تحولتُ من الصحافة إلى الفن و أود الخروج من «قالب الأم»
دخلت الممثلة نسيمة بن موهوب عالم التمثيل في سن مبكرة من بوابة الإذاعة التي التحقت بها صدفة ، كما قالت، سنة 1957 فعملت بها أكثر من 40 عاما، حيث اشتغلت كمنشطة للعديد من البرامج، قبل أن تنتقل إلى قسم الأخبار و تبرز كصحفية، و بالموازاة مع ذلك كانت تمارس المسرح الإذاعي، فصقلت موهبتها الفنية و أصبحت ممثلة محترفة شاركت في العديد من الأعمال، سواء في السينما أو التلفزيون، و اشتهرت بأداء دور الأم في أغلب أعمالها، و من بينها المسلسل التليفزيوني «شفيقة» مع الممثلة جميلة عراس و سلسلة «دار دا مزيان» و غيرها من الأعمال الأخرى. النصر التقت بنسيمة بن موهوب، فتحدثت عن بداياتها المهنية و الفنية و سر حب الجمهور لها،
لاسيما بعد ظهورها في السلسلة الفكاهية «دار دا مزيان».
النصر: يعرفك الجمهور أكثـر في مجال الدراما، كيف تحولت إلى الفكاهة في سلسلة «دار دا مزيان» ؟
ـ نسيمة بن موهوب: عندما عرض علي فريق العمل المشاركة في هذه السلسلة الفكاهية التي أبعدتني عن الأدوار التقليدية التي كنت أؤديها، رفضت في البداية دون تفكير، و قلت للفريق بأن الفكاهة «خاطيني» ، لكن إذا أردتم دورا فيه البكاء و الصراخ فأنا جاهزة لذلك، فأنا أرى بأنني لا أصلح أبدا للفكاهة التي لم أتعود عليها، و وافقت في النهاية على اجتياز «الكاستينغ» و نجحت فيه، ما شجعني على قبول خوض المغامرة التي غيرت مساري تغييرا جذريا.
أتأسف لتوقف المسرح الإذاعي
كيف وجدت هذا التحول؟
ـ وافقت على تقمص شخصية فروجة، زوجة «دا مزيان» و اقتنعت بالدور لأنه كان يحمل نوعا من الجدية الممزوجة بالفكاهة، في الحقيقة لم أكن أتوقع أن ينال دوري رضا و إعجاب المشاهدين، لأنني كما قلت لكم، لأول مرة أؤدي دورا مليئا بالمواقف الفكاهية بعد أن تعودت على الدراما. السلسلة حققت نجاحا كبيرا لأنها تحكي عن واقع العائلات الجزائرية، و خلقنا كممثلين جوا عائليا حقيقيا بيننا طيلة فترة التصوير، لقد شعرت بأنني فعلا مع أفراد أسرتي. بخصوص التحول من الدراما إلى الفكاهة، أرى أنه شيء عادي ، المهم أن يتقن الفنان الدور الذي يسند إليه جيدا و يعيش الشخصية بكل جوارحه، سواء في الدراما أو الفكاهة، و لم أصادف مشكلة بخصوص الحديث بالقبائلية في سلسلة «دار دا أمزيان» وعدة أفلام أخرى، لأن جذوري من ولاية تيزي وزو ، رغم أنني أقيم في العاصمة، و تعلمتها منذ الصغر، كما أنني عملت لسنوات طويلة كمنشطة و صحفية بالقناة الإذاعية الثانية.
على ذكر الإذاعة كيف التحقت بها؟
ـ الصدفة وحدها هي التي قادتني للعمل في الإذاعة سنة 1957، كنت آنذاك طالبة و في نهاية الموسم الدراسي، فكرت في البحث عن عمل مؤقت لمدة شهرين أو ثلاثة، حتى لا أبقى حبيسة البيت لأن والداي لا يسمحان لي بالخروج دون سبب. بدأت رحلة البحث في محلات العاصمة لأشتغل كبائعة، لكن دون جدوى، ثم فكرت في إرسال طلب إلى أحد المستشفيات علني أحظى بعمل. و في أحد الأيام و بينما كنت أستمع للإذاعة ، أعلنت المذيعة نضيرة فوضالة رحمها الله، بأنها تحتاج إلى فتاة تتقن اللغة العربية لتعمل معها في برنامجها الموجه للنساء «حديقة المرأة»، دون أي تفكير أخذت ورقة و قلما و كتبت طلبا لأبعثه إلى البرنامج، و بعد أسبوع ، سمعت الرد في المذياع، و بما أن البيت العائلي لم يكن بعيدا عن الإذاعة، ذهبت مباشرة إلى البرنامج فرحبت بي المنشطة نضيرة ، و عرضت علي اجتياز اختبار صوتي، فنجحت في الاختبار، و بدأت العمل معها في نفس اليوم. فرحت كثيرا خاصة و أنني كنت أصغر المنشطات و المنشطين آنذاك، وبعدها عملت في عدة برامج أدبية وأخرى موجهة للأطفال وأخرى للنساء و غيرها، قبل أن أحوّل إلى قسم الأخبار لأقدم النشرة الإخبارية بعدما اقتنعوا بقدراتي الصوتية وإتقاني للغة العربية. بعد زواجي توقفت لفترة، و بعد حوالي 5 سنوات عدت إلى العمل الإذاعي بمساعدة زوجي، لكن هذه المرة في القناة الثانية التي نشطت فيها العديد من البرامج المتنوعة و بالموازاة مع ذلك كنت أشتغل كممثلة في المسرح الإذاعي إلى غاية إحالتي على التقاعد سنة 2000.
