تموين الثورة بدأ بالهبات قبل أن تطوره الجبهة إلى إدارة مدنية سرية
أكد مجاهدون أمس أن عملية تموين ثورة التحرير في البداية كانت تعتمد على ما كان يقدمه السكان في كل المناطق التي انتشرت بها الثورة بصفة مباشرة وعلى ما يحمله المجاهدون من الأغذية التي لا تتعرض للتلف بسهولة مثل الكسرة والأكلات الشعبية مثل الروينة والرفيس والتمور، غير أن الثورة بعد عامها الأول استطاعت، حسب شهاداتهم، إيجاد مصادر مالية مختلفة ومتنوعة معتمدة في ذلك على الشعب الجزائري من تجار ومواطنين عاديين، رغم الاضطراب الذي يحدث من حين لآخر بسبب الحصار والرقابة الشديدة التي كان الاستعمار الفرنسي يفرضها.
المجاهد محمد قنز: تضامن الشعب مع الثورة كان منسقا
وخلال تدخله في اللقاء الجماعي الـ 93 لتسجيل الشهادات الحية التي استضافت ثلاثة مجاهدين، بمقر المتحف الوطني للمجاهد في مقام الشهيد بالجزائر العاصمة، وخصصت للحديث عن مصدر ونوعية الوجبات التي كانت تقدم للمجاهدين، أكد المجاهد محمد قنز الذي التحق بصفوف الثورة سنة 1958، على مستوى القاعدة الشرقية ( المنطقة الخامسة الولاية الأولى) قبل أن ينتقل للولاية الثانية للتدريب هناك تحت إشراف المرحوم علي كافي ، أن الإمدادات التموينية لجيش التحرير كان يتولاها السكان المدنيون الذين يقومون بنقل المواد الغذائية سرا وبكميات مختلفة، إلى جنود جيش التحرير في مختلف المناطق التي كانوا يتحصنون بها في الجبال و الوهاد، فضلا عن تزود العائلات الفقيرة التي قدمت أبناءها وقودا للثورة، مشيرا إلى أن تضامن الشعب مع الثورة كان محكما ومنسقا عكس ما كان سائدا في السنة الأولى وذكر بأن تجارا معينين كانوا يقدمون اشتراكات ويزودون الثوار بمختلف المواد الغذائية التي يحتاجون إليها، ما خلق – يضيف روابط عميقة بين جيش التحرير والشعب، وذلك عن طريق مجالس محلية سرية مشكلة من أفراد الشعب تعمل على جمع المؤن المختلفة والأموال بالقرى و المداشر و الدواوير يحضرون بأنفسهم ما يحتاجه المجاهدين.وبحسب ذات المتحدث، فقد تنظم الشعب الجزائري من تلقاء نفسه وفق أسلوب فريد للمساهمة جماعيا في جمع المؤن من أسلحة وأغذية وألبسة وأدوية وإخفائها في أماكن بعيدة عن أنظار العدو، فضلا عن الاشتراكات التي كانت تصل من الخارج.وأكد المتحدث بأنه قد تم إنشاء إدارة مدنية تحت رقابة جيش التحرير تُعنى بالمسائل التموينية
المجاهد السعدي عبيد: جمع الاشتراكات والهبات كان يجري بتخطيط وانضباط محكمين
قال المجاهد السعدي عبيد، الذي التحق بصفوف الثورة التحريرية سنة 1956 بدشرة تيوال ببني معوش في ولاية بجاية، أن ثورة التحرير، تمكنت في ظرف وجيز من أن تجد مصادر مالية مختلفة ومتنوعة معتمدة في ذلك على أبناء الشعب الجزائري، الذي قال أنه لم يبخل على جيش التحرير الوطني بمساعداته المادية والمعنوية وكذا على العائلات الفقيرة والمحاصرة، مشيرا إلى أن الإدارة المدنية لجبهة التحرير قد خططت جيدا للحصول على الأموال بطرق مختلفة، من بينها الاشتراكات التي كانت تفرضها على ميسوري الحال مقابل تسليمهم وصولات تحت إشراف المسؤول المالي لكل منطقة أو ناحية.وذكر المتحدث أنه كان يشرف شخصيا على إدارة الموارد المالية التي يتولى جمعها مساعدون من المعنيين بدفعها سواء المعنيين بدفع الزكاة أو الضرائب أو التبرعات والهبات من طرف التجار والحرفيين وميسوري الحال خاصة في المدن. وذكر المتحدث، بأن المسؤولين هم من كانوا يسيرون الموارد المالية وتقسيمها على مختلف المناطق وفق احتياجاتها، مشيرا إلى أن هذه الأموال يتم إنفاقها في كل المجالات المتعلقة بالثورة، وقال أن التركيز يتم على توفير المؤن المختلفة لجيش التحرير، وتمثلت أنواع المؤن في المواد الغذائية بصفة أساسية ويمكن حصرها في القمح، الدقيق، العجائن، التمور بالإضافة إلى الزيت والسمن، فضلا عن تحديد حجم المساعدات التي تقدم للفقراء والمحتاجين في شكل إعانات وغيرها.وذكر المجاهد السعدي عبيد، بأن جيش التحرير قد قام بإنشاء مراكز تموين طبيعية في شكل مغارات أو دهاليز أو كهوف، بعيدا عن أنظار العدو وتحركاته، وكان يراعى في اختيار المراكز والمخابئ عدة شروط منها أن تكون الأرضية صلبة، وقال أن ثمة مخابئ خاصة بالمواد الغذائية وأخرى للأسلحة والذخيرة
المجاهد أحمد دوحة: فدرالية جبهة التحرير بفرنسا مساهم أساسي في تمويل الثورة
قال المجاهد والعضو الناشط في فيدرالية جبهة التحرير بفرنسا، أحمد دوحة، الذي التحق بصفوف الثورة بداية سنة 1956، أن المهاجرين الجزائريين بفرنسا، لعبوا دورا كبيرا في مؤازرة الثورة التحريرية بكل أشكال الدعم والإسناد على الرغم من الصعوبات والانقسامات التي ميزت الحركة الوطنية مع بداية الثورة، إضافة إلى القمع المسلط من قبل الإدارة الاستعمارية .وذكر المتحدث خلال الإدلاء بشهادته بأنه كان أحد المنسقين بين باقي الأعضاء في جمع الاشتراكات من العمال والتجار الذين طلبت منهم الثورة دفع الاشتراكات، وقال إذا فرنسا تسعى إلى خنق الثورة بالجبال في الجزائر، فقد تمكنا من نقلها إلى قلب فرنسا من خلال تنظيم صفوفنا تنظيما محكما من خلال أفواج ومجموعات وقال ‘’ لقد تمكنت فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا ‘’الولاية السابعة التاريخية “ كما كانت تسمى، لعبت دورا بارزا في إنجاح الثورة التحريرية، بفضل روح التضحية والإخلاص للثورة وأيضا بفضل جمع الاشتراكات الشهرية سواء من طرف ميسوري الحال أو من أفراد الجالية ‘’.وذكر المتحدث خلال ذات اللقاء الذي أشرف عليه رئيس قسم البحوث المرتبطة بالمجموعات التاريخية والثقافية، أنه تنفيذا لتعليمات قادة الثورة فقد تمكنا من تكوين تنظيم سري وقوي، عزز صفوف الثورة في الخارج والداخل وتمكنا من إبراز للرأي العام الفرنسي و الدولي وقوف كل فئات الشعب الجزائري وراء جبهته ومطالبها في الاستقلال التام عن المستعمر.
ع أسابع