المدافئ المصنوعة محليا تلقى الرواج و مقاطعة للمنتوج الصيني
قاطع أغلبية تجار الأجهزة الإلكترومنزلية بقسنطينة المدافئ المستوردة، بسبب انعدام الطلب عليها في السنوات الأخيرة، نظرا لنوعيتها الرديئة و ما سببته من حوادث اختناقات أدت لوفاة عديد الأشخاص، فيما عاد الإقبال على المنتوج المحلي الذي يبقى مضمونا أكثر من حيث معايير السلامة و الجودة، في وقت يبقى غاز مونوكسيد الكربون أو «القاتل الصامت»، يحصد سنويا أرواح العائلات، نظرا لغياب ثقافة صيانة و تنظيف الأجهزة.
أسمـاء بوقـرن
و خلال جولة استطلاعية قادتنا إلى عدد من محلات الأجهزة الكهرومنزلية بقسنطينة، لاحظنا أن أغلبية التجار توقفوا عن بيع المدافئ المستوردة، و أصبحوا يكتفون فقط بالمنتوج المحلي بعد أن كانت في السنوات الأخيرة تعرف إقبالا كبيرا من قبل الزبائن نظرا لمظهرها الخارجي الجذاب، غير أن نوعيتها الرديئة و احتوائها على قطع غيار مغشوشة، جعل الزبائن ينفرون منها و يعودون إلى المنتوج المحلي، الذي يتميز بنوعية جيدة شكلا و مضمونا، و يتوفر على كل معايير السلامة، كما تدوم مدة صلاحيته أكثر من عقد من الزمن.
توجهنا في بداية جولتنا إلى محل لبيع الأدوات الكهرومنزلية بوسط مدينة قسنطينة، مشتهرا ببيع مختلف ماركات أجهزة التدفئة المحلية و المستوردة، غير أننا تفاجأنا بأن المحل لا يتوفر على جهاز واحد للتدفئة، و بعد الاستفسار من البائع قال بأنه بعد أن تخلى في السنوات الماضية عن بيع الأجهزة المستوردة، قرر هذه السنة التوقف عن بيعها بشكل كلي، بحجة أن الأسعار غير مستقرة و العرض أكثر من الطلب، مضيفا بأن المنتوج المحلي ك «سوناليك» المصنوع بفرجيوة، يعتبر من أحسن العلامات و يعرف إقبالا كبيرا من المواطنين إلى جانب بعض الماركات المحلية الأخرى، فيما يعرف المنتوج المستورد في السنوات الأخيرة عزوفا من قبل المواطنين، بعد أن تسببت في السنوات الأخيرة في حصد كثير من الأرواح، نظرا لاعتمادها على المظهر الخارجي، و لا تتوفر حتى على شروط الأمن و السلامة، و تحتوي على قطع غيار ذات نوعية مغشوشة و رديئة، مشيرا إلى أنه واجه عديد المشاكل مع الزبائن بعد بيع المنتوج المستورد، حيث تفاجأ أن بعضهم أعاد له المدفأة بعد استعمالها و أراد استبدالها بالقوة بأخرى محلية، بعد أن عانى من مشكلة تسرب الغاز دون معرفة سبب ذلك.
من جهته قال صاحب محل آخر بحي مريم بوعتورة بوسط المدينة، بأنه يتمتع بخبرة 21 سنة في مجال بيع مختلف أنواع الأجهزة الكهرومنزلية، موضحا بأن أجهزة التدفئة تعرف إقبالا فقط في فصل الشتاء، و عند توزيع سكنات جديدة، و المواطن لم يعد يطلب العلامات المستوردة التي كانت تعرف رواجا كبيرا في السنوات الماضية نظرا لشكلها الجذاب، و إنما أصبح يعتمد على المنتوج المحلي لتوفره على شروط الأمن و السلامة و لجودة قطع الغيار و أنابيب التوصيل الداخلية، مشيرا إلى أنه يعتمد فقط على المنتوج المحلي، و بالخصوص الأنواع التي تتوفر على فرع خدماتي في قسنطينة ، لكي يجنب الزبون عناء الانتقال إلى ولايات أخرى عند اكتشاف عطب في الجهاز أو لصيانته.
