الجزيرة الوثائقية تفند ادعاءات فرنسا بخصوص استسلام و خنوع الأمير عبد القادر لها
بثت الجزيرة الوثائقية مساء أمس الأول شريطا سلط الضوء على سيرة و مسار مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر، ملخصا أهم المراحل في حياته و حياة الجزائريين في القرن 19 .
الفيلم الوثائقي الذي استهل بإبراز مكانة الأمير عبد القادر و هيبته لدى الأوروبيين و الفرنسيين على وجه الخصوص، و ذلك بعرض صورة لأول نصب شّيد على شرف هذه الشخصية التاريخية و كان ذلك عام 1949 ، في الوقت الذي كانت فيه الجزائر مقبلة على حرب عظيمة ستعصف بالوجود الفرنسي الذي دام أكثر من 130عاما، حيث أظهر الشريط صورا لفرنسيين و هم يقفون احتراما أمام النصب التذكاري للرجل، الذي قالت عنه الصحافة الأوروبية أنه حارب الفرنسيين بشرف و خلدت فرنسا مقولته: «لو أنصت لي المسلمون و المسيحيون لجعلت منهم إخوة ظاهرا و باطنا»، إشارة إلى روح التسامح التي كان يتمتع بها هذا الفارس الشاب الذي تم اختياره قائدا و عمره لم يتجاوز 24 عاما، ثم تمت مبايعته كخليفة للمؤمنين لتصدق رؤيا والده الذي رآه في المنام سلطانا على العرب.
الفيلم عاد إلى حادثة المروحة لفك لغز و جذور القضية التي كانت تبدو أكثر تعقيدا من مجرّد صفعة تحججت بها فرنسا المنهكة و المفلسة بعد ثورة عنيفة، و عجزها عن تسديد ديونها تجاه الجزائر، بل تعنتها و غطرستها في رفض الاعتراف بالدين، قبل أن تعلن حربها و تتواتر مذابحها في حق العزل و كانت أولها «مجزرة العوفية» التي راح ضحيتها أفراد قبيلة بأكملها و بقرت فيها بطون النساء و مزقت آذانهن لسرقة أقراطهن و بيعها للسفير الدانماركي بساحة بابا عزون، و هي المجزرة التي أثارت غضب الأهالي بكامل ربوع الوطن، فأعدوا عدتهم لمواجهة الاستعمار الغاشم، حيث تحرّك بالشرق الباي أحمد بقسنطينة و بالغرب اختارت القبائل الفارس عبد القادر قائدا لها، لما كان يتمتع به من حنكة و رصانة، وذلك بفضل التعليم الذي تلقاه في صغره، أين حفظ القرآن و تفسيره، فضلا عن التعليم الشامل الذي ألم من خلاله بالفلسفة و الرياضيات، ناهيك عن تربيته على التراث الصوفي للشيخ ابن عربي.
و تطرّق الفيلم في حوالي 60 دقيقة إلى أهم المراحل التي مر عليها مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، بدءا ببناء جهاز عسكري قادر على مواجهة الاحتلال عددا و عدة، مرورا بأهم المعارك التي قادها، وصولا إلى حيثيات معاهدة التافنة التي جرت بينه و بين الجنرال توماس روبير بيجو، و أثر إخلال الفرنسيين و خرقهم لها، و أهمها سقوط قسنطينة.
الشريط شارك فيه عدد من الباحثين و المؤرخين منهم الدكتور محمد لمين بلغيث و الدكتور البشير المديني و الأمير جعفر الحسيني الجزائري، فقدموا معلومات و حقائق مبنية على دراسات تاريخية تحليلية، أظهرت جوانب عدة في شخصية الأمير عبد القادر، القائد المتسامح الذي حاول الشريط إنصافه من خلال تفنيد ما كتبه الفرنسيون عن استسلامه.
الفيلم سلط الضوء أيضا على المنفى الطويل للأمير و أتباعه بطولون الفرنسية، و مأساة أخرى في حياته تتمثل في عدم وفاء الفرنسيين لوعودهم له و وقوعه في فخ غدرهم و خداعهم ، بنقله نحو الإسكندرية أو عكة، كما طلب. مريم/ب