سليم الفرقاني و أحمد عوابدية الأعلى و البقية يخضعون لمعيار الشهرة
أجمع من تحدثنا إليهم من فناني قسنطينة على اختلاف الطبوع التي يؤدونها ، سواء المالوف ، أو الشعبي، أو البدوي ،أو السطايفي ، أو الفقيرات،أو العيساوة على أن «بورصة» تنشيط الحفلات تختلف من مطرب إلى آخر،رغم الإجماع على أن سليم الفرقاني، و أحمد عوابدية و حكيم بوعزيز، و توفيق تواتي، هم الأعلى سعرا في الأعراس و كذا الحفلات الرسمية ، نظرا لمكانتهم وحضورهم على الساحة الفنية ، وتجربتهم.
محدثونا أكدوا بأن معدل سعر تنشيط العرس في قسنطينة، لا ينزل عن 5 ملايين سنتيم و لا يتجاوز 15 مليون سنتيم، و يدخل في حساب ذلك ، عدة اعتبارات ،إضافة إلى خبرتهم و حضورهم في الساحة الفنية ، منها عائلة الفنان و المعرفة المسبقة بها ، وكذا أجواء أعراسها ، و نوعية المدعوين إليها، وهذا لأخذ « الرشق « بعين الاعتبار و الذي قد يكون سببا في تخفيض المستحقات ، وتعويضها بما يتم جمعه أثناء السهرة ، من مال لا يدخل في حساب مقابل السهرة الفنية التي يزيد من نجاحها كثافة «الرشق»، لأنه يرفع معنويات أعضاء الفرقة ، مما يجعلهم يطيلون الوصلات الموسيقية .
كان أول من تحدثنا إليه شيخ جمعية مريد الطريقة العساوية ، المطرب أحمد بن خلاف، باعتباره الوحيد الذي يحوز على اعتماد كمتعهد حفلات بقسنطينة ،من وزارة الثقافة .و بالتالي هو على علم ودراية بالأسعار المطبقة في إحياء الأعراس والحفلات العامة ، والتي تحاشى ذكرها بالأرقام ، لما قد يسببه ذلك من حساسيات، وسوء فهم من بعض زملائه، فأوضح للنصر ،بأن هذه الأسعار تتحكم فيها شهرة الفنان ومكانته وشخصيته ، وما يحيط به نفسه من إشهار و دعاية ،وكذا ما يطرحه من أقراص مضغوطة في السوق. وعن السعر الذي يتعامل به مع زبائنه ، أضاف أنه بين 5 و7 ملايين سنتيم ،و لكل أعضاء الفرقة نصيب من المبلغ إلى جانب تكاليف أجهزة تكبير الصوت ، والنقل. وقد يوافق على إحياء حفل دون مقابل ، عندما يتعلق بإدخال الفرحة على بعض الفئات من محدودي الإمكانيات ، ممن يعرفهم شخصيا أو يتصلوا به ، بينما يخضع مقابل تنشيط الحفلات العامة والمهرجانات للجدول الذي تطبقه وزارة الثقافة على جميع الزملاء.
محمد بوديدة، مطرب الأغنية الشعبية ، أوضح لنا بأن الإقبال على الشعبي في الأعراس بقسنطينة محدود جدا بل نادرا.لكنه مطلوب هو وزميله طارق ديفلي فقط في هذا الطابع ، وهذا ما جعله يطلب مستحقات شبه رمزية ، لا تتجاوز 5 ملايين سنتيم ، يقتسمها و أعضاء فرقته الخمسة و يضاف لها مصاريف أجهزة تكبير الصوت، و النقل ، مما يجعل ما يحصل عليه مجرد مصروف جيب فقط ، هذا اسهاما منه في المحافظة على النغمة الشعبية في المدينة. و أضاف بأن الأسعار تخضع للتفاوض والتفاهم إذا دعي لإحياء عرس خارج قسنطينة. و عن الحفلات الرسمية قال بأن عدد أعضاء فرقته يزيد ليصبحوا 8 أفراد و يطبق الجدول الذي تعمل به مديرية الثقافة على الكل. و استطرد قائلا: «قد تصادفنا بعض الحالات المعوزة فندخل على قلوبها الفرح دون مقابل.
في اتصال بعمار كاوة مناجير الشاب خلاص، مغني النغمة السطايفية العصرية ، أوضح هذا الأخير أن الشاب خلاص يحيي حفلات الجمعيات الخيرية، دون مقابل بل يتحمل مصاريف التنقل مع فرقته على عاتقه . ويخضع تنشيط خلاص لبقية الأعراس والحفلات للتفاوض مع الزبائن بما يتناسب ،ومكانته الفنية ، على المستوى المحلي والوطني والدولي ، مما يجعل المستحقات المطلوبة تخضع لهذا المعيار ، رافضا الكشف عن قيمتها ،لأنه يعتبر الأمر من أسرار المهنة، فيما قال أن الحفلات الرسمية يتراوح مقابل تنشيطها ما بين 40 و45 مليون سنتيم للسهرة كاملة ، وقد يزيد ذلك أو ينقص ،لاعتبارات أخرى ، حسب بنود العقد الذي يربط الفنان بالجهة المنظمة للحفل.
