من مشروع بقيمة 25 مليار سنتيم لإعادة تهيئته و عصرنته، وفقا لمخطط الجودة والنوعية الذي سطرته وزارة السياحة، بهدف الاستمرار في تقديم الخدمات وتحسين وضعيته بعد 30 سنة من افتتاحه سنة 1982.
في حين تبقى الشاليهات السياحية المتواجدة في المنطقة السياحية بتلزة،على بعد 3 كلم عن وسط المدينة، نقطة سوداء في التسيير توارثتها المجالس البلدية المتعاقبة منذ سنوات الثمانيات، بعد إقدام البلدية على كراء 144 شاليها بطريقة غير مدروسة، و بأسعار بخسة لا تعود على خزينة البلدية بأية فائدة، بل بالعكس فإنها تحولت إلى نقمة على البلدية، خاصة وأن الكثير من الشاليهات تحولت إلى مساكن للإيواء، دون دفع مستحقات الإيجار.
وتم احتلال شاليهات بطريقة فوضوية، رغم استعادة البلدية منذ سنوات للبعض منها، إلا أنها وزعت بطريقة مماثلة لما سبق، في الوقت الذي تم صرف مبلغ 500مليون سنتيم على تجهيز 10 شاليهات منها. وتبقى السلطات المحلية بالقل تسبح عكس تيار الاستثمار السياحي، لاسيما و أن المخيمات العائلية التي كانت توفر مبالغ مالية معتبرة للبلدية، لم يعد لها أثر بالمنطقة السياحية، بالعكس فإن البلدية تخصص كل سنة مبالغ مالية من ميزانيتها، من أجل إصلاح الطريق نحو المنطقة السياحية و تجديد الإنارة العمومية وغيرها من الأشغال، دون الاستفادة من مداخيل المنطقة السياحية في شيء .
مصطافون يفتحون شواطئ غير محروسة هروبا من التلوث
أمام وجود أغلب الشواطئ في حالة سيئة و النظافة الغائب الأكبر فيها، و كذا تلوث بعضها، على غرار شاطئ عين الدولة ، القريب من وسط المدينة، أين لا يزال واد السيال يقذف بالمياه القذرة من عدة أحياء سكنية مباشرة في عرض البحر، كما أن الشاطئ يتحول كل يوم إلى مكان لتجمع قارورات المياه الفارغة و المأكولات الخفيفة، شأنه شأن شاطئ عين أم القصب، المتواجد بمدخل المدنية، الذي يعاني من وجود المفرغة العمومية بمنطقة بومهاجر التي تنفث يوميا دخانها وتنغص يوميات المصطافين، كما أن تدفق المياه القذرة من عمارات جبل الطبانة زاد من خطر تلوث مياه الشاطئ.
وأمام هذا الوضع السيئ لأغلب الشواطئ المحروسة، فإن الكثير من لمصطافين حولوا وجهتهم إلى شواطئ غير محروسة وغير مفتوحة للسباحة، مثل شاطئ "البرارك" المتواجد بمدخل المدينة، وشاطئ "كسير الباز" المجاور له، حيث تقصدها العائلات رغم صعوبة المسالك نحوها، ويبقى شاطئ تمنارت الذي يتمتع بسمعة دولية مغلقا منذ سنوات التسعينات لدواعي الظروف الأمنية، في حين تم فتحه شعبيا، في انتظار إعادة فتحه رسميا، وهو مطلب سكان المنطقة و المصطافين معا.