في المقابل أوضح مواطن وجدناه بإحدى المحلات يهمُ باقتناء مدفئة، بأنه سبق و أن اشترى أخرى ذات علامة تركية في العام الماضي بعد أن انتقل إلى منزل جديد، مشيرا بأنه حينها لم يكترث للنوعية بقدر مع اهتم بالشكل، و ذلك لإضفاء لمسة جمالية على ديكور المنزل، غير أنه عانى خلال الشتاء الماضي من انتشار رائحة الغاز في كل أرجاء المنزل، ما اضطره إلى صيانتها في عديد المرات، لينصحه بعدها الرصاص بعدم استعمالها لأنها قد تتسبب في كارثة حقيقية، و دله على علامات مصنعة بالجزائر، باعتبارها ذات جودة عالية و تحوي قطع غيار جيدة، مضيفا له بأن جل الأجهزة التي يقوم بإصلاحها مستوردة.
فيما أوضح آخر ، بأنه و منذ أن تم ربط منطقته بالغاز الطبيعي منذ نحو 15 سنة و هو يستعمل نفس المدفئة المصنوعة بالجزائر، و لم يواجه على مدار هذه السنوات أي مشكلة، مُكتفيا بتنظيفها كل سنة عند تركيبها أو بعد نزعها، مشيرا بأنه أصبح يعتمد على المنتوج المحلي خاصة عند اقتناء وسائل التدفئة و التسخين، لتوفرها على معايير السلامة و كذا الضمان.
مختص في الترصيص
ثقافة صيانة أجهزة التدفئـة و تنظيفهــا لا تزال غائبـة لدى المواطنيـن
مختص في الترصيص بشارع طاطاش بلقاسم «الروتيار» وسط مدينة قسنطينة، قال من جانبه، بأن المواطن الجزائري بدأ يعي في السنوات الأخيرة المخاطر الناجمة عن سوء استعمال وسائل التدفئة و التسخين، و أصبح البعض يستعين بمختصين في المجال قبل إعادة تشغيل المدفأة، و حتى في تنظيفها و إعادة توصيلها بأنابيب التهوية، بعد أن كان يقوم بنفسه بربطها بشبكة الغاز دون اخضاعها حتى للمراقبة و عملية التنظيف، و ذكر بأنه يعكف كمختص على تقديم الإرشادات لكل من يقصده لتفادي حوادث الاختناق، منها الحرص على مراقبة المدفئة و إخضاع أنابيب الغاز الموصولة بالمدفأة للاختبار بمادة الصابون، لمعرفة ما إذا كان هناك تسرب لغاز أحادي أكسيد الكاربون ، و كذا الحرص على سلامة قنوات التهوئة، و على أنها موصولة بشكل جيد، مع التأكد دائما من أن مخرج الغاز السام خال من أي شيء يتسبب في غلقه، كما أوضح بأن مهنة الترصيص لا يمكن أن يمتهنها هاو لأنها تتطلب أشخاص مختصين ملمين بمجال تخصصهم، مشيرا إلى أن سبب اختناق عديد العائلات بالرغم من أن الأجهزة سليمة يرجع إلى الاستعانة بأشخاص يدّعون أنهم رصاصون، و يقومون بوضع شبكات توصيل غير سليمة و لا تخضع للشروط اللازمة، ما ينجم عنه حوادث مميتة.
مقاطعة التجار و كذا المستهلك لأجهزة التدفئة المستوردة، تأتي عقب تسجيل عدد كبير من الوفيات في السنوات الأخيرة، نظرا للأعطاب المسجلة بها، إذ سجلت مصالح الحماية المدنية خلال سنة 2015 وفاة 123 شخصا و انقاذ 2003 آخرين من الموت، فيما تم تسجيل خلال تسعة أشهر من السنة الجارية وفاة 79 شخصا و إنقاذ 1065 آخرين بسبب الغازات المحترقة و أكسيد الكاربون، حيث أرجعت ذات المصالح سبب الاختناقات إلى غياب مواصفات الأمان في بعض الأجهزة المستعملة و عدم امتثال وسائل التدفئة للمقاييس الأمنية و كذا إلى سوء تشغيل و تركيب هذه الوسائل من قبل أشخاص غير مؤهلين، و غياب عنصر الوقاية، و هي أسباب جعلت المواطن الذي أصبحت ظاهرة الاختناق تُشكل هاجسا كبيرا له، يلجأ إلى المنتوج المؤمن الذي يتوفر على كل معايير الأمن و السلامة، التي وجدها في المنتوج المحلي.