نفهم من كلامك أن بدايتك مع التمثيل انطلقت من الإذاعة؟
انطلاقتي الفنية الحقيقية كانت من خلال التنشيط الإذاعي، فقد كان المخرجون يستنجدون بي عندما يحتاجون إلى صوت نسائي، كنت موهوبة بشهادة الجميع، و كنت من حين لآخر أشارك في مسرحيات أو روايات إذاعية، إلى جانب عدد من الفكاهيين من بينهم المرحوم بوعرابة محند أويذير المعروف بـ «دا بلعيد «في سلسلة «أخام ندا مزيان» وسليمة لعبيدي و سعيد زعنون وأنيسة ميزاقير و جميلة وغيرهم.
و بما أن ساعات العمل في الإذاعة سواء كمنشطة أو كمقدمة برامج أو كصحفية لا تتناسب مع ظروفي العائلية، خاصة و أنني مسؤولة على عائلة و لدي أطفال صغار، قررت أن أنتقل مباشرة إلى فريق التمثيل و طلبت من المسؤولين تحويلي إلى المسرح الإذاعي، الذي تعلقت به.
الزوجة في « الدا مزيان» أول دور كوميدي في مسيرتي
ماذا عن التلفزيون و السينما؟
ـ كان العديد من المخرجين يعرضون علي المشاركة في الأفلام التلفزيونية و السينمائية عندما كنت في بداياتي الفنية في المسرح الإذاعي، إلا أنني كنت أرفض العمل خارج العاصمة أو المبيت خارج البيت، حتى لا أهمل واجباتي اتجاه عائلتي، و بعدما كبر أبنائي باشرت التمثيل التلفزيوني، لا أتذكر السنة بالضبط، لكنني أتذكر أول عمل شاركت فيه، و هو للمخرج محمد أولبصير الذي اتصل بي و عرض علي تقمص دور الأم في فيلمه المطول الأول «فاطمة» الذي يسرد حكاية عاملة نظافة يتوفى زوجها و يترك لها مسؤولية تربية أبنائها اليتامى، فكانت نموذجا للعطاء و التضحية ، بعد ذلك حصرني المخرجون و المنتجون في دور الأم الذي لا يزال يُفرض عليّ إلى غاية الآن في كل أعمالي التلفزيونية أو السينمائية.
لماذا دور الأم تحديدا؟
ـ لم أختر ذلك، فأنا قادرة على تقمص مختلف الأدوار الأخرى، لكن كل المخرجين يضعونني في إطار الأم الحنون التي تعطي بلا حدود لعائلتها، ربما يرون أنني بارعة في تجسيد هذه الشخصية، أو ربما لأن ملامحي و شخصيتي تتلاءم مع هذا الدور، لاسيما و أنني أم لسبعة أبناء و أعيش إحساس الأمومة الحقيقي.
كنت أصغر منشطة في الإذاعة
. ماذا يمثل لك المسرح الإذاعي بعد هذه المسيرة الفنية الطويلة؟
ـ أتأسف كثيرا لتوقف المسرح الإذاعي، أغلب الممثلين البارزين اليوم على الساحة الفنية لاسيما القدامى منهم، مروا من المسرح الإذاعي الذي أتمنى أن يعود في يوم ما، لقد قدم لي التكوين الصحيح و لقنني تقنيات و مهارات التمثيل ، المسرح الإذاعي يعلم الفنان و ينمي قدراته، كما أن الشخصية الدرامية في المسرح الإذاعي، تتطلب مهارات كبيرة حتى يتمكن الفنان من إيصال رسالته إلى المستمعين كما ينبغي.
ما هي مشاريعك؟
ـ هناك مشروع لعمل تلفزيوني أنا بصدد التحضير للمشاركة فيه، و هو عبارة عن سلسلة للمخرج سليمان بوبكر الذي كتب سيناريو «دار دامزيان» ، و أدى دور ابني مقران فيه، لا يمكنني الكشف عن تفاصيل العمل الجديد قبل أن يعلن عن ذلك المخرج بنفسه، أتمنى أن يحظى بإعجاب الجمهور.
سامية إخليف