الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

بنيامين ستورا يؤكد من قسنطينة


الهجـرة الـجزائـريـة سـاهـمت في بـنـاء الـحركـة الـوطنيـة خـلال الاسـتعمــار
أكد، أول أمس، المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا بأن تغييب المهاجرين الجزائريين في فرنسا من طرف السلطات الفرنسية دفعهم إلى الالتحاق بالحركة الوطنية، لأنها مثلت أمامهم شكلا للوجود، وأشار إلى أن التاريخ تجاهل حادثة قمع جزائريين محتجين برميهم في نهر السين سنة 1956.
وشدد بنيامين ستورا، خلال محاضرته التي ألقاها بالمعهد الفرنسي بقسنطينة، على أن متحف الهجرة الذي يرأسه، يسعى إلى محاربة النظرة النمطية المتشكلة حاليا لدى العديد من الفئات في أوروبا، والناجمة عن الشعور المنتشر بأن اللجوء بشكل مكثف إلى القارة العجوز ظاهرة غير مسبوقة في التاريخ القريب من القرن العشرين، حيث قال إن التاريخ الفرنسي يشهد على عكس ذلك، مستدلا على كلامه بالهجرة الكبرى لحوالي 500 ألف جمهوري اسباني في بضعة أسابيع فقط من سنة 1939 إلى فرنسا، فرارا من دكتاتورية فرانكو، بالإضافة إلى الهجرة الجزائرية إلى فرنسا، التي غيبتها الدراسات التاريخية، فحتى كتب التاريخ الصادرة في سنوات الثمانينيات، لم تأخذها، حسبه، بعين الاعتبار، رغم أهميتها، غاضة الطرف عن انتقال ما يقارب 300 ألف جزائري إلى تونس وحوالي 250 ألفا إلى فرنسا سنة 1956، ليتضاعف العدد إلى 400 ألف سنة 1962.
وأشار ستورا إلى وجود تقرير رسمي، حرره ميشال روكار سنة 1959، الذي شغل منصب الوزير الأول للحكومة الفرنسية في وقت سابق، قال فيه إن مليوني فلاح جزائري غادروا قراهم هربا من نير الحرب الدائرة في الجبال، وهو رقم كبير بحسب الباحث، وتسبب في وقوع نزيف للسكان إلى خارج البلاد، موضحا بأن الدراسات غالبا ما وصفتها بالهجرة الاقتصادية بحثا عن العمل، ولكنها أعمق من ذلك، رغم أن فرنسا كانت بحاجة فعلية إلى اليد العاملة، لأنها أرسلت بين سنتي 55 و56 إلى الجزائر ما يقارب مليون ونصف المليون جندي، وقد كانوا من الفلاحين والعمال البسطاء في فرنسا، ما خلق الحاجة إلى الاستعانة بالعمال الجزائريين، ليضيف الباحث بأنه من الضروري العلم بأن ظاهرة الهجرة قديمة، وحركية البشر تساهم في صنع البلدان وثقافتها وأدبها.
ولفت المؤرخ إلى نقطة هامة خلال محاضرته، وتتعلق بعلاقة هجرة الجزائريين إلى فرنسا، بالحركة الوطنية الجزائرية، فقد خرجت الأخيرة من رحم اللامرئية التي فرضتها فرنسا على هؤلاء المهاجرين، الذين بدأت جحافلهم الأولى في عبور المتوسط نحو فرنسا بين 1919 إلى غاية 1939، وقد قدروا في هذه المرحلة بمائة ألف، حيث لم تصنفهم فرنسا الاستعمارية ضمن أية خانة ثقافية أو سياسية أو اجتماعية أو مؤسساتية في إطار الهجرة، أي لم يكونوا بالنسبة إليها لا جزائريين ولا أجانب ولا فرنسيين بسبب عدم تمكينهم من الجنسية، ولا حتى رعايا استعماريين كالمغاربة وغيرهم، على حد قول المُحاضر، ولذلك لم يجد هؤلاء المهاجرون شكلا للوجود إلا عن طريق حزب نجم شمال إفريقيا، وحزب الشعب الجزائري، أي عن طريق الالتزام السياسي، حسب الباحث، بعد غياب تعريف واضح لهم، ولذلك يعتبر ستورا بأن الحركة الوطنية الجزائرية تستمد جذورها من هذه الهجرة. وعُزلت الهجرة الجزائرية في فرنسا في فضاء مكاني محدد، خلال الخمسينيات، حيث حشر الجزائريون في أحياء الصفيح، التي تحولت إلى المكان الوحيد لحركتهم، وفُرض عليهم عدم الخروج بعد الساعة الثامنة مساء، كما أن الجزائريين الوطنيين في فرنسا انتفضوا يوم 9 مارس 1956، وتعرضوا لقمع مشابه لما وقع لهم سنة 1961، ويتعلق الأمر بمظاهرة ضد قانون السلطات الخاصة الذي صوت عليه اليسار الفرنسي آنذاك، وهي غير معروفة في التاريخ، وتم رمي الجزائريين المحتجين في نهر السين، فضلا عن مظاهرة 14 جويلية 1953 في باريس، وقد كان تقليدا يساريا أن تخرج المظاهرات في هذا اليوم، ولكن الشرطة الفرنسية فتحت النار على الجزائريين المتظاهرين وقتلت 14 منهم في ساحة الجمهورية بالعاصمة الفرنسية، وقد أُخفيت هذه الحادثة أيضا بين صفحات التاريخ. وذكر الباحث أن من أسرار الهجرة الجزائرية أيضا، الاشتباك بين أنصار حزب جبهة التحرير الوطني وأنصار الحركة الشعبية الجزائرية في فرنسا بين 1956 و1962، الذي أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى، حيث سيصبح الأفلان بعد ذلك المنظمة الأولى المُحتضنة للهجرة الجزائرية في فرنسا، خلال سنوات الاستعمار، في حين يؤكد ستورا بأن كل الأحداث الكبيرة التي عاشها الجزائريون في فرنسا، خلال الفترة المذكورة، أعطتها خصوصية وطابعا خاصا، فقد أخضعت للعديد من التجارب، كما أن من خصوصياتها أيضا، الارتباط بحلم العودة لدى مهاجريها بعد الاستقلال.
اضطرابات المناخ تهدد الجزائريين بهجرة جماعية إلى الشمال
وأوضح ستورا خلال النقاش الذي أعقب المحاضرة، بأن لإنكار ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم، خلفية سياسية من الدول الكبرى المتسببة في المشاكل المناخية، مشيرا إلى أن المشاكل المناخية تهدد الدول الأقل تقدما أيضا، وهي من المسائل التي يجب التفكير فيها بشكل جدي الآن. وأضاف المُحاضر بأن الجزائر من الدول المهددة بهجرة الملايين من البشر في المستقبل هربا من اضطرابات المناخ، وعلى رأسها زحف الصحراء، وقال إنه من الصعب الوصول إلى حلول لمشكلة المناخ في العالم، في ظل تصاعد الأيديولوجيات المنغلقة في الدول الكبرى، مشيرا إلى أن التصحر الذي دفع بالمئات من الفلاحين السوريين إلى التوجه نحو المدن خلال السنوات الماضية، يعتبر من أسباب الأزمة التي يعرفها البلد حاليا، حيث سبب تغيرا في المنظومة العامة، على المستوى السياسي والاجتماعي.
سامي .ح

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com