ا فنان النغمة البدوية في قسنطينة شرح لنا من جهته بأن سعر تنشيط العرس في ظل انعدام الدعوات الرسمية ، يخضع للتفاوض مع صاحب الفرح ، وتدخل فيه الكثير من الاعتبارات ، على رأسها بعد المسافة ، فتنشيط حفل داخل المدينة و ضواحيها لا يخضع لنفس التقييم .
خارج الولاية لا بد من توفير النقل ، وأجهزة تكبير الصوت ، وأحيانا «الديسك جوكي « في ظل قلة عدد القصابة ، وهي اعتبارات كلها تدخل في التقييم. و الأسعار لا تنزل عادة عن 5 ملايين سنتيم ، وقد تزيد عن ذلك بكثير ،بما يغطي كل المصاريف ، إضافة إلى مدخول محترم لأعضاء الفرقة ، الذين يعيش معظمهم على هذه المداخيل.
الهواوي أضاف أن الطلب كبير على فرقته ونغمة البدوي عموما ،ما يجعلهم أحيانا لا يرتاحون طوال أيام الأسبوع . مشيرا إلى أن «التبراح»يضاعف دخلهم . ورغم ذلك، يعمل محدثنا كمصلح متجول للقصع ، لضمان قوت عائلته.
للإشارة الكثير من الفنانين القسنطنيين رفضوا الخوض في موضوع ما يتقاضونه مقابل إحياء الأعراس،واعتبروه شأنا خاصا ، رغم أنهم يعدون من الشخصيات العمومية ، التي تخضع لمجهر محبيهم الذين يعتبرون بعضهم نجوما ،من حقهم معرفة تفاصيل حياتهم ، كما هو الشأن في الدول الكبرى التي يتتبع أصحاب الجرائد الصفراء فيها كل تفاصيل يومياتهم ، ولا يجد نجومهم حرجا في ذلك رغم تضايقهم من اقتفاء أثرهم من الصحافة المختصة في الحياة المشاهير. في حين يطالب من يسمون أنفسهم نجوما للفن في بلادنا ، بأجور كبار الفنانين ، في حين اعتبر آخرون الخوض في مثل هذا الحديث وقاحة وقلة أدب.
مدير الثقافة لولاية قسنطينة أوضح في اتصال هاتفي ، بأن هناك معيارا تتبعه مصالحه لتحديد مستحقات الفنانين الذين ينشطون مختلف المواسم الفنية في الولاية.مشيرا إلى أن البعض يتهمونه سرا، بأنه غير عادل ، وبمحاباته للبعض على حساب الآخر، في دفع مقابل تنشيط الحفلات ، لكنهم رفضوا ذكر هويتهم علانية. و شرح محدثنا:» لا يمكن مقارنة ما لا يقارن ، بين الجديد المبتدئ الذين نأخذ بيده لتكون هذه المناسبات فرصة لشهرته ، واخراجه من الزوايا المظلمة ، إلى نور الشهرة ، و من قضى عشرات السنين في تطوير فنه ، ومستواه الأدائي والفني ،لأن ما ندفعه يسمى مستحقات وليس أجرا، لأننا لسنا بصدد عملية تجارية ، بل نحن أمام عملية ابداع تدخل فيها معطيات كثيرة ، فالحاج محمد الطاهر الفرقاني مثلا ،لا يمكن أن تتساوى مستحقاته بمبتدئ مازال يشق طريق الفن ،ونحن نأخذ بيده ونرافقه ، وعلى هذه المواهب تثقيف نفسها ، فالشمس لا يمكن مقارنتها بالقمر ، فنصر الدين شمة المبدع في فنه ، بتطوير العود عالميا ،له ما يميزه بأبحاثه ، وفنه متفق عليه.» وأضاف فوغالي :فنان عالمي من صنف الشاب خالد لا قدرة لي على استضافته ، نظرا لما يتطلب ذلك من قدرات مالية غير متوفرة في قسنطينة ، فمعايير الجودة والابداع والتاريخ والحضور وحدها، تحدد مستحقات المشاركين في ذات المواسم الفنية». هذا ونفى دفع مستحقات الفرق الأجنبية بالعملة الأوروبية الموحدة ، وقال: «الكل يأخذ مستحقاته من الخزينة العمومية بالعملة الوطنية ، وعليه التصرف في تحويلها ، و هؤلاء الضيوف يخضع اختيارهم ، بعد دراسة سيرهم الذاتية ،والتحقق منها لشروط يحددها عقد واضح البنود وهم ممن تخصصوا في فن أصيل ، ولغة أصيلة ،وحضور دولي مميز ، حتى نأخذ من تجربتهم المميزة ، باعتبار الثقافة حق دستوري لكل المواطنين ، لأن هذه الأسماء لها تاريخ وحضور وقدرة على تقديم فن في المستوى».
ص.رضوان