مديرية الكهرباء والغاز بعلي منجلي
أغلب التسربــات تحصل بالعمــارات الجديـدة والبريكولاج وراء الحوادث
من جهتها حذرت المكلفة بالإعلام بمديرية الكهرباء و الغاز بعلي منجلي قسنطينة وهيبة بوحوش، المواطنين من خطورة تشغيل جهاز التدفئة قبل القيام بأشغال الصيانة و التنظيف، مرجعة سبب تزايد حالات الاختناق في السنوات الماضية إلى لا مبالاة المواطنين و عدم اكتراثهم بمدى خطورة الظاهرة، إلى جانب اقتناء مدافئ ذات نوعية رديئة، موضحة بأن ثقافة الصيانة و تنظيف الأجهزة و قنوات طرد الغازات، غائبة في مجتمعنا، حيث يقوم أغلب الأشخاص بتشغيل الأجهزة مباشرة دون تنظيفها و كذا تنظيف القنوات التي تكون في الغالب، مليئة بالغبار و بفضلات الطيور و حتى بقطع القماش التي تُسد بها عند نزع جهاز مع انقضاء فصل الشتاء، كما أن ثقافة البريكولاج تعد من بين الأسباب الرئيسية في ارتفاع معدل حوادث الاختناق، إذ يلجأ في الغالب جل الأشخاص إلى صيانتها بمفردهم غير واعين بمدى خطورة ذلك.
محدثتنا قالت بأن تسربات الغاز التي سجلتها مصالحهم حدثت في الغالب في العمارات الجديدة، بسبب إدخال تعديلات على الشقق، و القيام بتوصيلات عشوائية دون استشارة مختصين في مجال الترصيص، كما دعت المواطنين إلى الامتناع عن اقتناء المدفآت ذات النوعيات الرديئة و كذا التي لا تتوفر على مدخنة، لأنها تشكل خطرا كبيرا على صحتهم، موضحة بأن هذا النوع يصلح فقط في الأماكن المفتوحة، و على كل من يرغب في اقتناء مدفأة، تضيف، التأكد من توفر قناة التهوئة أو المدخنة، و كذا من توفرها على شهادة الضمان، بالإضافة إلى الامتناع عن استعمال الطابونة في تدفئة المنزل أو حتى في الاستحمام لأنها تشكل خطرا كبيرا لطرحها غازات سامة، و قد تكون لها نتائج وخيمة و كارثية، خاصة إذا تم تمديد أنبوب الغاز المطاطي لمسافة كبيرة تتجاوز الأربع أمتار عن قناة الغاز.
و للتأكد من سلامة جهاز التدفئة، تضيف محدثتنا ، يجب مراقبة لون الشُعلة باستمرار، بحيث إذا كان لونها يميل للاحمرار فإن الجهاز فيه خلل و الاحتراق غير كامل، و في هذه الحالة يجب إخضاعه للصيانة، أما إذا كانت الشعلة زرقاء فالجهاز سليم، كما يجب مراقبة باستمرار الفتحة الموجودة في نهاية أنبوب التهوية خاصة في العمارات، لأن في الكثير من الأحيان يتم وضع فوقها قطع قماش أو أشياء أخرى ما يتسبب في عودة الغاز السام و بخصوص جهاز تسخين الماء، حثُت على استعمال جهاز تسخين الحمام و ليس جهاز تسخين الماء، و ذلك لتوفره على قناة طرد الغاز السام، مضيفة بأنه من الواجب وضعه في المطبخ أو الشرفة، بدل الحمام، مختتمة حديثها بدعوة كافة المواطنين إلى أخذ الحيطة و الحذر من « القاتل الصامت» و تهوئة المنزل باستمرار مع ترك منافذ للهواء لتجنب الاختناق في حالة تسرب الغاز.
مديرية التجارة
المدافـئ المعروضــة في السـوق آمنــة
المكلف بالإعلام على مستوى مديرية التجارة، قال من جهته بخصوص عمليات المراقبة التي تقوم بها المديرية على الأجهزة الكهرومنزلية، بأنه و فقا للبرنامج الذي سطرته وزارة التجارة، قامت مصالحهم بتحقيق على مدار العام الجاري، شملت مختلف أجهزة التدفئة و التسخين و كذا الطابونات بالإضافة إلى مخطط ضغط الغاز، و تقوم كل شهرين بعملية مراقبة تشمل مختلف محلات بيع الأجهزة الإلكترومنزلية، يتم خلالها مراقبة شهادة الضمان وسم المنتوج و دليل الإستعمال، موضحا بأنه خلال دخول منتوج جديد للسوق يقومون أيضا بعمليات مراقبة، بحيث لم تسجل هذه السنة أي مخالفة، مشيرا إلى أن المخبر الوطني للتجارب بالعاصمة، الذي دخل مؤخرا حيز الخدمة، يعمل على مراقبة الأجهزة المستوردة أو المصنعة محليا و التي تعمل بالغاز، و لضمان منتوجات جد آمنة،و تجنب حوادث الاختناق، إذ ساهم بشكل كبير في منع دخول أجهزة التدفئة و التسخين المغشوشة.