مختصون يدعون إلى تفعيل برنامج الوقاية العالمي «رخصة الحذر»
دعا أمس أساتذة جامعيون و أطباء و مختصون في علم النفس و علم الاجتماع و ناشطون جمعويون و أئمة خلال فعاليات يوم دراسي حول العنف ضد الأطفال ، إلى تفعيل العمل بمخطط الوقاية « رخصة الحذر» الذي أقرته اليونيسف سنة 2000 و الذي انطلق العمل به في دول أوروبية و عربية، عكس الجزائر التي تأخرت في تفعيله رغم مصادقتها عليه سنة 2007، حسب ما كشفت عنه الأخصائية الاجتماعية فاطمة الزهراء بن ستار.
المشاركون في الملتقى الذي نظمته جمعية شباب الخروب الرياضي، أكدوا بأن العنف في المجتمع تجاوز الخطوط الحمراء و أصبح من الضروري ضبط آليات لمجابهته و وقف مختلف أشكاله، بما في ذلك العنف الجنسي الذي يتعرض له الأحداث أقل من 18 سنة، حيث يسجل مركز الصحة المجتمعية بالخروب حالتين كل شهر تقريبا لضحايا العنف الجنسي، ما يستدعي حسب الأخصائية الاجتماعية فاطمة الزهراء بن ستار، التعجيل في تفعيل رخصة الحذر التي تتضمن مجموعة من التوجيهات المصورة لتوعية الأطفال بالحالات و الوضعيات التي يمكن أن تجعل منهم ضحايا عنف جنسي.
و أكدت الأخصائية بأنه قد حان الوقت للتعامل مع العنف بمختلف أشكاله بجدية أكبر، حتى على مستوى الأسرة ، مضيفة بأن العنف اللفظي يعتبر أحد هذه الأنواع التي تؤثر سلبا على نفسية الإنسان و الطفل على وجه الخصوص، علما بأنه يمارس في الأسرة الجزائرية بنسبة 35 بالمئة، حسب نتائج معاينات سنوية لضحايا العنف على مستوى مركز الصحة المجتمعية بالخروب الذي استقبل منذ بداية 2016 وحتى شهر جوان الماضي 32 طفلا معنفا، من بينهم 10 ذكور و 20 إناث. بدوره أكد أخصائي علم النفس الإكلينيكي بالمركز الدكتور عمر يحيى، بأن الهيئة أحصت 20 ضحية اعتداء جنسي خلال فيفري 2016، بمعدل اعتدائين كل شهر تقريبا، ضد أطفال قصر يكونون عادة ضحايا معتدين من محيطهم القريب، إذ عولجت حالات لأطفال اغتصبوا من قبل أشقائهم و أقاربهم، و هناك العديد من الضحايا الذين تعرضوا لصدمات قوية أثرت سلبا على نفسيتهم و أصبح التعامل معها و علاجها صعبا بسبب الصدمة أولا ، وكذا تأخر الأولياء في تحويل أبنائهم المعنفين إلى مختصين لعلاجهم، بسبب ضعف ثقافة الاستشفاء النفسي في المجتمع، مشيرا إلى أن العنف الجسدي و اللفظي يمارسان بقوة في المحيط الاجتماعي الضيق للأطفال، إذ تم تسجيل ما يزيد عن243 طفلا معنفا في العام الماضي. من جهة ثانية شدد الدكتور حميد بوشوشة من كلية الإعلام و الاتصال بجامعة قسنطينة، بأن العنف في المجتمع هو نتيجة مباشرة لغياب الرقابة الأسرية على ما يشاهده الأطفال من برامج تحتوي على مشاهد عنيفة، بالإضافة إلى إيحاءات جنسية كثيرة، و استند إلى مجموعة من الدراسات الأمريكية و المصرية التي عالجت قضية علاقة العنف بوسائل الإعلام، بينت نتائجها بأن ما تبثه القنوات التلفزيونية وما يتعرض له الفرد و الطفل تحديدا، من مشاهد عنيفة يوميا، من شأنه أن يخلق لديه سلوكا مضطربا، سببه الرغبة في تقليد هذه المشاهد. و ركز البروفيسور حبيب لماحي رئيس جمعية شباب الخروب الرياضي، الجهة المنظمة لليوم الدراسي، على أن تراجع دور الأسرة، عامل أساسي في استفحال ظاهرة العنف بشكل مخيف في المجتمع، الذي أصبح يتعامل معها على أنها أمر عادي أو مسلمة من المسلمات، مع أن الواقع يوجب على الجميع تحمل مسؤوليته كل على مستواه، للحد من الممارسات العنيفة و غير الأخلاقية التي يتعرض لها الأطفال الصغار، باعتبارهم الضحايا الأوائل لهذا العنف، مضيفا بأن المسؤولية لا تقع على عاتق الأولياء فقط، بل تمتد لتشمل المدرسة و المربيين و جمعيات المجتمع المدني التي طالبها بالمناسبة، بأداء دور أكبر في مواجهة الظاهرة و الحد منها. نفس الموقف ذهب إليه ممثل مديرية الشباب و الرياضة بقسنطينة ، الذي أكد بأن العنف في الملاعب هو نتاج للعنف المجتمعي عموما، مؤكدا بأن القضاء على الظاهرة يتطلب تضافر كل الجهود على كافة المستويات مدنيا و رسميا، خصوصا و أن السنوات الأخيرة عرفت تناميا مخيفا لهذه السلوكيات التي باتت تشمل فئة واسعة من المراهقين. علما بأن آخر الإحصائيات الوطنية تشير إلى أن سنة 2016 عرفت تسجيل أزيد من 100 حادثة عنف في ملاعب كرة القدم، أدت إلى وقوع جرحى في صفوف المشجعين و حتى رجال الأمن، وهنا أشار إلى ضرورة إعادة تفعيل مخططات التأمين في الملاعب و التركيز على توفير مخارج النجدة. و أكد الأئمة بدورهم على أن العنف سلوك دخيل على مجتمعنا، و أن علاج هذا الداء الذي ينخر جسد المجتمع، يبدأ من الخلية الأولى وهي الأسرة.
هدى طابي